‏دور التغير الاجتماعي في التحول إلى البيروقراطية في المجتمعات

اقرأ في هذا المقال


يحمل لفظ البيروقراطية لبعض الناس دلالة سلبية فهي تتضمن صور تتعلق بالمكاتب والروتين الحكومي وما لا نهاية له من ملئ التقارير والاجتماعات، وبالنسبة لعلماء الاجتماع يعني ببساطة التسلسل في البناء الاجتماعي من أجل إدارة التنظيمات الكبيرة عقلياً بشكل كافي وتأثير الشخصية في أي منظمة عامة أو خاصة تحتاج العقلانية في اتخاذ القرار والكفاءة في العمل ومحاولة الوصول إلى الأهداف العامة.

‏دور التغير الاجتماعي في التحول إلى البيروقراطية:

‏وفي الكتاب المشهور الذي يحمل عنوان تحويل العالم إلى البيروقراطية للعالم هنري جاكوبي يقول إن تاريخ كل الحضارات الكبيرة بدأ بنوع من البيروقراطية الذي يدعم ويشكل الوجود لكل إنسان، في مصر القديمة وبابل كانت طبقة الكهنة ذات الجعارين هي التي خلقت وحرست الصفة السحرية والمقدسة للحياة.

‏وهذه الطبقة قامت على أساس الإنتاجية الاقتصادية لجهاز الري وربما تكون هذه أول بيروقراطية وجدت في التاريخ وتوضح الحضارات المبكرة في الصين والهند اتجاهات بيروقراطية قوية، وقد استخدمت إمبراطورية الانكا أيضا نظام بيروقراطي لإدارة بناء المجتمع الزراعي وإقامة شبكة مواصلات كافي تعتمد على الجسور المعلقة.

وعندما غزا الإسبان بيرو اكتشفوا فيها نظام محمي للمعلومات الإحصائية يستخدم وسائل مزدوجة من الألوان من أجل الإرشاد إلى موضوعات المزدوجة لتوضيح الأرقام.

‏ويتضح من التصوير التاريخي السابق أن أصل الدولة ونمو البيروقراطية مرتبطان تماماً وعند اختيار الديمقراطية الأمريكية في عام 1832 نجد الأكسيس دي توكفيل ينظر أيضاً في أصول الدولة البيروقراطية، فقد استنتج أن اختفاء المؤسسات التقليدية ونمو الاقتصاد حيث يركز الأفراد على شؤونهم الخاصة مما أدى إلى زيادة سيطرة الدولة على الوظائف الاقتصادية والاجتماعية.

‏وظهر ميل عام نحو الشؤون العامة حيث يجب أن يتركز في اتجاه الناس كلها في إدارة كل الأشياء الموجودة بين يدي الادارة وقد شارك ماركس في ملاحظات توكفيل حيث يرى أنه بالرغم من أن اشكال الحكومة قد تغيرت فإن الإداريين استمروا في تجميع وظائف ‏ومسؤوليات أكثر.

‏لم تكن نظرة كل شخص إلى النمو والتحول إلى البيروقراطية مواتياً، لقد أوقفت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 كل الجهاز الإداري وقامت بدلاً منه فكرة متفائلة تنادي بأن طريقاً جديداً للتنظيم يمكن أن يقوم بدلاً من البيروقراطية الكريهة.

‏لقد تنبه لنين بأن مبدأ الحكومة سليمة سوف يستمر تطبيقه في المستقبل لدرجة أن أي طباخ يمكن أن يحكم الدولة لأن كل إنسان عليه أن يشارك في الحكومة وكل شخص سوف يصبح بيروقراطي مؤقت، وهكذا فإنه لن يصبح أي إنسان بيروقراطي حقيقي، وهكذا فإنه قد تنبه بأن البيروقراطية سوف تندثر وتختفي.

ولكن هذا لم يتحقق أبداً، ففي عام 1917 حوالي المليون شخص في المصالح الإدارية في روسيا وبحلول عام 1921 ازداد هذا العدد من حوالي اثنين ونصف مليون شخص.

الحكومة البيروقراطية ودورها في التغير الاجتماعي:

‏الوقت الحالي تتميز الحكومة البيروقراطية في الإصلاحات الإدارية والدورية تتردد التي بين قيمة المركزية واللامركزية في الوقت الذي تضاعفت فيه أكثر الأنشطة الحكومية، سواء كانت الحركة مركزية أو اللامركزية  فإن الأنشطة الحكومية جزء من بناء شامل ونادر ما تحدث فيه تغيرات في مبدأ الإدارة المركزية فكل الهيئات الإدارية مرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية ولا زالت تخضع لنفس النظام المركزي وخاصة طريقة أدائها للوظائف البيروقراطية ولكن لا يعد هذا النقد بداية محتملة لأي تغير في النظام.

‏وفي مواجهة هذه الأنماط العامة للبيروقراطية الغربية والشيوعية والصينية يتم إيجاد مجموعة من الاختلافات العميقة فقد لاحظ هوايت أن الصينيين لديهم تنظيمات متسلسلة ومصالح متخصصة ولكن القادة يختارون تبعا لموقفهم السياسي أكثر من اختيارهم نبع من تفوقهم الفني.

فالصينيون يعتقدون أن التأكيد على المنافسة الفنية سوف يخلق نوعاً من طبقة الصفوة المتخصصين مما يقلل من مبادرة الأعضاء العاديين في التنظيمات فهم لا يعولون كثيراً عن المبررات العقلانية والشرعية للسلطة وهم لا يطلبون أيضاً طاعة عمياء فعندما تتخذ القرارات عن طريق القادة فليس من المتوقع أنها تطاع دون مناقشة.

‏فمجموعة المناقشة تستخدم كخطوة أولية لشمول المرؤوسين في عملية اتخاذ القرار ولهذا فإنه يطلب من عدد من كبار البيروقراطية أن يخصص جزء من وقت العمل لتوجيه وتدريب معاونيهم والمكافآت التي تصرف للأفراد الذين يشغلون قمة البيروقراطية في الصين أعلى من مثليتها في البيروقراطيات الأخرى.

وعلى مستوى الأجور يتم إيجاد مجموعة هي التي تقرر هذه الأجور ولا تنظر فقط إلى أداء العمل بل ينظر إلى اتجاهات العامل السياسية ومدى حماسه وإخلاصه.


شارك المقالة: