نشأة التخطيط الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


التخطيط الاجتماعي كنشاط إنساني:

عُرِفَ التخطيط منذ القدم مع تطور ونمو الذكاء اﻹنساني، فتولدت لدى الفرد القدرة على التخطيط عندما تجاوز المراحل الغريزية إلى المراحل السلوكية التي تكونت معها نشاطاته الفعلية، ﻹدراك المواقف المتغيرة لحماية لنفسه من اﻷعداء.
وﻹشباع احتياجاته البيولوجية والنفسية، فزادت خبراته التي جعلته ينتفع من الموارد الطبيعية بشكل أكبر وبأساليب أفضل، وصارت الخطة الواحدة تقود ﻷخرى.
فأصبح للأنشطة اﻹنسانية المخططة والمستمرة أهمية بالغة في تنظيم شؤون اﻹنسان، والحصول على احتياجاته المعيشية، فأصبح من الشائع القول: أن اﻹنسان مخلوق مُخطّط.
وأن التخطيط هو أسلوب عادي في حياة اﻹنسان، وكانت أولى محاولات التخطيط الاجتماعي عبر اﻹصلاح الاجتماعي الذي نادى به المفكرون والمصلحون الاجتماعيون.

التخطيط الاجتماعي من منظور تاريخي:

إن أول من أدخل فكرة التخطيط هو الاقتصادي النمساوي “كريستان شويندر” في مقالة نُشرت له عن النشاط الاقتصادي، أما فكرة التخطيط بمعناها الحالي فلم تظهر إلا بعد أن بدأ الاتحاد السوفيتي استخدام التخطيط القومي، كطريق لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيه.

واستخدم علماء الاقتصاد مصطلح التخطيط قبل أن ينتشر استعماله بين علماء الاجتماع، وذلك لمعالجة قضايا النمو الاقتصادي قبل قرنين من الزمن من قبل كتاَّب الاقتصاديات الذين أطلق عليهم اسم الجاريين.
حيث أنهم كانوا يبحثون عن وسائل لتنمية اقتصاديات دول نشأت غرب أوروبا التي حققت الوحدة القومية تحت سلطة ملكيات حرّه، دون تحقيق قضاء كامل على نظام اﻹقطاع.
أما الاهتمام بالتخطيط في دراسات علم الاجتماع، فقد ظهر حديثاً، حيث ظل علماء الاجتماع يركزون على دراسة موضوعات معينة ما يَقرب من قرن ونصف ﻷهداف أيدولوجية وسياسية خالصة.
منها دراسة النظام الاجتماعي والتساند الوظيفي بين أجزاء النظام الاجتماعي، لكن وقوع المجتمع اﻷوروبي في أزمات اقتصادية واجتماعية بعد اﻷزمة الاقتصادية في الثلاثينات، أدت إلى ظهور بعض علماء الاجتماع الذين اهتموا بدراسة هذه المشكلات وإيجاد حلول لها.

وهناك عالم الاجتماع “لويس ويرت” الذي اهتم بالتخطيط، والذي حاول في كتابه “التخطيط يعني الحرية”، دراسة العلاقة بين ما سماه ديمقراطية الهدف وديمقراطية الوسيلة.
أي أن التخطيط في نظره يجب أن يترجم حاجات المجتمع وطموحاته، ولكن وضع هذه اﻷهداف موضع التطبيق يجب أن يتم بوسائل ديمقراطية، وذلك بتأكيده على مفهوم الحرية اﻹنسانية.


شارك المقالة: