قال الزبير بن بكار: روى حماد بن سلمة وابن جعدبة وبين سياقيهما اختلافٌ؛ قالا جميعاً: دخل نبي الله صلَّى الله عليه وسلم على أم سلمة وعندها رجل، فقال: “من هذا؟” قالت: أخي الوليد، قدم مهاجراً، فقال: “هذا المهاجر، فقالت: يا رسول الله، هو الوليد، فأعاد فأعادت، فقال: “إنَّكُمْ تريدون أنْ تتخذوا الْوَلِيدَ حَناناً، إنَّهُ يَكُونُ في أمتي فرعون يُقال لَهُ الوليدُ”.
من هو المهاجر بن أبي أمية المخزومي؟
هو الصحابي مهاجر بن أبي أمية بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي، كان قبل الإسلام اسمه الوليد فعندما أسلم وهاجر لقّبه رسول الله بالمهاجر، أبوه أبو أمية هو الملقّب بزاد الركب؛ لأنّه كان يتكفّل بمؤونة أصحابه في رحلاتهم، هو أخو أم المؤمنين أم سلمة، تزوّج المهاجر أسماء بنت النعمان بن الأسود ولم يذكر له عقب، هو شقيق أم سلمة زَوجة النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم-.
والدة المهاجر بن أمية عاتكة بنت عامر بن ربيعة، عندما كان يسافر مع أصحابه ورفقته كان ينفق عليهم في سفرهم وذلك من عنده، فسُمي بذلك زاد الركب، وقد ذكر سيف في الفتوح أنّ المهاجر لم يحضر غزوة تبوك، فعاد النبيُّ محمد وهو عاتب عليه، فبقيت أمّ سلمة تعتذر عنه حتى عذره وولاّه، يبدو أنّه كان لهذا العتاب بالرّغم من عفو النبي السريع أثره، فلم تذكر المراجع أنّ المهاجر تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن خليفته أبو بكر رضي الله عنه بعد ذلك.
على الرّغم من صعوبة ما تمّ تكليفه به، فقد تمّ تكليفه والياً على اليمن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما شهد حروب الردة خلال خلافة أبي بكر رضي الله عنه، قال الزّبير: شهد بدراً مع المشركين وقتل أخواه هشام، ومسعود، أنجب المهاجرُ بن أبي أمية عبيدَ الله وأمّه هند بنت الوليد بن عُتبة بن ربيعة.
قام المهاجر بن أميّة بفتح حِصْنَ النُّجير بحضرموت برفقة زياد بن لبيد الأنصاريّ، هما بعثا بالأشعث بن قيس الكندي أسيراً، فمنَّ عليه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أو حقن دَمَهُ، وقال المَرْزباني في معجم الشّعراء: قاتل أهل الردّة وقال في ذلك أشعاراً.
كما قام بإخراج الطبراني من طريق محمد بن حجر؛ قال: وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحّب بي وأدنى مجلسي؛ فلمّا أردت الرجوع كتب ثلاث كتب: كتاب خاص بي فضَّلني فيه على قومي: “بسمِ الله الرحمن الرحيم، مِن محمد رسول الله إِلى المهَاجِر بن أبي أميّة، إِنّ وائِلاً يَسْتَسْعِيني ونَوْفَلاً عَلَى الأقْيَال حَيْثُ كَانُوا مِنْ حضرموت”، بعث رسولُ الله عليه الصلاة والسلام المهاجر بن أبي أميّة إلى الحارث بن عبد كلال ملك اليمن، فوضعه رسولُ الله على صدَقات كندة والصّدف.
بعد ذلك ولّى أبو بكر المهاجر بن أبي أمية على اليمن، روى محمد بن عمر الواقدي عن أبي بكر بن عبد الله عن المهاجر قال: كان المهاجر بن أبي أُمية قد وجد عليه رسولُ الله، فكلَّم أمَّ سَلَمَة؛ فقال: كلِّمي لي رسول الله فهذا يومه عندك فأدخلته في بيت، فلمّا دخل رسول الله لم يرعه إلا مهاجر آخذ بحقوية مِنْ خَلْفِه فضحك النبي، قالت أم سَلَمة: ارضَ عنه رضي الله عنك. فرضي عنه وولاَّه صَنْعاء، فانطلق حتى أتى مكة، فبلغه أن العنسيّ قد خرج بصنعاء، فرجع إلى المدينة المدينة.
أهم ملامح شخصية المهاجر بن أبي أمية:
كان يتميّز المهاجر بن أبي أمية بالشجاعة، فقد قام أبو بكر رضي الله عنه باختياره حتى يكون من قادة الجيوش في حروب الردة، كما كان على يديه الانتصار في معركة النجير، كما كان يتّصف بالأمانة، فقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضعه على صدقات كندة والصدف.
أيضاً كان على جانب عظيم من الفصاحة وحسن الخلق، خير دليل على ذلك اختيار النبي محمد صلى الله عليه وسلم له ليكون سفيراً من سفرائه، كما لديه مواقف كثيرة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، منها تغيير الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه من الوليد إلى المهاجر، انقطعت أخبار المهاجر بن أبي أميّة عند حروب الرّدة، فلم يذكر أحدٌ سنة وفاته أو مكانها.