القرن العاشر الميلادي والزخرفة الفنية الإسلامية:
لقد كان للزخرفة الإسلامية الفنية صدىً بين معظم الدول العربية والعالمية ومن بينها كان الفرس الذين فتنوا بروعة الزخرفة الإسلامية، وفي إبداعها وكان ذلك قد ظهر منذ القرن العاشر الميلادي. ومن شدة حبهم وإعجابهم لتلك الزخارف فقد أخذ عليهم الإفراط في استخدام الزخرفة في كتاباتهم.
لقد شاعت تلك الزخرفة والإسراف في استخدامها وكذلك لجمالها إلى أن بلغت الدولة الفاطمية والدولة المملوكية وغيرها من أقطار العالم الإسلامي. لقد كلت تلك الزخرفة ظاهرة هامة بين ظواهر الفن الإسلامي؛ لأن الحروف العربية في تلك الكتابات خرجت عن صفتها الكتابية البحت إلى صفة أخرى زخرفية.
حتى أصبحت في ذلك العصر نوعاً من أنواع الزخارف البنائية، حتى غدت بذلك ظاهرة تعني طالب الفنون الزخرفية أكثر ممّا تعني الباحث في الكتابات أي أن الطلاب أصبحوا يعتمدون في إظهار كتاباتهم على الزخرفة أكثر من نوعية الكتابة التي يريدون الخوض فيها في الكتابة.
وسرعان ما وجد المزخرف الإسلامي في الكتابة مجالاً لإظهار عبقرته في تلك الزخارف خاصة وأنه أصبح بإمكانه أخذ رقعة واسعة من المباني لرسم الخطوط عليها في ذلك الوقت. لقد أطلق ذلك الخطاط والمزخرف يده وخياله وأنتج أجمل اللوحات الخطية في الزخرفة الإسلامية.
وكان المزخرف الإسلامي يأخذ من الخيال الخصب واليد الحرة المتزنة، حيث أبدع ذلك الفنان والخطاط في كل ما يراعى من الذوق العربي والذي فطر على كراهية المساحات بلا زخارف، ولم يكن يدع مكاناً ذلك الخطاط والفنان المزخرف إلا ملأه بأنواعٍ من الزخارف الكتابية وقد بلغت في كثير من الأحيان غاية في الإبداع والكمال.
وكان من الأثار التي دلت على الغاية في الجمال بالزخرفة الفنية تلك النقوش التي وجدت على العمائر من أنواع النقوش الأخرى، وانفردت تلك النقوش عن غيرها وانفردت بطراز خاص فيه وفوة ورصانة بالإضافة إلى الجمالية فيها.
والأهم من ذلك الوضوح الذي برز ليساعده في قراءة تلك الخطوط مع الزخرفة التي كانت موجودة فيها، كذلك تحررها من القيود التي تعوق من الانطلاق في الكتابة، ومن أشهر الخطوط المزخرفة التي وجدت في تلك الفترة هي زخرفة المباني لتلك الأشكال الكوفية ومنها المستطيلة، وكذلك المربعة والنجمية التي رتبت بها الحروف ترتيباً هندسياً بالغاً غاية قصوى من الدقة والروعة، والتي أبهرت الكثير من مبدعيها على قوة التركيب والتأليف، ومن أشهر من كتب وأظهر الزخرفة الفنية الإسلامية كانت إيران.
لقد استخدموا هذا النوع من الزخرفة المتخذة من الطوب الأحمر المحروق حيثُ تمكنوا من استخدام قطع من الطوب المتفاوتة الحرق في إبداع الأشكال الكتابية.