نقد البنائية الوظيفية في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


نقد البنائية الوظيفية في علم الاجتماع:

إن بارسونز هو أشهر ممثلي النظريات الوظيفية المعاصرين، ولذلك فإننا سنركز على نظريته بوصفها ممثلة لهذا الاتجاه في علم الاجتماع الغربي التقليدي.

أن أهم كتب ممثلي هذا الاتجاه هو مؤلفه النسق الاجتماعي، وقد يكون أهم نقد وجه إليه هو ذلك الذي وجهه عالم الاجتماع الأمريكي رايت مليز في كتابه، التصورات السوسيولوجية، لقد قرر مليز بعد قراءته لهذا الكتاب الذي يقدم فيه بارسونز نظريته أن ما يقوله بارسونز فيه صعب على الفهم حقاً بل قد يكون من المستحيل فهمه.

وأن كل ما يفعله بارسونز في نظريته هذه ليس أكثر من مجرد التلاعب بالألفاظ وبالمفهومات طول الوقت لكي يبدو عميقاً في تحليله للقراء وأن ما يقدمه ليس إلا تأملات فكرية تفتقر إلى الأدلة الموضوعية، وقد قام مليز بمحاولة استخلاص ما يريد بارسونز أن يقوله فعلاً من وسط كل المتاهات الفكرية التي يجر القارئ إليها، وذلك بأن قام بترجمة الكتاب كله من اللغة إنجليزية بسيطة، وقد ترجمة في أربع فقرات فقط هي كل ما يهدف بارسونز إلى قوله من نظريته فاتضح أن بارسونز يقرر ما يلي:

هناك نسق اجتماعي يقوم فيه الأفراد بأفعال اتجاه بعضهم البعض، وهذه الأفعال عادة ما تكون منظمة، ﻷن الأفراد في النسق يشتركون سوياً في الاعتقاد في قيم معينة وفي أساليب مناسبة للسلوك، وبعض هذه القيم يمكن أن نسميها معايير، والذين يتبعون هذه المعايير يتصرفون بشكل متشابه في المواقف المتشابهة، وهذا ما يحقق الانتظام في المجتمع أو ما نسميه بالتوازن الاجتماعي، وهذا التوازن مهم جداً للمجتمع، ويتحقق التوازن وتتم المحافظة عليه عن طريق أسلوبين، التطبيع والضبط الاجتماعي، والأسلوبان مكملان لبعضها البعض، وهدفها جعل الأشخاص في المجتمع ينصاعون للمعايير التي توجد بالنسق الاجتماعي، فإذا ما فشل التطبيع الاجتماعي في جعل الأشخاص يتبعون المعايير فإن الضبط الاجتماعي يجبرهم على ذلك.

ويتساءل ميلز عما قدمه بارسونز من نظرية متضخمة مليئة بالمفهومات المعقدة والألغاز أكثر من المعرفة العامة المتوفرة لدى الجميع، والتي تحتاج إلى التأكد من صحتها، أنه لم يقدم شيئاً على الإطلاق أكثر من صياغات لا لغوية تبدو علمية، ولكن وراءها أهدافاً أيديولوجية واضحة تماماً لمن يملك القدرة على التفكير النقدي.


شارك المقالة: