نظريات عن الأيديولوجيات عند ماركس في علم الاجتماع:
يحدد ماركس موقع الأيدولوجيا، كمجموعة من الأفكار المسيطرة التي يحملها المجتمع أو فئة اجتماعية، في إطار البنى الفوقية للمجتمع، وهي مشروطة بالإطار الاقتصادي وتكوّن انعكاساً له، وهكذا فإن البرجوازية الصاعدة قد تمنت الحرية وحقوق الإنسان والمساواة في الحقوق ضمن إطار صراعها ضد النظام السابق، وهي تميل إلى أن تحول إلى قيم كونية ما ليس سوى تعبير عن مصالحها الطبقية.
لدى ماركس أيضاً عن الأيدولوجيا كاغتراب، والتعبير مأخوذ عن الفيلسوف لودفيغ فيورباخ، مؤلف كتاب، جوهر المسيحية، يرى فيورباخ أن الدين إسقاط في سماء الأفكار آمال الناس ومعتقداتهم، فهم قد خضعوا تلقائياً للاعتقاد بالوجود الحقيقي للآلهة التي ابتدعوها، ويستعيد ماركس هذه الفكرة الدين “أفيون الشعوب” وسينقلها فيما بعد إلى تحليل السلعة.
استعاد عناصر التحليل هذه وطورها عدة باحثين ماركسيين (أنطونيو غرامشي، جورج لوكاتش، كارل مانهايم، لوي ألتوسير)، وأشار باحثون غير ماركسيين إلى القوة الاستكشافية لبعض التحليلات، وهكذا عندما تكلم ريمون بودون عن تأثير الموقع كي يوضح كيف يتيح موقع الفرد الاجتماعي منفذاً له إلى بعض جوانب الواقع، لكن يجعله أعمى عن أخرى، فهو لا يفعل سوى استعادة أطروحة لماركس.
في بعض نصوص ماركس، تختصر الدولة إلى دور وسيط مباشر وفظ، إنها أداة في يد الطبقة المسيطرة البرجوازية موجّهة للتحكم على طبقة البروليتاريا، ترجل الدولة الشرطة والجيش من أجل إخضاع العصيان الشعبي، ويكون القضاء والقانون في خدمة الأقوياء والملكية الخاصة، التحليل تنقصه الدقة، ويجب القول أنه كتب هذا عام 1848 في فترة كان القمع الشديد ينهال على الشعب المتمرد، وفي نصوص أخرى سيعدل ماركس تحليله، فلكي تضمن نفوذها، تعهد البرجوازية إلى الدولة إدارة مصالحها العامة، لكنها الدولة تستفيد من استقلالية معينة، وهكذا تعلوا في بعض الأحيان فوق الطبقات، كي تعيد بناء وتكوين نظام اجتماعي مهدد.
هذه الأطروحات المتباينة وأحياناً المتناقضة حول طبيعة الدولة، من حيث هي أداة حيناً ومستقلة حيناً، ستسبب توتراً للشرّاح الماركسيين، فعلى سبيل المثال، كيف نفهم وجود الدولة الضامنة (الراعية) في البلدان الغربية، لقد انتقد الباحثون الماركسيون بشكل متزايد النظرة الأداتية إلى الدولة كي يقبلوا استقلاليتها النسبية، وبجعله من الدولة آلة للهيمنة، بنية فوقية في خدمة نظام اقتصادي، فقد أبى ماركس بحسب كلود لوفور، أن يتصور استقلالية السياسي، وبشكل خاص طبيعة الأنظمة الديمقراطية أو الشمولية.