اقرأ في هذا المقال
في عام (1766)، بعد وفاة داعمه، الوزير الأعظم راغب باشا، أُجبر مرة أخرى على الفرار من مصر إلى اليمن، ولكن في العام التالي قيل له إن حزبه في القاهرة كان قويًا بما يكفي للسماح بعودته.
بعد استئناف عمله، قام بترقية (18) من أصدقائه إلى رتبة بك – من بينهم إبراهيم ومراد، اللذين كانا بعد ذلك على رأس الشؤون – وكذلك محمد أبو الدهب، الذي كان على صلة وثيقة ببقية مهنة علي بك.
استخدم علي بك إجراءات صارمة للغاية لقمع قطاع الطرق الذي يقوم به بدو الوجه البحري، سعى إلى حل جميع القوات باستثناء تلك التي كانت تحت سيطرته حصريًا.
في عام (1769)، جاء طلب علي بك بقوة قوامها (12000) رجل، ليتم توظيفهم من قبل الباب العالي في الحرب الروسية التركيّة (1768-1774)، ومع ذلك، فقد اقترح في القسطنطينيّة أن يستخدم علي هذه القوة عندما جمعها لتأمين استقلاله، وأرسل الباب العالي رسولًا إلى الباشا يأمر بإعدام علي.
بعد أن علم علي بإرسال هذا الرسول من قبل وكلائه في القسطنطينيّة، أمر بإلقاء القبض على الرسول وقتله، تمّ الاستيلاء على الرسائل الإخبارية وقراءتها من قبل علي أمام مجموعة من البكوات، الذين أكدوا أن أمر الإعدام ينطبق على الجميع على حد سواء، وحثهم على القتال من أجل حياتهم.
استقبلت مقترحاته بحماس من قبل البايات الذين خلقهم، أعلنت مصر استقلالها، وأمهل الباشا (48) ساعة لمغادرة البلاد، زاهر العمر، باشا عكا، الذي أُرسلت إليه المعلومات الرسمية بالخطوة التي اتخذها علي بك، وعده بمساعدته وحافظ على كلمته من خلال إجبار جيش أرسله باشا دمشق ضد مصر على التراجع.
لم يكن الباب العالي قادرًا على اتخاذ تدابير فعالة في ذلك الوقت لقمع علي بك، الذي سعى إلى ترسيخ نفوذه من خلال إرسال حملات ضد القبائل الغزيرة في كل من شمال مصر وجنوبها، وإصلاح التمويل، وتحسين إقامة العدل.
تم إرسال صهره أبو الدهب لإخضاع الهوارة الذين احتلوا الأرض الواقعة بين أسوان وأسيوط، وتم إرسال قوة قوامها (20) ألف رجل لغزو اليمن، تم إرسال ضابط يدعى إسماعيل بك مع (8000) رجل للاستيلاء على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر، وأرسل إيلسان بك لاحتلال جدة.
في غضون ستة أشهر، كان الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية خاضعًا لعلي بك، وعين ابن عمه شريفًا لمكة – الذي منحه بإعلان رسمي ألقاب سلطان مصر وخان البحرين، في عام (1771)، وبموجب هذا الإذن، قام بعد ذلك بضرب عملات معدنية باسمه وأمر بذكر اسمه في العبادة العامة.
تم إرسال أبو الدهب بقوة قوامها (30) ألف رجل في نفس العام لغزو سوريا، وتم إرسال العملاء للتفاوض على تحالفات مع البندقية وروسيا، وبتعزيزه من قبل حليف علي بك، ظاهر العمر، استولى أبو الدهب بسهولة على المدن الرئيسية في فلسطين وسوريا، وانتهى بدمشق، ولكن في هذه المرحلة يبدو أنه دخل في مفاوضات سرية مع الباب العالي والتي تعهد بها لإعادة مصر إلى السيادة العثمانيّة.
شرع في إخلاء سوريا، وسار مع كل القوات التي استطاع جمعها إلى صعيد مصر، واحتلال أسيوط في أبريل (1772) بعد أن جمع قوات إضافية من البدو، سار في القاهرة.
