نظرية التقدم عند أوجست كونت في علم الاجتماع:
تعني كلمة تقدم عند كونت السير الاجتماعي نحو هدف معين لا يمكن الوصول إليه إلا بعد المرور بأدوار ثلاثة ضرورية ومحددة، أي أن الحركة الاجتماعية لا بدّ أن تكون محددة بقوانين، وكان هذا الفهم جديداً بالنسبة لمن سبقوه ممن فهموا الحركة الاجتماعية باعتبارها ذبذبات أو اضطرابات ولذلك كان يسخر في هذه الناحية، والتقدم عنده يبدو في مظهرين: مادي واجتماعي، وغالباً ما يكون الأول أسرع وأوضح.
الأول يكون تحسناً في حالتنا الاجتماعية، أما الثاني فيكون تحسناً في طبيعتنا، وتدخل النشاط قد يعجل بالحركة نحو التقدم؛ ﻷنه يعجل بظهور مراحل لم تكن لتظهر لولا تدخل النشاط الإنساني أو نشاط الحكومة باعتبارها تمثل الاجتماعية والتطور كما يراه غالباً ما يكون مصحوباً، بتحسن وتقدم مطرد، ولكنه في إتجاهه نحو الكمال يكون بطيئاً وتتخلله صعاب وعقبات كثيرة، وتدخل النشاط قد يعجل بالحركة نحو التقدم، ﻷنه يعجل بظهور مراحل لم تكن لتظهر لولا تدخل النشاط الإنساني أو نشاط الحكومة باعتبارها تمثل المجتمع.
وفي مجال دراسته عن الأستاتيكا الاجتماعية توصل إلى مجموعة حقائق منها أن الإنسان يميل إلى الاجتماع ميلاً غريزياً وحالة الاجتماع هي الحالة الطبيعية للإنسان، وهذه الرغبة الغريزية مستقلة تماماً عن الرغبات الفردية، والأغراض الخاصة، ومن هنا هاجم نظرية العقد الاجتماعي باعتبارها تصور الإنسان يميل للاجتماع عن قصد وروية ولكنه يرى أن التعاقد ليس سبباً في الاجتماع ولكنه نتيجة من نتائجة، وثمره من ثماره.
وقد توصل كونت إلى أن العناصر الأساسية للمجتمع هي الفرد والأسرة والدولة، ومع ذلك فالفرد في ذاته ليس قوة اجتماعية مستقلة، ﻷن قوته تستمد من تضامنه وتعاونه مع أقرانه، ولكنها تزول إذا بقى وحيداً منعزلاً عن غيره، كذلك فإن قوة الفرد لا تظهر إلا بتفاعلها مع غيرها، وهي وليده الضمير الجمعي، وامتزاج العقول في الفكر والعمل، والأسرة هي الخلية الأولى في تركيب المجتمع، وهي نتائج من نتائج الحياة الاجتماعية، وقد أيد كونت مبدأ خضوع المرأة للرجل، وكذلك قرر سموها عن الرجل في النواحي العاطفية والوجدانية الضرورية للاستقرار في حياة الأسرة.
وقد أكد على دور الزواج في الحياة الاجتماعية، وأن ما يهدم الزواج، يهدد النظام الطبيعي للأسرة ومن فإنه يعارض فكرة الطلاق؛ ﻷنها تؤدي إلى الاخلال بنظام الحياة، الأسرية وحياة المجتمع والأسرة عنده اتحاد له طبيعة أخلاقية تتمثل في التحاب والتعاطف، والتوعية بالحقوق والواجبات، وتربية الأطفال وغرس الروح الدينية.