مقياس علم العلامات والدلالة والرموز

اقرأ في هذا المقال


يتم التركيز على مقياس علم العلامات والدلالة والرموز والذي ينقسم إلى المقاييس التجريبية المنطقية والمقاييس الاجتماعية والثقافية.

مقياس علم العلامات والدلالة والرموز

المقاييس التجريبية المنطقية

أحد مؤسسي هذه المقاييس التجريبية المنطقية أو الوضعية هو  رودولف كارناب، وبدأ أحد مؤسسي هذه المقاييس التجريبية المنطقية أو الوضعية رودولف كارناب بالقول إن المنطق بأكمله يتكون فقط من بناء جملة عامة بالمعنى اللغوي للمصطلح، وبعد ذلك وبالتوازي مع البر تارسكي تم دفعه لإضافة دلالات عامة إليها، لكن هذا لا يجعلها أيضًا تعبر حدود اللغة، وأخيرًا أظهر الحاجة التي لم تعترف بها المدرسة بأكملها، علاوة على ذلك من أجل حساب الطابع العملي للمنطق، لإكمال بناء الجملة والدلالات اللوجستية من خلال البراغماتية لكن الأمر دائمًا ما يكون سؤالًا لقواعد استخدام اللغة وليس منطق العمل.

وفي نفس الوقت في توضيح مسألة أسبقية الفعل على اللغة يذكّر قرائه بأن العمليات بقدر ما تكون ناتجة عن تبنّي الأفعال وتنسيقها تظل لفترة طويلة نسبيًا مستقلة عن اللغة، فاللغة والفكر من وجهة نظر وراثية، وكان رودولف كارناب يحمل نفس الرأي وأكد أن العمليات النقابية والترابطية هي تنسيق الإجراءات التي تتم من قبل، وإن العمليات (+ و –) وهذا يعني الارتباط والانعزال هي تنسيق بين الأفعال قبل أن يتم نقلها في شكل لفظي وبالتالي ليست اللغة هي سبب تكوينها،.

وتمد اللغة قوتها إلى أجل غير مسمى ويمنحهم قابلية تنقل وعمومية ما كانوا ليحصلوا عليها بدونها، وهذا مفهوم لكنه ليس مصدر مثل هذه التنسيقات.

وهذه هي الطريقة التي أجاب بها على سؤال مشهور وعميق صاغه عدة مرات خلال حياته المهنية، أي ما إذا كانت اللغة يمكن أن تشكل شرطًا ضروريًا لتحقيق العمليات الرياضية المنطقية دون أن تكون مع ذلك شرطًا كافيًا لتشكيلها، ولفهم إجابة رودولف كارناب على المرء أن يضع في اعتباره أن اللغة في حسابه لا يمكن فهمها إلا من خلال علاقتها بأداة سيميائية معاصرة لها مقاييس تجريبية ومنطقية، والوظيفة السيميائية والتي عرّفها السير بياجيه على أنها القدرة على تمثيل شيء ما بعلامة أو رمز أو شيء آخر.

وتبدأ الوظيفة السيميائية عندما يتم تمييز الدالات عما هو مدلول وعندما يمكن أن تتوافق الدالات مع تعدد الأشياء المدلولة، وإنها تتضمن لغة ولكنها لا تتوافق معها فهي تشمل أيضًا الإيماءات والتقليد المختلف والصور الذهنية التي ساوى فيها التقليد الداخلي واللعب الرمزي ولغة الإشارة.

وبالنسبة للسير بياجيه فاللغة والوظائف السيميائية لها أولاً وقبل كل شيء طبيعة تمثيلية تعمل على مستوى الأشياء وأفعال الفرد، وإنها الوظيفة السيميائية المسؤولة عن الانتقال من الفعل إلى التمثيل، ويتم استبدال الدلالات الحسية الحركية بدلالات رمزية تدل على أشياء ليست موجودة بالضرورة ولكن تم استحضارها.

ومن هذا المفهوم التمثيلي للغة والوظيفة السيميائية بشكل عام لا يواجه السير بياجيه أي مشكلة في إظهار أن الفكر يسبق اللغة، ويقول السير بياجيه يمكن أن نستنتج أن هذا الفكر يسبق اللغة وتقتصر تلك اللغة على تحويل الفكر في مساعدته على تحقيق أشكال التوازن من خلال تخطيط أكبر وتجريد أكثر قدرة على الحركة، والسير بياجيه يعطي مثالًا رائعًا لتقليد أفعال المرء والمسرحية الرمزية، كما يقدم السير بياجيه مثالًا مثيرًا للاهتمام حول كيفية ظهور السيميائية متشابكة ومدعومة بمقدمات معرفية وجودية.

