ملوك الأسرة السابعة والثامنة للفراعنة

اقرأ في هذا المقال


ملوك الأسرة السابعة للفراعنة:

قامت بردية (إيبو – ور)، بتصوير حالة مصر في أواخر فترة الأسرة السادسة خير تمثيل. فقد تدمرت السلطة المركزية في البلاد وأضحت حدودها مفتوحة، وما لبثت أن وفدت جماعات كبيرة من البدو المُقيمين على الحدود وبخاصة من الشرق وأخذوا ينهبون الناس ويذيعون الذعر في النفوس.

وبدلاً من أن يقف رجال الأمن في وجه العابثين أصبحوا هم الآخرين ينهبون ويقتلون، فلا عجب إذا قامت ثورة جارفة حطمت كل شيء ولم يسلم منها مدفن أو معبد أو ديوان حكومي، وامتد غضب الشعب إلى الأثرياء فنهبوا بيوتهم وقتلوا من قتلوا وشردوا من شردوا وأصبحت الخادمات يجلسن في أماكن سيداتهن وأصبح السوقة والدهماء هم أهل الحل والعقد. فإذا ما سألنا أنفسنا عن مصير البيت المالك فإننا لا نلبث أن نقف على الجواب مما خلفه لنا مانيتون من أخبار، وما أبقى عليه الزمن من أسماء مدونة في بردية تورين وفي ثبت أسماء الملوك بأبيدوس وثبت سقارة وغيرها.

يذكر مانيتون أنه بعد انهيار الأسرة السادسة قامت الأسرة السابعة، وحكم سبعون من ملوكها مُدة سبعين يوماً، ومهما حاولنا تفسير ذلك لا يمكننا أن نجد ما نستطيع أنّ نُسميه جواباً مقنعاً، وأقرب شيء إلى العقل هو أنه ربما اجتمع سبعون من كبار الموظفين وحكام الأقاليم وكونوا من أنفسهم هيئة حاكمة يُطلق على كل واحد من أولئك السبعين لقب ملك أو حاكم، ولكن هذا النظام.

أو بمفهوم آخر هذا النوع من الحكم الذي لم يعتد عليه المصريون. لم يجد قبولاً منهم فلم يستمر أكثر من سبعين يوماً، وعلى أي حال فإنَّ أكثر المؤرخين الآن يميلون إلى القول بأن أيام هذه الأسرة انتهت في العام نفسه أي أنَّ عام (2280 ق.م.)، هو آخر حكم الدولة القديمة، هو في الوقت ذاته بداية الأسرة السابعة المنفية وعصر الفترة الأولى وأول سني الأسرة الثامنة التي حكمت (38) عاماً فقط.

ولكن الأستاذ شتوك الذي كتب رسالة خاصة عن هذا العصر يرى أنَّ عدداً من الملوك قد تولوا الحكم في الأسرة السابعة في منف ويقدم ثبتاً بأسمائهم. ولكن في الوقت ذاته، ومنذ عهد الملك الثالث منهم، بدأت عائلة مالكة جديدة في الصعيد (في قفط أو في أبيدوس)، وهي الأسرة الثامنة ومؤسسها ‎(نتر -كا – رع)، وبدأت أيضاً عائلة مالكة أخرى في إهناسيا وهي الأسرة التاسعة ومؤسسها أختوي (أوخيتي) الأول.

ولكن الرأي الأفضل الذي يجد إقبال من الغالبية الكبرى من الباحثين هو أنَّ الأسرة السابعة لم يزد حكمها في منف عن عدة شهور ثم تلتها في منف أسرة حاكمة جديدة من أحد فروع البيت المالك القديم حكموا أيضاً في منف وكان عدد ملوكها خمسة عشر ملكاً وأنهم لم يحكموا في قفط، أو في أبيدوس كما قال بعض الباحثين. أما الأسماء التي ذكرها بتري وذكرها شتوك فإنها (أو العدد الأكبر منها)، أسماء لملوك حكموا في عصور تالية، ولم يخلفوا وراءهم آثاراً إلا جعارين في أكثر الحالات كتبت عليها أسماؤهم.

