وظائف النظرية العلمية في علم الاجتماع:
1- الوظيفية التنظيمية:
فالواقع الاجتماعي يتضمن آلاف الظواهر المادية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية المتداخلة، وهذه لا يمكن ﻷي عقل أن يستوعبها ويفهمها بشكل منظم، إلا من خلال نسق أو بناء قادر على أن يختصرها وينظمها ويقدمها أمام العقل في صياغات مختصرة واضحة مفيدة.
والنظرية في علم الاجتماع هي مجموعة من المفهومات والأنماط التصورية التي تدور حول الواقع الاجتماعي من أجل وصفه وبيان أوجه الترابط بين مكوناته، ومن أجل تحقيق الفهم والتفسير المنطقي لهذا الواقع.
وتلعب الأنماط التصورية دوراً هاماً داخل النظريات السوسيولوجية يتصل بوظيفتها التنظيمية، فهي تقدم الواقع الذي يبدو مشتتاً ولا رابط منطقي بين محتوياته، على أنه نسق منطقي خال من التناقض، كما يبرز أوجه التساند الوظيفي وعلاقات العلية المتبادلة، ووظيفة كل جزء من أجزائه المتعددة، وهذا القول يذكرنا بوظيفة العلوم الاجتماعية وبالذات علم الإنسان عند إيفانز بريتشارد، فالإدراك الحسي لمكونات الواقع الاجتماعي يعجز عن تقديمه في صورة كلية منطقية مترابطة، وهنا تلعب التنظيمات التصورية دوراً هاماً في تحقيق هذه الوظيفة، بما تتضمنه من مفاهيم وتعريفات ونماذج مثالية، وأنماط تصورية.
وهذه عناصر أساسية في النظرية السوسيولوجية وتعد صياغة الأنماط التصورية واحدة من أهم الأسس التي قامت عليها النظرية السوسيولوجية سواء التقليدية أو الحديثة، كما أنها من أهم الأدوات المنهجية التي استخدمها علم الاجتماع من أجل تنظيم وفهم وتفسير الواقع الاجتماعي.
وتتخذ الأنماط التصورية عدة صور في علم الاجتماع منها الوحدات التي قد يتخذها الباحث موضوعاً للدراسة ومنها المفهومات التي يتم في ضوئها وصف وتفسير الواقع الاجتماعي والنمط التصوري هو انتقاء هادف ومخطط لمجموعة من الأبعاد المطلوب دراستها، بعد إسقاط التفصيلات والتركيز على ما هو جوهري وهام.
2- الوظيفة التفسيرية:
فالنظريات السوسيولوجية تحاول تفسير الواقع الاجتماعي بظواهر وعملياته وتحولاته، وهي الوظيفة الأساسية لعلم والنظريات العلمية، وتمكن النظرية البحث من فهم الواقع الاجتماعي في صورته الكلية وفهم جزيئاته في ضوء الصور الكلية المتضمنة في النظرية، يضاف إلى هذا أن النظرية توضح الميدان الكلي للبحث أمام الدارس الميداني وتعينه على تخير مناطق بحثية محددة داخل هذا الواقع، كما توضح له كيفية الأحداث المختلفة والظواهر الملاحظة والنتائج التي يتوصل إليها بالإطار الكلي كما تكشف عنه النظرية.
3- الوظيفة التنبؤية:
فالعلم التجريبي أو الواقعي يستهدف فهم وتفسير الظواهر المدروسة من خلال الوقوف على القانون الذي يحكمها، وهذا الفهم العلمي للظواهر المدروسة هو الذي يسمح بالتنبؤ بها تمهيداً للتحكم فيها، فالوظيفة التنبؤية هي التي تمهد الطريق للوظيفة التالية وهي الوظيفة النفعية أو العلمية أو التطبيقية.