وبالاعتماد على نظرية المعرفة السيميائية والتخلي عن الافتراضات التمهيدية طور السير بياجيه نظرية المعرفة السيميائية حيث يتم بناء المعرفة بواسطة الموضوع كنتيجة للأفعال الحسية التي تؤدي إلى وظيفة رمزية، وهذا يسمح للفرد بتقليد أفعاله السابقة والتي يتم استحضارها الآن من خلال الدلالات الرمزية، وتعتبر نظريته المعرفية الوراثية واحدة من أكثر الإنجازات شهرة في علم النفس ونظرية المعرفة، ويود علماء الاجتماع أن يقترحوا أن نظرية المعرفة السيميائية للسير بياجيه تعود إلى القرن العشرين ويعود تاريخ كتابه إلى القرن السابع عشر.

ومع ذلك يرتكز صرح السير بياجيه النظري على مفهوم محدود للغة والوظيفة السيميائية، وبالنسبة لبياجيه فإن السيميائية بشكل عام هي من مرتبة التمثيل وتبقى بالتالي آلية مرجعية للمعلمين وأفعالهم، وتناول علماء الاجتماع بعض الاتجاهات المعاصرة حيث يعتبر العقل البشري ناشئًا من اللغة، وسيسمح لهم هذا التناقض كما يآملون بالحصول على فهم أفضل لبعض العلاقات المعقدة والمتشابكة بين السيميائية ونظريات المعرفة والتعلم، وبعد ذلك سيتعاملون بشكل مباشر مع السيميائية والتعليم.

المقاييس الاجتماعية والثقافية

وعلى النقيض من مفهوم السير بياجيه للسيميائية وهو مفهوم يمنح الإشارات دورًا للوسطاء المعبرون بين الهياكل المتناغمة المزعومة للفكر والواقع، وتبنى بياجيه مفهومًا بموجبه آلية سيميائية أي الوظيفة السيميائية، تزود الفرد بالعناصر لتتجاوز الإجراءات الفعلية مع الأشياء من أجل الوصول إلى مستوى المخططات المفاهيمية للتجريد الانعكاسي، وتكتسب اللافتات مكانة دلالات الأشياء أو الأفعال، ولكن ماذا عن البعد الأنطولوجي لموضوعات المعرفة؟ فقد ناقش روتمان بإسهاب هذا البعد لنظرية المعرفة الجينية لبياجيه.

ويوضح كيف تبنى السير بياجيه شكلاً من أشكال المقاييس الواقعية السيميائية، وهنا يشير علماء الاجتماع إلى مقطع مثير للاهتمام يأتي من رد السير بياجيه على التعليقات التي قدمها رينيه ثوم أثناء مناظرة السير بياجيه وتشومسكي الشهيرة، وفي تعليقاته التي تتناول مسألة الوضع الأنطولوجي للفضاء، وتساءل رينيه ثوم عما إذا كان الفضاء هو بناء ذاتي أو شيء حقيقي هناك، وأحد أمرين: إما أن الفضاء الخارجي موجود على هذا النحو مثل الإطار العالمي الذي يتم فيه توطين كل الواقع، أو إنه مبني من عناصر غير مكانية.

وفيما يتعلق بمفهوم الفضاء يبدأ رينيه ثوم بتقديم بديل هو بالتحديد بديل يدعي إنه قد عفا عليه الزمن إما مساحة مادية بالخارج أو بناء للموضوع، وجوابهم هو على العكس من ذلك إنه إذا تم تكييف السيميائية مع الواقع فذلك لأن الموضوع في مصادره العضوية هو كائن فيزيائي كيميائي ومكاني.

ومن بين أمور أخرى ولأنه في بناء الهياكل المعرفية الخاصة به، يبدأ من المصادر العصبية والبيولوجية التي قوانينها هي قوانين الواقع، ومن ثم فإنه من خلال المسارات الداخلية المنشأ بشكل أساسي وليس المسارات الخارجية الفريدة فإن المساحة التي تم إنشاؤها بواسطة الموضوع تتلاءم مع الفضاء الخارجي، لذلك كلاهما موجود بدون تعارض ويتقارب بدون دمج.

وهذا الافتراض وجودي وهو ما يدعو السير بياجيه إلى الصورة الواقعية الميتافيزيقية، وفي المقاييس الاجتماعية والثقافية المعاصرة غالبًا ما تُعتبر العلامات وسطاء للفكر دون افتراض مع ذلك وجود علاقة مسبقة بين البنية الأنطولوجية للواقع وبين النظرية المعرفية، والآليات التي تقود الأفراد إلى معرفة هذا الواقع.

فبدون استبعاد التكوين البيولوجي المحدد للجنس البشري لا يوجد افتراض لأي توافق طبيعي بين الواقع الموجود والبناءات الذاتية له، وعلى نفس المنوال في المقاييس الاجتماعية الثقافية المعاصرة لا يتم تمكين اللغة بإمكانية فك رموز عالم يفترض أن تكون طبيعته السيميائية منذ البداية.


شارك المقالة: