المستوى الوظيفي للخط في صدر الإسلام

اقرأ في هذا المقال


المستوى الوظيفي للخط في صدر الإسلام:

لقد وجد الكثير من علماء الخط واللغة بأن اللغة عبارة عن نظام صوتي يرتبط ذلك الصوت بنظام من المعاني كما ويستخدم ذلك الخط ليوصل لنا رسالة ذلك الصوت، والكلمة التي نطقت حتماً ستكتب بتلك الأداة لتعطينا المعنى الحقيقي لذلك الصوت.

كما أن اللغة تواكب فكر ذلك الإنسان في مراحل حياته المتغيرة وتعكس ذلك الفكر وترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفاهيمه وكتاباته وما يفكر ذلك الشخص بكتابته كخط يقرأ ويحتفظ به على مدى السنوات كما هي الحضارات التي ما زالت أفكارها وكتابتها للآن بين أيدينا.

وفي أهمية المستوى الوظيفي للخط واللغة قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ). هذا بالإضافة إلى أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت كانت كلمة وهي كلمة (اقرأ) بينما كانت معجزات الرسل الأخرين عليهم السلام أشياء ملموسة وحسية، وفي هذا نرى تطور المعجزات مرتبط بالعقل البشري ونضجه.

فالإنسان في العصور البدائية يؤمن بما يحس ويؤخذ منبهراً بالمعجزات الحسية كالسحر زمن سيدنا موسى عليه السلام، كما استخدموا السحر في إبراء المرضى وإحياء الموتى بأذن الله زمن سيدنا عيسى عليه السلام وكل ما قبل ذلك يقع في هذا المدار الحسي ولكنه تطور من سحر لعلم.

ثم ذهب ذلك الإنسان ليصبح ذلك الحس ويحوله لكلمة تكتب بخط جميل، والكلمة غير حسية حيث قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وفي هذا تطغى الكلمة في مجتمعنا الحاضر على كل سلوك إنساني، والأعمار تمضي معظمها في القول أو السماع، كذلك في القراءة والكتابة بذلك الخط الذي حاول العلماء أن يُعبروا فيه عن كل ما يشعرون به ويفكرون.

ونظراً لأهمية وظائف الخط واللغة في حياة الأفراد والجماعات والأمم، لم يبخل علماء المسلمين بما لديهم من علم في تحليل أنظمة العربية منذ نهاية القرن الهجري الأول. لقد استحوذت الطريقة التي سيوصل بها العلماء والمؤرخون رسالاتهم إلى الأجيال المتعاقبة فاهتدوا إلى اختراع الحروف والكتابة بالخطوط العربية ووضع قواعد لتلك الخطوط، كما أنهم اهتدوا لفتح المدارس النحوية واللغوية كذلك لتعليم الحروف والخطوط العربية والكتابة بها عبر العصور المتتالية.

ما هي أهم المدارس التي فتحت أبوابها في العصور البدائية؟

  • المدرسة البصرية.
  • المدرسة البغدادية.
  • المدرسة الكوفية.
  • المدرسة الأندلسية.
  • المدرسة المصرية، بالإضافة للمدارس التي فتحت فيما بعد.

لقد كانت تلك المدارس تلتقي وتختلف في القضايا التي تطرحها تلك المدارس، حيث ما زال علماء اللغة والخط المحدثون يعالجونها حتى بعد مرور ألف عام.

وفي الحقيقة أن علماء الغرب اللغويين المطلعين على الجهود العربية في النحو واللغة والخط ويقرون بجهود هؤلاء العلماء حيث يقول أحدهم: (أثر رائع من آثار العقل العربي لما فيها من دقة الملاحظة ونشاط في جمع ما تفرق، وهذا ما جعلهم أن يقولوا على العرب أن يفخروا به).

لقد كان لعلماء اللغة والخط وللبحوث المتواصلة أثرٌ كبيرٌ في علم اللغة والخط لينموا نمواً سريعاً وقد تميزت في اتجاهات متعددة لدراسة الخط واللغة لذلك فقد قسموا علم اللغة إلى عدة أقسام.

ما هي الأقسام التي قسمها علماء اللغة والخط في علم اللغة؟

  • علم اللغة الوصفي (Descriptive Linguistics): وهذا الذي يدرس اللغة عن طريق الخط بالكلمة الصوتية وكذلك الوصف الواقعي لذلك الواقع.
  • علم اللغة التاريخي (Historical Linguistic): هذا العلم يدرس تاريخ الكتابة باللغة. وزمن لكتابة والخطوط التي وجدت عبر العصور وتاريخ ظهور تللك الخطوط واللغة والكتابة بأي لغة كان.
  • علم اللغة الجغرافي (Geolin guistics): وهذا يهتم بالمناطق الموزعة جغرافياً وأشهر الخطوط التي كتبت في تلك المناطق واللغات التي كتبت بتلك المناطق، ويبحث في أهمية معرفة مدى تفاعل تلك المناطق في البحث والتجريب في الحفاظ على الخطوط واللغة التي يكتب بها أصحاب تلك المناطق. كما أنه يبحث في مدى تفاعل تلك المنطق مع بعضها البعض وهل استطاعت منطقة أن تؤثر على غيرها.

وهكذا فإننا نرى أنه في الإسلام تم تحويل تلك الرسوم والصور والعلم الحسي إلى معنى وظيفي نعبر عنه ضمن كتابات في الكتب، أو ربما نسخ تلك الكتب لتفيد الأخرين وتبقى محفوظة عبر العصور وأكبر دليل على ذلك القرآن لكريم الذي جعل العلم يتحول من مجرد حسي إلى وظيفي.


شارك المقالة: