مفهوم ثقافة المؤسسة والتسيير:
ليس مفهوم ثقافة المؤسسة من ابتداع العلوم الاجتماعية، فلقد انحدر من عالم المؤسسة وبشكل سريع شهد نجاحاً كبيراً، وقد ظهرت العبارة في الولايات المتحدة لأول مرة خلال السبعينات، وكان يعتقد أن موضوع ثقافة المؤسسة يسمح بالتشديد على أهمية العامل البشري في الإنتاج.
في فرنسا ظهر المفهوم في بداية الثمانينات في خطاب مسؤولي للتسيير، ومن الدال أن يشهد موضوع ثقافة المؤسسة تطوراً إزاء أزمة اقتصادية، ومن المحتمل أن النجاح الذي سجله الموضوع الثقافي عائداً إلى أن ظهوره كان يبدو وكأنه إجابة عن النقد الذي كانت تشير إليه المؤسسات، وهي في عمق أزمة تشغيل وإعادة هيكلة صناعية.
وفي مواجهة الشك كان استخدام مفهوم الثقافة يمثل حينها بالنسبة إلى مديري المؤسسات، عبارة عن أداة استراتيجية لمحاولة حمل العاملين على تماهيهم معها وعلى الانخراط في الغايات التي كانوا قد رسموها.
فكرة ثقافة المؤسسة:
فضلاً عن ذلك قد بدت أن فكرة ثقافة المؤسسة اكتسبت المصداقية، بفضل النتائج الناجمة عن الانصهارات أو عمليات المؤسسات التي تكاثر عددها في المرحلة السابقة من النمو الاقتصادي، وقد أدت عملية تصادم الذهنيات والصعوبات العلائقيةالتي نجمت عن ذلك، إلى التفكير بطريقة جديدة في اشتغال المؤسسة.
وقد تحطمت شيئاً فشيئاً الصورة التي كان يمكن أن يحملها الأجراء عن مؤسستهم بوصفها منشأة قوية ذات استمرارية، وقد اتجهت إلى الانهيار بفعل اندلاع الأزمة الاقتصادية وإعادة الهيكلة الصناعية.
يتعلق الأمر إذاً بالنسبة إلى فرق الإدارة في الزمن القديم، ذلك بإعادة الاعتبار إلى المؤسسة من خلال خطاب إنساني بهدف الحصول الحصول على الحرية في إقامة ثقافات معينة، وقد لعب الخطاب التيسسري على تعدد معاني كلمة ثقافة، ذلك رغماً عن هيمنة المعنى الأنثروبولوجي.
لكن الاستخدام الأنثروبولوجي للأثر توظيفاً هو الأكثر قابلية للنقد الثقافي، ذلك الذي يحيل على تصور للثقافة، مما يجعلها ضمن نطاق عالمي مغلق، وهذا التصور الاختزالي للثقافة يفترض أنها محددة لمواقف الأفراد وسلوكاتهم، ومن المفترض أن تفرض ثقافة المؤسسة نسق تمثلاتها وقيمها على أعضاء التنظيم.
كذلك إن ثقافة المؤسسة منظوراً إليها من هذه الزاوية ليست في نهاية الأمر، مفهوماً تحليلياً بل تلاعباً أيديولوجياً بالمفهوم الإثنولوجي للثقافة.