الخيانات التي تعرض لها علي بك:
أرسل علي بك إسماعيل بك بقوة (3000) لصد تقدمه، لكن باستين إسماعيل وقواته انضموا إلى أبو الدهب، قصد علي بك في البداية الدفاع عن نفسه لأطول فترة ممكنة في القلعة في القاهرة، ولكن تلقى معلومات تفيد بأنّ صديقه ظاهر العمر لا يزال على استعداد لمنحه اللجوء، فغادر القاهرة متوجهاً إلى سوريا في (8) أبريل (1772)، قبل يوم واحد من الحرب. مدخل أبو الدهب.
في عكا، بدا أنّ ثروة علي قد استعادت، سفينة روسية راسية خارج الميناء، ووفقًا للاتفاقية التي أبرمها مع الإمبراطوريّة الروسيّة، تم تزويده بالمخازن والذخيرة وقوة من (3000) ألباني.
أرسل أحد ضباطه، علي بك الطنطاوي، لاستعادة البلدات السورية التي أخلاها أبو الدهب الآن في حوزة الباب العالي، هو نفسه استولى على يافا وغزة، وأعطاها لصديقه ظاهر العمر.
في (1) فبراير (1773)، تلقى معلومات من القاهرة تفيد بأن أبو الدهب نصب نفسه شيخ البلد، وبهذه الصفة كان يمارس ابتزازات لم يسمع بها من قبل، ممّا جعل المصريين يطالبون بعودة علي بك.
وبناءً على ذلك، بدأ العمل لمصر على رأس جيش قوامه (8000) رجل، وفي (19) أبريل التقى بجيش أبو الدهب في مدرسة الصالحية، نجحت قوات علي في الاشتباك الأول، ولكن عندما تجددت المعركة بعد يومين، هجره بعض ضباطه ومنعهم المرض والجروح من تولي إدارة الأمور.
وكانت النتيجة هزيمة كاملة لجيشه، وبعد ذلك رفض مغادرة خيمته، تم القبض عليه بعد مقاومة شجاعة واقتيد إلى القاهرة، حيث توفي بعد سبعة أيام، بعد وفاة علي بك، أصبحت مصر مرة أخرى تابعة للباب العالي، يحكمها أبو الدهب باسم شيخ البلد بلقب باشا.
ماذا حدث لإيالة مصر والشام بعد وفاة علي بك؟
بعد ذلك بوقت قصير ، حصل على إذن من الباب العالي بغزو سوريا، بهدف معاقبة مؤيد علي بك، ظاهر العمر، وترك إسماعيل بك وإبراهيم بك نوابه في القاهرة الذين من خلال هجرهم علي في معركة الصالحية، تسبب في سقوطه.
وفاة أبو الدهب:
توفي أبو الدهب بعد أن استولى على مدن كثيرة في فلسطين ولم يعرف السبب مراد بك، أحد الفارين من الصالحية، أعاد قواته إلى مصر في (26) مايو (1775).
أصبح إسماعيل بك الآن شيخ البلد، لكنه سرعان ما دخل في نزاع مع إبراهيم ومراد – اللذان نجحا بعد فترة في إخراج إسماعيل من مصر وإنشاء قاعدة مشتركة مماثلة لتلك التي تم تجربتها سابقًا (مثل الشيخ. البلد وأمير الحاج على التوالي).
سرعان ما انخرط الاثنان في مشاجرات هددت في وقت من الأوقات باندلاع حرب مفتوحة، ولكن تمّ تجنب هذه الكارثة واستمر الحكم المشترك حتى عام (1786)، عندما أرسل الباب العالي رحلة استكشافية لاستعادة السيادة العثمانية في مصر.
حاول مراد بك المقاومة، لكن هُزم بسهولة، قرر هو وإبراهيم الفرار إلى صعيد مصر في انتظار اتجاه الأحداث، في (1) أغسطس، دخل القائد التركي سيزايرلي غازي حسن باشا القاهرة، وبعد إجراءات عنيفة، تمّ اتخاذ إجراءات لاستعادة النظام؛ تم تعيين إسماعيل بك مرة أخرى شيخ البلد وعُين باشا جديد محافظًا.
في يناير (1791)، اندلع وباء رهيب في القاهرة وأماكن أخرى في مصر، سقط ضحيته إسماعيل بك ومعظم أفراد أسرته، بسبب الحاجة إلى حكام أكفاء، تم إرسال إبراهيم بك ومراد بك، واستأنفوا حكومتهم المزدوجة، كانوا لا يزالون في مناصبهم عام (1798) عندما دخل نابليون بونابرت مصر.