التصوير في الإسلام ورأي المؤرخون باعتباره نوعاً من الخطوط

اقرأ في هذا المقال


رأي المؤرخون بالتصوير واعتباره نوعاً من الخطوط:

لقد سادت فكرة التصوير وكراهيته بين المسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو قرن ونصف قرن أو أكثر، وكان أساسها الفزع والخوف من أن تؤدي أعمالها عودة الناس لعبادة الأصنام، واستدلوا على ذلك من الأحاديث الشريفة بأن يكون الخط من خلال رموز تصويريه.

فأخذ فريق من العلماء يتخذون فكرة الخط بالتصوير والنحت محرماً، وقد استطاع الدكتور بشر فارس من اكتشاف نصاً في مخطوط من كتاب (الحجة في علل القراءات) للفقيه أبي علي الفارسي النحوي والمتوفي سنة 377 هجري.

حيثُ يقول هذا النص (من صور الله تعالى تصوير الأجسام يستحق الغضب والوعيد من المسلمين)، ويقول الدكتور عبد العزيز مرزوق في كتابه الفن الإسلامي في العصر الأيوبي المكتبة الثقافية 1963 بقوله (لو رجعنا إلى حكم المنطق والعقل السليم فيفرض علينا أن نبعد هذا التحريم والكراهية للتصوير في الإسلام التي ألصقها بعض المتزمتين به).

وهذا الدين الحنيف أسمى من أن يتعرض بالتحريم لأمر يتصل بسمو الحياة البشرية وحاجتها وتطورها. فالتصوير قد لعب وما زال يلعب دوراً كبيراً في حياة الناس العلمية والعملية فقد كان التعبير عن بعض الأشياء وقبل اكتشاف الناس للخط يتم من خلال التصوير.

لقد كان العهد الأموي وخاصة الحمامات العامة في العهد الأموي تزيين برسوم آدمية عارية مبهجة كتعبير عن الخطوط في تلك الفترة، حيث استخدم العرب الأوائل التصوير كبديل للخط فبدلاً مثلاً من كتابة حمامة كانوا يصورونها أو برسمها لكن عند مجيء الإسلام  ونزول القرآن الكريم كان من الصعب رسم الآيات القرآنية أو تصويرها.

والجدير بالذكر أن هناك ما يدل على فن التصوير والرسم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال الرسومات التي كانت توجد على ملابس زوجات الرسول صلى الله. برسم الحيوانات والأنسان والطيور واستخدمها بكل حرية ويسمح بها في تزيين في الوسائل المنقوشة والستائر والوسادات والملابس وغيرها من الوسائل التي وهذه والتي تستخدم للجلوس والوسائد والملبس.

وبعرفنا التاريخ أن الرسول صلى الله أمر استعمال الدنانير الذهبية بشكلها البيزنطي المصور بصور الأباطرة بيزنطية واستعملت أيضاً العملة الفارسية التي كانت تزدان بصور ملوك الفرس وأصبحت هذه النقود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك ببعض الخطوط المصورة على تلك النقود.

لماذا اقتصر الفنان المسلم على الخط والزخرفة في تزيين المساجد والأضرحة والقبب الإسلامية؟

السبب في ذلك وكما يرى المؤرخون يعود إلى الرغبة في السمو بالإسلام كدين يرتفع عن الماديات، ويجعل الصلة بين الرب والعبد صلة روحية قوامها التجرد من كل ما هو مادي، حيثُ لم يكن الدافع الاقتصادي على الزخرفة والخط يرجع إلى فكرة التحريم أو الكراهية لتصوير ذات الأرواح في الإسلام.

وإنما تحرم الصور والتماثيل ارتبط فيما إذا كانت غي موضع التعظيم والاحترام الديني والتعبيد مثل المساجد والأضرحة في حين أبيح تصوير ذوات الأرواح في المواضع الأخرى.

ما هي أهم الأمثلة التي وجدت فيها الرسوم التصويرية بديلاً عن الخط؟

لقد كان الخليفة العباسي المعتمد على الله في الأندلس أمر بصنع تمثال فيل من الفضة على شاطئ بركة يقذف الماء من خرطومه، وكان للمعتمد تمثال غزال من نحاس ترمي الماء في البركة.

كما استخدم العباسيون الرسم بالتصوير في تزيين حماماتهم وحدائقهم، وكذلك في التماثيل المعدنية المجوفة على هيأة حيوانات أو طيور والتي عرفت في العصر الفاطمي في مصر.

ووصل هذا الفن الخطي إلى أنحاء أوروبا عن طريق الأندلس ومن أبرز هذه الأعمال كانت تمثال (عقاب) من البرونز وعليه رسوم تصويرية وزخارف محفورة من رسوم سباع وقصور إلى جانب كتابات عربية دعائية، هذا ويوجد للمصريين في العهد الفاطمي تماثيل كثيرة وصغيرة من النحاس معروضة بعضها حالياً في دار الآثار العربية في القاهرة ومن أبرزها تمثال صغير لعازفة الدف يعود تاريخها للقرن الرابع الهجري.

وهكذا فإن فن الرسم التصويري قد استخدم في جميع الحضارات بديلة عن الخط حتى أن الخطوط فيما بعد أخذت بعض الحروف فيها شكلاً تصويرياً رائعاً، ومن هنا فان القيمة الفنية الجمالية للتصوير وباعتبارها بديلاً في الماضي عن الحروف الخطية وجدت رواجاً بين الخطاطين والمؤرخون الذين وجدوا بعض ما يدل على حرمة استخدام هذا النوع من الفن في الخط والبعض الآخر ذهب إلى أنه لم يوجد دليل شرعي ينص على حرمة هذا النوع من الفن التصويري الخطي.

المصدر: علم نفسك للخطوط العربية للمؤلف مهدي السيد محمودقواعد الخط العرب للمؤلف هاشم محمدجماليات الخط العربي للمؤلف منصور بن ناصرمذكرة في خط الرقعة للمؤلف مختار عالم


شارك المقالة: