مفهوم كارل ماكس عن الإنسان وطبيعة الحياة الاجتماعية في علم الاجتماع:
رأى ماركس على عكس كونت، أن الإنسان متطور دائماً وأن جهوده الكامن والممكن غير محدود من حيث إمكانية تطورها، وإذا كان الإنسان الآن لا يزيد عن كونه وحشاً عاملاً فأن ذلك ليس أمراً حتمياً، ذلك أنه يمكن أن يحقق أعلى صورة من الكمال في الخلق والإبداع والفكر والفعل والإنسان خالق ظروفه، وهو نتائج لها في نفس الوقت، ورأى ماركس ضرورة التفرقة بين الحالة الراهنة للإنسان وبين ما يمكن أن يكون عليه إذا تغيرت الظروف التي يعيش فيها.
ورأى ماركس أن تطور المجتمع إنما هو نتائج للتفاعل المستمر بين الإنسان والطبيعة من خلال العملية الإنتاجية، فالإنسان حسب قوله، قد بدأ تمييز نفسه عن الحيوان بمجرد أن بدأ ينتج أساليب الحفاظ على حياته، فإنتاج وسائل الحفاظ على الحياة، أي الطعام والمسكن والملبس، إنما هو ضرورة تمليها الاحتياجات البيولوجية للكائنات الإنسانية، وعلاوة على ذلك فإن هذه العملية الإنتاجية هي المصدر المبدع لظهور حاجات وقدرات جديدة لدى الإنسان.
وعلى ذلك فإن النشاط الإنتاجي هو أساس المجتمع على المستويين التاريخي والتحليلي، والإنتاج هو أول فعل تاريخي، وإنتاج الحياة المادية شرط أساسي لكل التاريخ الإنساني ولا بدّ للناس أن يقوموا بهذه العملية الإنتاجية يومياً بل كل ساعة لكي يحافظوا على حياتهم وكل فرد في حياته اليومية يعيد في الواقع إنتاج وخلق المجتمع الذي يعيش فيه كل لحظة وهذه العملية أي عملية الخلق والإبداع هي مصدر للثبات في التنظيم الاجتماعي وأساس التغير المستمر فيه آن واحد.
وكل نوع من أشكال الإنتاج يستلزم بالضرورة شكلاً معيناً من العلاقات الاجتماعية بين الأفراد الذين يشتركون في العملية الإنتاجية، وهذه الفكرة هي التي يرتكز عليها نقد ماركس للاقتصاد السياسي والفلسفة النفعية بصفة عامة، فقد قرر ماركس أن مفهوم الفرد المنعزل إنما هو تصور خيالي من جانب الفلاسفة البرجوازيين الفرديين.
وهذا المفهوم، أي مفهوم الفرد المنعزل إنما يستخدم لكي يخفي الطابع الاجتماعي الذي يفصح عنه الإنتاج دائماً، ويرى ماركس أن علماء الاقتصاد السياسي، وخاصة آدم سميث قد أغفلوا أو شوهوا في الواقع عملية خلق الإنسان لنفسه من خلال العملية الإنتاجية وشوهوا التطور الاجتماعي الناجم عن ذلك.
ورأى ماركس أن أفراد الإنسان لا ينتجون فقد بوصفهم أفراداً ولكن بوصفهم أعضاء في شكل محدد من المجتمع، وعلى ذلك فإنه لا يوجد أي نوع من المجتمعات لا يقوم أساساً على شكل محدد من العلاقات الإنتاجية.