اقرأ في هذا المقال
- جريمة الأقران ونظرية الضبط الاجتماعي
- جريمة الأقران ونظرية الرابطة التفاضلية
- جريمة الأقران ونظرية الفرصة
- جريمة الأقران والاختيار الذاتي
- جريمة الأقران ومنظور الشبكة الاجتماعية
أهم من تحدث عن مشكلة الأقران وعلاقتها بالجريمة هما المنظوران السائدان حول أسباب السلوك المنحرف هما نظرية التحكم الاجتماعي لهيرشي ونظرية الارتباط التفاضلي لساذرلاند، وتشمل النظريات الأخرى التي تتحدث عن قضية جنوح الأقران نظرية جوتفريدسون وهيرشي العامة للجريمة ونظرية أوسجود وزملائه، على الرغم من أنّ هذه النظريات تقدم تفسيرات مفيدة لفهم أهمية علاقات الأقران للانحراف، إلّا أنّ منظور الشبكة الاجتماعية يمكن أن يقدم رؤية إضافية يمكن من خلالها فهم دور شبكات الصداقة في السلوك المنحرف.
جريمة الأقران ونظرية الضبط الاجتماعي
تستند نظرية الضبط الاجتماعي للانحراف التي وضعها هيرشي إلى حد كبير على فكرة التكامل الاجتماعي وفكرة أنّ الأفراد يشكلون روابط مع المجتمع تمنعهم من التصرف بناءً على دوافعهم المنحرفة، وفيما يتعلق بشبكات الصداقة تفترض نظرية التحكم الاجتماعي أنّه كلما زادت الروابط بين المراهق من خلال روابط الصداقة والتي تحمل دلالة على الارتباط كلما كان المراهق أقل انحرافًا.
يتضمن أحد الجوانب الأكثر إشكالية لنظرية التحكم الاجتماعي إهمالها للسياق الذي تحدث فيه الروابط الاجتماعية، على الرغم من أنّ الأبحاث أثبتت أنّه في معظم الحالات ترتبط العلاقات الاجتماعية من خلال الارتباط بانخفاض الانحراف، فمن غير المرجح أن تقلل هذه الروابط الاجتماعية من الانحراف عندما يرتبط المراهقون بالأصدقاء الجانحين، وعندما يكون للمراهق أصدقاء جانحون فمن المرجح أن يؤدي الارتباط بهؤلاء الأصدقاء إلى توجيه السلوك نحو السلوك المنحرف وليس الابتعاد عنه، وعلى الرغم من إنكار هيرشي لأهمية الأقران الجانحين، حيث إنّ هؤلاء الزملاء الجانحين هم المتورطون في نقل الانحراف والذين تعلق عليهم نظرية الارتباط التفاضلي أهمية قصوى.
جريمة الأقران ونظرية الرابطة التفاضلية
تستند نظرية الارتباط التفاضلي لساذرلاند على فرضية أنّ الجنوح يتم تعلمه من خلال العلاقات الاجتماعية الحميمة مع الأفراد، حيث يتم اكتساب المواقف أو التعريفات المؤيدة لانتهاك القانون، ولا يقتصر الأمر على أهمية ارتباطات المراهقين بأقرانهم للانخراط في الانحراف، ولكن أيضًا والأهم من ذلك يحدد سياق أو معايير مجموعة الصداقة ما إذا كان الارتباط بالأصدقاء يؤدي إلى سلوك تقليدي أو منحرف، ووفقًا لساذرلاند يحدث الانتقال الاجتماعي للانحراف داخل شبكة الصداقة من خلال نقل المواقف حول ملاءمة السلوك المنحرف.
في حين أنّ نظرية ساذرلاند تؤكد على مواقف الأقران في انتقال الانحراف، فإنّ امتداد أكيرز لنظرية التعزيز التفاضلي يشير إلى أن تبني السلوك المنحرف يحدث من خلال تقليد سلوك الأقران أو من خلال ملاحظة عواقبه سواء كانت إيجابية أو سلبية، والنقطة المهمة التي أثارتها نظريات التنشئة الاجتماعية هذه بما في ذلك الارتباط التفاضلي ونظريات التعلم الاجتماعي، وهي أنّ السلوك المنحرف يتم تعلمه من خلال العلاقات الشخصية الحميمة، حيث يعمل الأصدقاء كآلية مهمة في مرحلة المراهقة يتم من خلالها ملاحظة السلوك المنحرف ونقله.
جريمة الأقران ونظرية الفرصة
تم تقديم نظرية ثالثة مفيدة لفهم كيفية تأثير شبكات الأقران على سلوك المراهقين من قبل أوسجود وزملاؤه في نظرية الفرص الخاصة بهم، حيث يجادل هذا الموقف بأنّ المواقف التي تؤدي إلى الانحراف منتشرة بشكل خاص خلال الوقت الذي يقضيه في التواصل الاجتماعي غير المنظم مع الأقران في غياب شخصيات السلطة، وذلك لأنّ وجود الأقران يجعل الأعمال المنحرفة أسهل وأكثر فائدة، وغياب أرقام السلطة يقلل من احتمالية استجابات الضوابط الاجتماعية للانحراف، وعدم وجود هيكل يترك أوقاتًا متاحة للانحراف.
