نظرية التقليد عند غابرييل تارد في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


نظرية التقليد عند غابرييل تارد في علم الاجتماع:

يعتبر تارد (1843- 1904)، هو ابن رجل قانون في الضواحي، تلميذاً عند اليسوعيين، قام في البداية بدراسة الرياضيات وتخلى عنها لينكب على دراسة الحقوق ويتابع مهنة والده، وفي عام 1876 تم تعيينه قاضي تحقيق، لكن إنجازه الذي حظي بتقدير كبير في تلك الفترة، جعله يستحق في البداية أن يعين في مديرية الإحصاء القضائي في وزارة العدل 1894، ثم أن ينتخب في الكولج دو فرانس عام 1900 ليحتل كرسي الفلسفة الحديثة.

عُرف تارد خصوصاً بأنه طَرح نظرية مجملة عن الإنسان في المجتمع هي نظرية التقليد، كأساس لعلم النفس الاجتماعي أو السوسيولوجيا كان يستخدم كلا المصطلحين دون تفريق، لكن يبدو أن هذه النظرية قد تجاوزها الزمن، وفي الواقع تكمن الأهمية الكبرى لتارد في مساهماته بعلم الجريمة وبعلم نفسس الحشود وبعلم النفس الاقتصادي.

كانت هذه النظرية سبب نجاح تارد في عصره وفي ذات الوقت سبب إهماله في أيامنا هذه، فما المقصود بها؟ تقول الفكرة الرئيسية إن قوانين التقليد تحكم الفرد رغماً عنه، وذلك من خلال الذي يشبه فعل التيارات التحريضية في الفيزياء وهي تحمل الجزيئات، هذه الاستعارة ليست عديمة الأهمية، فالتصور الفيزيائي بالكامل قاد تارد إلى رؤية عمل القوى الاجتماعية التي تشع بدءً من بؤر محاكاته وهي قوية أيضاً على غرار القوى الفيزيائية.

تفترض مثل هذه النظرية أن الأفراد هم إنسالات تامة تحركها رغماً عنها قوى تتخطاها، وفي الواقع إن استعارة السراية (العدوى) متكررة أيضاً عند تارد، فكما أن السيالة الحيوية تمر من خلايا إلى خلايا، فإن التقليد ينتشر من وعي إلى وعي، وفي النهاية يجب إذن النظر إلى الإنسان الاجتماعي كسرنمي حقيقي (السائر في نومه) وإلى الحالة الاجتماعية، ليست سوى شكل للحلم، حلم آمر وحلم فاعل، فإنها لا تمتلك سوى الأفكار الموحاة والإيمان بها بشكل تلقائي ذلك هو الوهم الخالص للسائر في نومه وكذلك للإنسان الاجتماعي.

وإذا كان مثل هذا التصور يصدمنا هذه الأيام بسبب بساطته، فقد حظي بتقدير كبير في تلك الفترة، فهو ليس سوى توسيع نظريات التنويم المغنطيسي إلى السوسيولوجيا الوليدة وقد كانت هذه النظريات في أوج رواجها في تلك الفترة، ومع ذلك كانت نظرية تارد عن التقليد قريبة جداً من نظرية الإيحاء لهيبوليت برنهام، ومعنى ذلك أن نظرية تارد كانت تمتلك ميزة كبيرة من حيث أنها تشدد على الوعي وعلى العلاقات الفيزيقية بين البشر.


شارك المقالة: