نشأة علم الاجتماع الطبي:
إن للتطور العلمي والتكنولوجي أثر كبير وملموس في تطور العلوم جميعها مما انعكس على علم الاجتماع العام وبالتالي على علم الاجتماع الطبي لا سيما أن هذا العلم وهو علم الاجتماع الطبي، علم جديد ضمن فروع علم الاجتماع العام وجزء من العلوم الإنسانية البحتة.
ونظراً لعدم ثبات وتفاوت الآراء حول النظرة الشائعة والشمولية، أو الخصوصية لهذا العلم لأنه متأرجح بين اليمين والشمال حسب البيئة الاجتماعية والتأثيرات الجانبية للمجتمع التي تؤثر مباشراً أو غير مباشر، مثل الجوانب السياسية والاقتصادية والبيئية والطبيعية منها والاجتماعية، ولمواكبة التطورات في الجوانب العلمية والتكنولوجية فقد تطور البحث والدراسة في مجال العلوم الاجتماعية وخاصة علم الاجتماع الطبي.
لقد كان هناك محاولات ولو بسيطة عند العرب والمسلمين في القرن التاسع عشر في تطبيق دراسات وأبحاث ونظريات علم الاجتماع الطبي في مجالات بسيطة وهي سلوك الإنسان والحياة اليومية وبعض الدراسات الاجتماعية المتصلة بالصحة والمرض ومتأثرين بتعاليم الإسلام.
مع أن الظواهر الطبيعية البيئية مثل الماء والهواء والكائنات الدقيقة الحية، مسبباً رئيسياً للأمراض الفتاكة وخاصة المعدية منها السل والطاعون فإن مجالات الصناعة الحديثة والتفاعلات الكيماوية الناتجة من الصناعة أصبحت مسبباً أكثر فتكاً بالإنسان من المسببات البيئية فهي تسبب السرطان، ونمط الحياة الصعبة يؤثر تأثيرات نفسية، وبالتالي نتيجة الضغط النفسي جاءت أمراض الأعصاب والجلطات وأمراض القلب، ونظراً للاختلاف في المناخ والطقس من فصل إلى فصل فإن لكل فصل أمراضه الخاصة به التي تؤثر في الإنسان لاختلاف الظواهر الطبيعية من فصل إلى فصل خلال العام في البيئة الواحدة.
علم الاجتماع الطبي في فترة الستينات والسبعينات:
تقدّم علم الاجتماع الطبي في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ونشطت الأبحاث للحاجة المُلحة جداً للمجتمع وربط القضايا الاجتماعية بقضايا الصحة والمرض، وارتباط الصحة والمرض في القضايا الاجتماعية.
وأصبحت الدراسات والبحوث تدرس حالة المجتمع بكامله ومن ثم تدرس الحالة السلوكية والاجتماعية للفرد من خلال دراسة المجتمع؛ لأن المجتمع يعكس سلوك الأفراد المكونين للمجتمع أي تحول النظرة الفردية للإنسان إلى النظرة الجماعية للمجتمع، وتم التركيز على دراسة الأوبئة والأمراض المستعصية والأمراض الاجتماعية بشكل خاص في القرن العشرين كدراسة منظمة وعلمية علماً، إن هذه الدراسات قد بدأت في نهايات القرن التاسع عشر واستمرت في القرن العشرين ولا زالت.