نظرية الصراع الاجتماعي عند لويس كوزر

اقرأ في هذا المقال


نظرية الصراع الاجتماعي عند لويس كوزر:

يقصد لويس كوزر الصراع الاجتماعي في كتابه، وظائف الصراع الاجتماعي، بأنه نضال حول قيم وأحقية المصادر والسيطرة والمكانة الفريدة، حيث يتقصد الفقراء المُعاديين عن طريقه تحديد منافسيهم، أو الأذى بهم أو التخلص منهم.
وضمن هذه الصياغة المفاهيمية لمفهوم الصراع، يضع كوزر نفسه في مركز نظرية الصراع حيث يبيّن التعريف ضمناً تفاضل السلطة، وما ينشأ عنها من انتهاز ومطالبة برجوع الحقوق المؤدية إلى الصراع، ولكن منذ البداية يحيد كوزر عن الاتجاه الحقيقي لنظرية الصراع، ويفرغ مفهوم السلطة من محتواه، ويثبت بأنه معني بصورة رئيسية، ومهتم بوظائف الصراع الاجتماعي أكثر من اهتمامه بوظائفه السلبية أو اللاوظيفية، أي إنه معني بتلك النتائج المترتبة على الصراع الاجتماعي، التي تزيد وتنمي تكيّف وتوافق العلاقات الاجتماعية.
لذلك يهتم على امتداد نظريته بواقعية وعدم واقعية الصراع طبقاً للأهداف التي يناضل الأفراد من أجلها، ودور القوة في فترة الصراع، ودور البناء الاجتماعي، وطبيعة العلاقات الاجتماعية في شدة الصراع، وأنواع الصراع (داخلي وخارجي)، والوظائف المترتبة عليه.
يلاحظ إرفنج زايتلن، أن صياغة كوزر هذه تنكر الواقع وتخفيه، فقد صرح كوزر بأن الصراع لا وظيفي بالنسبة للبناء الاجتماعي، الذي لا ينطوي على تسامح أو تنظيم بالنسبة للصراع، أو لا ينطوي إلا على قدر قليل منها، إن كثافة الصراع الاجتماعي الذي يهدد بالتمزيق، والذي يهاجم الأساس الاجتماعي لنسق اجتماعي يتصل بجمود البناء، وما يهدد توازن مثل هذا البناء ليس الصراع في حد ذاته، ولكنه الجمود نفسه الذي يسمح بتراكم العداوات ونقلها عبر خط رئيسي واحد للنزاع، والتي تنفجر في شكل صراع.
كما يلاحظ ووالاس وولف أن كوزر يشيع اختلالاً مفاهيمياً بين بقاء الجماعة وتواصلها وتوازنها وبين إجماعها واتفاقها، حيث يشرح كوزر بأن كل ما يولد الاستمرارية يولد الاتفاق والإجماع، ولكن استخدام القوة الهمجية يدعم عدم توازن القوة، ويجعل المجتمع قادراً على الاستمرار، ويبقى متوازن فترة زمنية طويلة في مواجهة قدر كبير من العداء الداخلي، ومثال ذلك ما يحدث في الأنظمة الدكتاتورية.

وهذه الملاحظة، توضح بدقة أن كوزر لم يتابع مفهوم القوة بصيغته التفاضلية، على الرغم من اعترافه به، حيث حوله إلى مفهوم ينطوي على حصيلة إيجابية، كما لا بدّ من الانتباه أن القوة ليست هي العامل الوحيد لانبثاق الصراع، فهناك طبيعة البناء الاجتماعي وطبيعة العلاقات الاجتماعية.


شارك المقالة: