هل قام العثمانيون باحتلال العرب؟

اقرأ في هذا المقال


هناك الكثير من العبارات المتداولة عن حكم الدولة العثمانيّة للعرب، بأنّه كان احتلال وأنّه أرجع العرب للوراء وأخّرهم عن التقدم، ما هو مدى صحة هذه العبارة؟ لمعرفة الحقيقة أقرأ هذا المقال.

بداية الحكم العثماني:


نشأت الدولة العثمانيّة سنة (1299)م، والتي أسسها الغازي عثمان، ومنذ ذلك الوقت وهي تحارب أوروبا والغرب، حكم قبل سليم الأول (8) سلاطين عثمانيين ومنهم السلطان محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينيّة، وأثناء الفترة التي امتدت من (1299) م إلى (1512) م، لم يُذكر أنّ العثمانيين هاجموا المناطق العربية والتي كانت تحت حكم المماليك.
مرّت (203) سنة لم تهاجم فيها الدولة العثمانيّة العرب، فلو كانت نيتهم احتلال الدول العربيّة لكانت استغلت أي فرصة لمهاجمتهم واحتلالهم، وعلاوة على ذلك كانت علاقة العثمانيين بالمماليك علاقة ودّ، فقد ذكرت المصادر أنّ المماليك احتفلوا بفتح القسطنطينيّة.

فترة حكم السلطان سليم الأول:


وهو تاسع السلاطين العثمانيين، وأول من لُقب بأمير المؤمنين، تولى السلطان سليم الأول الحكم سنة (1512) حتى عام (1520)، في عهد السلطان سليم أتجهت الفتوحات نحو الشرق، ووسع رقعة الدولة العثمانيّة فضم مصر والحجاز وبلاد الشام للحكم العثماني، لم يكُن ذلك من أجل احتلال العرب ولكنه هدفه كان حماية الأمة الإسلاميّة من المخاطر.
وقعت معركة مرج دابق في عام (1516) م بين العثمانيين والمماليك، وانتصر فيها العثمانيين، وعندما دخل السلطان سليم الأولدمشق وأمر بترميم المسجد الأموي، ودعا له الخطيب بصلاة الجمعة، وأُطلق عليه لقب خادم الحرمين الشريفين.

ما هي أسباب تحول فتوحات السلطان سليم الأول إلى الشرق؟


1- خطر الشيعة وظهور الدولة الصفوية في إيران، ففي عام (1507) قام الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي بمهاجمة دولة المماليك، حيث استغلوا ضعف الدولة المملوكيّة وبدأوا يهاجموها، حيث أصبحوا خطرًا يهدد المسلمين، وتزامن ذلك بانتصار العثمانيين في معركة جالديران التي وقعت عام (1514) والتي أصبحت أملًا للأمة الإسلاميّة لحمايتهم بعد ضعف الدولة المملوكيّة.

2- رفض أهالي الشام ومصر الحكم المملوكي، وإظهار الولاء للسلطان سليم الأول، ذكر الدكتور محمد حرب وثيقة موجودة في الأرشيف العثماني وبين ترجمتها “يقدم جميع أهل حلب علماء ووجهاء وأعيان وأشراف وأهالي، ويبدون ولائهم إلى الحضرة السلطانية أن جميع أهالي حلب مستعدون لمقابلتكم بمجرد أن تضع أقدامكم في أرض عنتاب خلصنا أيها السلطان”
إنّ هذه الوثيقة هي دلالة على صلاح الخلافة العثمانيّة لحماية الإسلام والمسلمين والدفاع عنهم وعلى رغبة العرب بانضمامهم للخلافة العثمانيّة وكان علماء بلاد الشام ومصر على اتصال دائم بالخليفة يقدمون له الولاء والطاعة.

متى فتح السلطان سليم الأول الشام ومصر؟

وقعت معركة مرج دابق في عام (1516) وانتصر العثمانيين ضد المماليك، بعدها دخل السلطان سليم الأول دمشق، ودخل أيضًا إلى القاهرة عام (1517)، وبعد ذلك ذهب إليه شريف مكة (محمد أبو نمي الثاني بن بركات) وأعطاه مفاتيح مكة وكان أعتراف بسيادة الدولة العثمانيّة.
كان تدخُّل السلطان سليم الأول وتوجهه نحو الشرق في الوقت المناسب، دورًا كبيرًا في إنقاذ الإسلام والمسلمين، وحسر توسع الدولة الصفويّة وعرقل عليها تحقيق أهدافها الشيعيّة، وحمى العرب والمسلمين من حروب الغرب.
فإعطاء مفاتيح مكة للسلطان سليم وإعطاء لقب خادم الحرمين الشريفيين أبطل كل الإدعاءات الكاذبة على الخلافة العثمانيّة وعلى السلاطين العثمانيين بأنهم محتلين للعرب والمسلمين، وعلاوة على ذلك شهد الإسلام في عهد خلافتهم انتشارًا واسعًا وحقق فتوحات عظيمة.
ومن الجدير بالذكر أنّ الدولة المُحتلّة تنهب ثروات البلاد التي تسيطر عليها، ولا تهتم بتقدمها وبناء معالم فيها، إلاّ أنّ ذلك يتعارض مع تاريخ العثمانيين في البلاد العربيّة الذي ترك آثارًا كثيرة سواء مدارس أو أوقاف أو خانات أو تكايا.
وتمّ إعمار الكثير من المناطق في أثناء حكمهم مثل المسجد الأموي، ووضعوا نُظم وخطط إداريّة في الولايات العربيّة، كما وأنّ الدولة العثمانيّة لم تفرض لغتها على الدول العربيّة بل كان هناك تأثرًا من الجانبين بلغة بعضهم البعض، مع أنّ الدول المستعمرة تفرض لغتها على البلاد المُستعمرة كما هو الحال عند احتلال فرنسا للجزائر.


شارك المقالة: