عبور المرابطين للأندلس
بعدما وافق المعتمد بن عباد على تسليم الجزيرة الخضراء للمرابطين، أمر يوسف بن تاشفين بالتجهز من أجل إغاثة الأندلس، وقام بفتح باب الجهاد، وأمر بخمسمئة فارس من أجل أن يشغلوا مقدمة للجيش، وتوافد الفرسان الشجعان لمدينة الجزيرة الخضراء وتم تشييد معسكر للفرسان وقاموا بحماية الجزيرة الخضراء من كل جهة وكانت كتيبة الفرسان بقيادة داود بن عائشة.
عبرت قوافل المجاهدين البحر باتجاه الأندلس، وركب معهم القائد الشجاع يوسف بن تاشفين وبدأ بالدعاء قائلًا: «اللهم إن كنت تعلم أن جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين فسهل علي جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعبه علي حتى لا أجوزه».
أمر يوسف بن تاشفين قادته بإحضار الأبل من المغرب إلى الأندلس عبر الصحراء من أجل استخدامها في حملته العسكرية، ودخلت الأبل إلى الأندلس وقد اكتظت الأرض فيها، وبدأ رغائها يعلو في السماء، مما نشر الرعب والذعر في قلوب الأعداء، فلم يكن أهل الجزيرة شاهدوا جمال من قبل، ولم تراها ولا تسمع صوتها خيولهم من قبل، فقد كان يوسف ين تاشفين عنده الذكاء بما يكفي ليتمكن من الأعداء وينتصر عليهم، فعندما شاهدت خيول الأعداء الجمال بدأت بالابتعاد عنها.
نصرة المرابطين للأندلس
اكتملت قوات المسلمين التي قدمت من البر ومن البحر، واقتربت من أرض المعركة، وكانت القوات المسيحية تقوم بالإغارة على المدن الأندلسية وتحدث فيها الخراب ومن ثم ترجع لقائدها ألفونسو، أمر القائد يوسف بن تاشفين بتحصين مدينة الجزيرة الخضراء، وتزويدها بالعتاد والذخيرة والطعام، ووضع حراسة مشددة عليها لتكون قاعدتهم العسكرية ونقطة الوصل بين الأندلس والمغرب.
وصل خبر قدوم القوات المرابطة وعلى رأسهم يوسف بن تاشفين للمعتمد بن عباد، والذي قام بإرسال ابنه من أجل استقبال يوسف بن تاشفين، وقد كان هو منشغلًا بتجهيز جيشه، والذي أمر الجيش بالانضمام لجيش المجاهدين، توجه المعتمد بن عباد هو وجيشه حتى وصلا إلى معسكر المرابطين، وهناك التقى بالقائد يوسف بن تاشفين، طلب منه المعتمد بن عباد أن يذهب لمدينة إشبيلية من أجل اخذ قسط من الراحة بعد السفر إلاّ أنه رفض ذلك وقال: «إنما جئت ناويًا جهاد العدو، فحيثما كان العدو وجهت نحوه».
بدأت جيوش ملوك الطوائف تنضم تحت راية ابن تاشفين من أجل إنقاذ الأندلس من الضياع، ومن أجل نصرة المسلمين، ووصلت لمدينة الجزيرة الخضراء والتي كانت القاعدة العسكرية والحصن الآمن للقوات الإسلامية، وكان يترأس الجيش القائد يوسف بن تاشفين، والذي قام بتنظيم صفوف الجيش وإعادة ترتيبها، وقسم الجيش إلى معسكرين، معسكر للمرابطين ومعسكر للأندلسيين، وكان قائد قوات الأندلس المعتمد بن عباد، وقائد قوات المرابطين يوسف بن تاشفين.
توجه جيش المسلمين من أجل ملاقاة جيش العدو، وقبل ذلك وصل مدينة بطليوس وقام حاكمها المتوكل بن الأفطس باستقبالهم وقدم لهم المؤن اللازمة، استمر الجيش بالتقدم حتى وصل إلى سهل يقع شمال بطليوس، على حدود البرتغال، والذي ذُكر بالمصادر الإسلامية باسم الزلاقة ويطلق عليه الأسبان اسم ساجراس (Sagrajas).
وصلت أخبار قدوم جيش المسلمين للإمبراطور ألفونسو السادس، والذي كان يحاصر مدينة سرقسطة، والذي قام برفع الحصار عنها، وتجهيز القوات العسكرية والخطط اللازمة من اجل التصدي لجيش المسلمين، بعث خبر إلى جميع الممالك المسيحية يطلب العون، وحضر إليه دعمًا كبيرًا، بعدما حشد الجيوش وجهزها، اتجه ألفونسو إلى نهر يانة وهو المكان الذي تواجه فيه الجيشان، سار ابن تاشفين على السنة النبوية على خُطى نبينا محمد علية الصلاة والسلام، وبعث رسول لألفونسو يخيره بالدخول للإسلام أو الالتزام بدفع الجزية أو القتال .
كان متعارف في ذلك الوقت تحديد زمن المعركة، وصل ألفونسو أرض المعركة في (رجب من عام 479 هـ – أكتوبر عام 1086)، وفي صبيحة يوم الخميس أرسل ألفونسو اقتراح أن تكون المعركة يوم الإثنين، وكان المسلمون على دراية وحنكة وافقوا على ذلك ولكنهم توقعوا أن يكون تحديد الوقت هو خديعة للمسلمين، وأن الإعداء لن يلتزموا باليوم الذي حددوه، وبذلك اتخذوا التدابير اللازمة، ووضعوا عيونهم في كل مكان، ولم يلتزم الأعداء بالتوقيت الذي وضعوه، ودارت معركة حامية الوطيس وهي معركة الزلاقة، خسر الطرفان فيها خسائر فادحة، ولكنها انتهت بانتصار المسلمين، ويُذكر أن المعركة استمرت يوم واحد فقط.