من هذا المنظور لا ترتبط علاقات الأقران بالجنوح بنوع الأصدقاء الذين يختارهم المرء، بل بدلاً من ذلك ما يهم هو مقدار الوقت الذي تقضيه مع أقرانهم في نوع مشترك من النشاط، فشبكات الصداقة وفقًا لهذا المنظور مهمة؛ لأنّها توفر فرصًا للمراهقين للانخراط في السلوك المنحرف، وما إذا كان الأصدقاء جانحون أنفسهم أقل أهمية من مقدار الوقت الذي يقضونه في أنشطة غير منظمة مع الأصدقاء بعيدًا عن شخصيات السلطة.
جريمة الأقران والاختيار الذاتي
قدم جوتفريدسون وهيرشي منظورًا بديلًا للعلاقة بين جنوح الأصدقاء وجنوح المراهقين في نظريتهم العامة للجريمة، والفرضية الأساسية هنا هي أنّ الأقران ليس لهم تأثير على الانحراف بل بدلاً من ذلك تحدد الخصائص المستقرة للأفراد كيفية تجمع المراهقين معًا وبالتالي تفسر المشاركة الفردية في الانحراف (أي فكرة أنّ الطيور على أشكالها تقع معًا).
على وجه الخصوص جادل جوتفريدسون وهيرشي بأنّ مستوى ضبط النفس لدى المراهقين (أي القدرة على التحكم في السلوك الاندفاعي) يحدد ما إذا كان المراهقون يختارون أنفسهم في شبكات الصداقة المنحرفة أو المؤيدة للمجتمع، ونظرًا لأنّه يُعتقد أنّ ضبط النفس مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلوك المنحرف، فإنّ هذا الموقف يشير إلى أنّ السلوك المنحرف يسبق اختيار الأصدقاء الجانحين (أي أنّ المراهقين الجانحين يختارون المراهقين الجانحين الآخرين ليكونوا أصدقاء)، وموضوع الخلاف هنا هو ما يأتي أولاً جنوح المراهق أو جنوح أصدقائه.
يشير الموقف الأكثر دقة إلى أنّ التنشئة الاجتماعية (أي تأثير الأقران) والاختيار (أي اختيار المراهقين أصدقاء مشابهين لأنفسهم) تساهم في التشابه الموجود بين سلوك الأصدقاء والمراهق، وتشير نظريات كل من إليوت وزملائه و ثورنبيري إلى أنّ مجموعات الأقران الجانحين والتأثير المعياري مرتبطان بشكل متبادل مع كلتا العمليتين في العمل، لذلك من المرجح أن يصادق المراهقون آخرين مشابهين لأنفسهم وبمجرد تكوين الصداقات من المرجح أن يتم تعزيز السلوك وتشكيله ليكون متسقًا مع معايير المجموعة.
جريمة الأقران ومنظور الشبكة الاجتماعية
على الرغم من أنّ نظرية التحكم الاجتماعي تولي اهتمامًا محدودًا للسياق الذي تحدث فيه الروابط الاجتماعية، إلّا أنّ تركيزها على التأثير المقيد للتكامل الاجتماعي يتوافق مع منظور الشبكة الاجتماعية، وإنّ الاندماج في شبكة صداقة، حيث من المرجح أن يبلغ المراهقون عن ارتباط كبير ووقت يقضونه مع أقرانهم إما أنّه يسهل أو لا يشجع على المشاركة في الانحراف اعتمادًا على المعايير والقيم والسلوكيات الواضحة في الشبكة، وبما يتفق مع اكتشاف إيدير وإنك أنّه على الرغم من أنّ المراهقين غالبًا ما يتجاهلون تقييم الزملاء.
لكن ليس التقييم الجماعي أبدًا فإنّ الفكرة القائلة بأنّ الاندماج داخل بنية اجتماعية مثل شبكة الصداقة يكتسب تأثيرًا إضافيًا لأنّه يخلق توقعات للسلوك أثناء تعزيز الأعراف والمعتقدات الاجتماعية للشبكة، وترتبط فكرة التضمين هذه أيضًا بشكل جيد بنظرية الارتباط التفاضلي لساذرلاند لأنّ الانغماس في شبكة الأقران يوفر إمكانية الوصول إلى التوقعات والمعايير والعقوبات التي تدعم السلوك المنحرف أو تثبطه.
نظرًا لأنّ صداقات الأقران لها أهمية مركزية خلال فترة المراهقة وبالنظر إلى أنّ أحد أهم أهداف التنمية خلال هذه الفترة هو ضمان قبول الأقران، فأنّه يجب أن تكون شبكات الأقران فعالة بشكل خاص في توجيه سلوك الأعضاء الفرديين وتقييده، وعلى الرغم من أنّ منظور الشبكة يوفر أداة مفيدة بشكل خاص لفهم كيف يمكن لشبكات الأقران أن تؤثر على السلوك أو ارتكاب الجريمة، إلّا أنّ البحث حتى وقت قريب قد أهمل دمج منظور الشبكة لفهم دور علاقات الأقران في جنوح المراهقين، الأمر الذي أدى ذلك إلى فهم محدود لدور الأقران في فهم جنوح المراهقين.