ملوك الأسرة الثامنة للفراعنة:

كانت البلاد مُتجزأة العري، وكان الوجه البحري بصفة خاصة تحت رحمة عصابات البدو التي أذاعت بين أهله الذعر والخوف،‏ والتي لم تجد من يقف في وجهها. أما في مصر الوسطى والصعيد فقد كانت الحالة أفضل نسبياً إذا استقل حاكم كل منطقة بها وفرض عليها سلطانه، وفي مثل تلك الظروف يُحاول كل حاكم قوي أن يضم إليه أملاك غيره من جيرانه ويخضعهم له فيظل الناس في كرب مستمر بسبب الغارات التي يتعرضون لها ويسبب ما ينجم عن الحروب من قتل وتخريب ونهب أموال وشل للحياة العامة.

وفي أزمة هذه الحوادث أراد حاكم منف، وربما كان من نسل ملوك الأسرة السادسة أن يُعيد للبلاد وحدتها فأعلن نفسه ملكاً على البلاد وساعده في ذلك بعض حُكام الصعيد وامتنع البعض الآخر.‏ ومن المُحتمل أيضاً أنّ يكون بعض هؤلاء الحُكام قد رأى أنه لم يكن أقل من ملوك منف فادعى الملك لنفسه أيضاً. وفي خلال هذا الضباب الكثيف يُمكننا أنّ نرى بعض صور غير واضحة المعالم تماماً.

فإن ملوك الأسرة الثامنة كانوا يحكمون في منف على الأغلب، ولكنهم كانوا يعتمدون على مُناصرة بعض البيوت القوية في الأقاليم فكانوا يُصاهرونهم ويمنحونهم بعض الامتيازات وقد حفظت لنا الأيام في خرائب معبد الإله (مين)،‏ في قفط بضعة مراسيم منحها آخر ثلاثة من ملوك الأسرة الثامنة لأعضاء هذا البيت فاعتزوا بها ووضعوا صورها منقوشة على لوحات حجرية في المعبد، وأكثر هذه المراسيم لمصلحة إثنين من هذا البيت وهما ‎(شماي)،‏ الذي كان أميراً لذلك الإقليم وابنه (إيدي).

وتوجد أقسام عدد منها في المتحف الأثري المتربوليتان بنيويورك وكان منها بأسماء (واج كارع)، (خع باوو)، وأربعة من أيام (نتري باوو)، (نفر كارع)، الذي خلفه على العرش وقد أصدر هذه المراسيم الأربعة في يوم واحد، وذلك في العام الأول من توليه الملك. أصدر هذا الملك أول تلك المراسيم لتحديد الألقاب التي تمنح لابنته الكبرى (نبيت)،‏ زوجة الوزير (شماي)،‏ ويعين ضابطاً خاصاً ليكون رئيساً لحراسها وفي المرسوم نفسه بأمر الملك بناء سفينة مُقدسة للإله (مين)،‏ ويحدد أطوالها.

وفي مرسوم آخر يأمر الملك بتعيين ‎(إيدي)، خليفة لأبيه كحاكم للصعيد وأن يكون له الإشراف على الأقاليم السبعة الجنوبية ابتداءً من النوبة إلى مدينة (هو)، على مقربة من نجع حمادي. ولكن نفوذ الأسرة الثامنة لم يطل، ولا نلبث أن نرى بيتا حاكماً جديداً يتولى الملك ويجعل عاصمة ملكه في مدينة إهناسيا (نن – ني – سوت)، قديماً عند مدخل الفيوم، وهي إحدى المدن القديمة ذات الأهمية الدينية التي عرفها الناس في عصر اليونان باسم هراقليوبوليس، لأنهم ساووا بين إلهها‏ (حري شف)، ‏ومعبودهم البطل هرقل.


شارك المقالة: