هل ابن خلدون عالم اجتماع؟

اقرأ في هذا المقال


هل ابن خلدون عالم اجتماع؟

هناك سؤال مهم ما زال يؤرق الباحثين والدارسين للفكر الخلدوني، وهذا السؤال يتم صياغته على النحو التالي، هل ابن خلدون هو المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع أم أنه سوى فيلسوف للتاريخ أو أنه صاحب فلسفة اجتماعية؟

هناك مجموعة من الباحثين يتأكدوا أن ابن خلدون عالم اجتماع كعلي عبد الواحد وافي في كتابه علم الاجتماع، حيث يتحدث الباحث، اتجهت بحوثه ابن خلدون في بدايته إلى دراسة الظواهر الاجتماعية للإفصاح عن واقعيتها وما تقر له من قوانين، فقد هدته مشاهداته وتأملاته لشؤون الاجتماع الإنساني إلى أن الظواهر الاجتماعية لا تشذ عن بقية ظواهر الكون، وأنها محكومة في مختلف نواحيها بقوانين طبيعية تشبه القوانين التي تحكم ما عداها من ظواهر الكون، كظواهر الفلك والطبيعة والكيمياء والحيوان والنبات.

ومن ثم رأى من الضروري أن نتعلم هذه الظواهر تعلماً وضعياً، كما نتعلم ظاهرات العلوم الأخرى للوقوف على حقيقتها وواقعها وما يحكمها من قوانين، وعلى هذا البحث وقف دراسته في المقدمة.

فمن بحوث ابن خلدون في المقدمة تتكون إذن علم منفصل، وقد سماه ابن خلدون علم العمران البشري أو الاجتماع الإنساني، وهو العلم الذي نسميه السوسيولوجيا أو علم الاجتماع، لأن انتصاب هذا العلم هو دراسة الظواهر الاجتماعية، للكشف عن القوانين التي تخضع لها.

والصحيح أننا لم نجد إلى الآن على بحث قديم لبحوث ابن خلدون، قد تناول ظواهر الاجتماع في مجموعها، وعلى أنها شعبة منفصلة، ودرسها كما تدرس العلوم الطبيعية والرياضية ظواهرها، أي للكشف عن طبيعتها وما تخضع له من قوانين.

ويتحدث العالم الأمريكي فارد في كتابه علم الاجتماع النظري، كانوا يتوقعون أن أول من قال وبشر بمبدأ الحتمية في الحياة الاجتماعية، هو مونتيسكيو أو فيكو، مع أن ابن خلدون قال بذلك وأثبت خضوع الظواهر الاجتماعية لقوانين ثابتة قبل هؤلاء بفترة زمنية بعيدة، فقد قال بذلك في القرن الرابع عشر.

وعليه، فابن خلدون عالم اجتماع عن كفاءة واستحقاق، وقد سبق أوجست كونت وسان سيمون ودور كايم إلى تأسيس هذا العلم الحديث، ويعترف ابن خلدون ذاته أنه لم يرى هذا العلم عند أية أمة من الأمم السالفة لزمنه، وأنه كان السياق إلى تسخير هذا العلم الذي يقصد بالتجمع الإنساني أو البشري، وأكثر من هذا فقد وضع ميادينه ورتب أغراضه، وعيّن مواضيعه، وبيّن منهج التعامل مع الظواهر المجتمعية بصورة علمية دقيقة.


شارك المقالة: