اقرأ في هذا المقال
- نشأة تطور علم الاجتماع عند إميل دور كايم
- كيفية مواجهة التأثيرات التي تمثلت في التيارات الثلاثة عند دور كايم
نشأة تطور علم الاجتماع عند إميل دور كايم:
ابتعد دور كايم على العكس عن ابن خلدون وأوجست كونت، اللذان انخرطا في العمل السياسي بشكل آخر، عن مثل هذا العمل.
حيث قضى دور كايم أغلب سنين حياته وهو يحاضر ويجري الأبحاث في جامعة السوربون، مما أكسبه صفات أكاديمية رصينة في فكره وفي حياته، مما ساعدته على أن يقدم إسهامات فكرية لها أهمية مستمرة لعلم الاجتماع بشكل عام، وللنظرية الاجتماعية بشكل خاص.
فقد استطاع بجهوده العلمية الرصينة هذه أن يتجاوز التفكير عند كونت، وأن يبعد علم الاجتماع عن تأثيرات كل من علمي النفس والأحياء، وقد كان الميدان الاجتماعي في هذه الفترة مسرحاً للتأثيرات الفلسفية، البيولوجية، النفسية، وهي تأثيرات عملت على إعاقة استقلال العلم، وحصوله على ميدان مستقل للدراسة.
كيفية مواجهة التأثيرات التي تمثلت في التيارات الثلاثة عند دور كايم:
- تيار المدرسة النفسية: وهو تيار تزعمه العالم جبرائيل تارد، الذي وقف موقفاً متشدداً من نشوء علم الاجتماع، باعتباره علماً مستقلاً له ميدان خاص به، فقد كان تارد مقتنعاً أن علم النفس يستطيع دراسة المجتمع، طالما أن المجتمع كما كان يدعي، هو مجموعة من الأفراد، وطالما أن الأفراد يدرسون من قبل علم النفس فإن المجتمع يمكن أن يدرس من قبل عالم النفس أيضاً.
وقد عمل دور كايم في رده على مزاعم هذا التيار على توضيح طبيعة الظاهرة الاجتماعية، وشدد على أن هذه الظاهرة لا تدرس من قبل علم النفس، إذ أنها تختلف في جوهرها عن الظاهرة النفسية، مما يستدعي قيام علم جديد يتخصص في دراستها. - تيار المدرسة النفعية: نظرت المدرسة النفعية إلى المجتمع نظرة فردية خالصة، فبدا المجتمع وكأنه يتألف من أفراد يتحركون لتحقيق مصالحهم الخاصة، وحين يلتقون فإنما يفعلون ذلك لتحقيق هذه المصالح أيضاً، أما الأخلاق فقد نظر إليها على أنها أخلاق فردية، تختلف من فرد إلى آخر دون استقلالية لهذه الأخلاق عن الأفراد.
حيث رفض دور كايم هذه التحليلات، وأوضح أن المشاعر الأخلاقية تنشأ عن تفاعل الأفراد، ولكنها تتحول فيما بعد إلى اتفاقات مشتركة ملزمة لهؤلاء الأفراد. - الاتجاه البيولوجي: عمل هذا الاتجاه الذي تزعمه هربرت سبنسر على تقديم نظرية فلسفية تدمج المجتمع في النظام الطبيعي العام، حيث يبدو المجتمع وكأنه كائن بيولوجي، ينطبق عليه ما ينطبق على الكائنات البيولوجية الأخرى الموجودة في الطبيعة.
وقد عمل دور كايم على مواجهة هذا التيار أيضاً، فأوضح بأن الظاهرة الاجتماعية من طبيعة خاصة، فهي في جوهرها من طبيعة عقلية، ﻷنها مجموعة من الاتفاقات المشتركة، التي تدرس من خلال منهج يتناسب وطبيعتها الخاصة، وهو منهج يختلف عن ذلك المستعمل في العلوم البيولوجية.