نظرية التبادل الاجتماعي عند جورج هومانز:
لقد اتصلت نطرية التبادل الاجتماعي باسم كل من جورج هومانز، وبيتربلاو، وريتشارد إمرسون، ثم بعد ذلك كارن كوك، وقد انطوت نظرية التبادل في حالة جورج هومانز بصورة خاصة على امتناع النظريات التي تثبت على أن هناك بناءات تتشكل خارج الفرد، ولذلك فقد رفض أفكار دور كايم حول مبدأ الانبثاق، ووجهة نظره في علم النفس، الذي حصره في دراسته للظواهر الداخلية، وكذلك منهجيته في التفسير.
كما استنكر جميع المحاولات التي اتخذت من أفكار دور كايم، مثل الدوركامية الجديدة المتمثلة بأعمال شتراوس، التي تعتمد على الكليات وميلها إلى اعتبار الفرد ليس ضرورياً، كما خاض معركة فكرية حامية مع البنائية الوظيفية موجهاً انتقاداته لفكرة المؤسسات.
يشرح جورج ريتزر، “لقد استنكر هومانز أي فكر ينكر الفرد أو يعتبر أن ثمة بناءات أو كيانات قائمة خارجية، كما امتنع عن أية محاولة لا تستند على أصول سيكولوجية، ولذلك عندما صاغ قضايا التبادل كان حريصاً على إظهار أنها سيكولوجية لاعتبارين، الأول أنها غالباً ما تختبر إمبريقياً من قبل علماء النفس، والثاني، الأكثر أهمية هو المستوى الذي تتعامل فيه مع الفرد داخل المجتمع”.
وهكذا، اعتبر هومانز اختزالياً، حيث سعى إلى كشف أن قضايا علم الاجتماع تنبع منطقياً من قضايا علم النفس، ولكن ينبغي التذكير بأن هومانز لم يتعامل مع الأفراد كذوات منعزلة، إنما أدرك حقيقة التفاعل بينهم، ولكنه أراد توضيح السلوك الاجتماعي كتبادل للنشاط سواء كان مادي أم غير مادي، مُجدي أم مكلف بين فردين على الأقل.
أراد هومانز في كتابة الأشكال الأولية للسلوك الاجتماعي، أن يجيب على تساؤلين مركزيين فيما يتعلق بتحليله لمفهوم القوة، الأول كيف يحصل الكائن الحي على السلطة؟ والثاني، تأثيرات سلطته على من يخضعون له، ويعرف السُّلطة بأنها تشير إلى التفاضلات والتفاوت بين الأعضاء في كمية التأثير الذي يمكن ممارسته، وكلما زاد عدد الأفراد الذين يمتلك فرد معين القدرة على التأثير بهم، كلما ارتفعت سلطته.
إن من الأمور المبينّة عند هومانز أن القوة مكتسبة، وتتحقق من خلال الخدمات والقيم النادرة، التي يمكن تزويد الآخرين بها، مما يستوجب ضبط سلوكهم والسيطرة عليهم، وهكذا يضع الفرد بين يديه القوة، التي تتيح له فرصة توجيه أفعالهم بما يخدم مصالحه.