الورق مادة الكتابة في العصر الوسيط لأوروبا:
الورق: هو مادة الكتابة الجديدة والتي ستقضي بسرعة على غيره من مواد الكتابة والخط كما قال المؤرخون والعلماء في العصر الوسيط لأوروبا. وقد برزت في أوروبا كسلعة تجارية مستوردة من العالم العربي.
لقد كان الورق يصل أوروبا من دمشق عبر القسطنطينية ومن أفريقيا الشمالية عبر صقلية، بينما كان يصل إلى عدة مناطق في أوروبا الغربية عبر إسبانيا، وقد احتكر العرب إنتاج الورق لفترة طويلة من الزمن، ويعتقد أن أول مصنع للورق خارج العالم العربي قد أسس سنة 1147 في فيدالون في الجانب الفرنسي من البيرينيه من قبل جان الذي شارك في الحملة الصليبية الثانية ووقع في الأسر للعرب.
وكان هذا قد قضى فترة أسره في دمشق ويبدو أنه أطلع هناك على كيفية صنع الورق، إلا أن المصنع الآخر الذي بني في إيطاليا، في فبرينو بالقرب من أنكونا والذي بدأ انتاجه في سنة 1276 وكان أهم بكثير حتى إن إيطاليا سرعان ما أصبحت أهم منج للورق، وأبعدت العرب بسرعة عن السوق الأوروبي، وقد أسس مصنع آخر للورق في سنة 1293 في بولونيا.
لقد ساد الاعتقاد في أوروبا ولزمن طويل بأن الكتابة بالخط على الرق أصلح بكثير من غيره من المواد التي يخط عليها الخطاطون تلك النصوص التي يكتبوها، وبالمقارنة مع الرق المتين كان الورق اللين الذي يمكن أن يطوى ويمزق بسهولة يبدو في نظر كتاب الدواوين الملكية والنساخ الذين ينسخون المخطوطات لمكتبات الأديرة والمكتبات الأخرى مادة غير مضمونة لكتابة الوثائق الرسمية المهمة والمعاهدات الدولية والكتب المقدسة.
وهكذا فإن ملك صقلية ونابولي الثاني قد منع منذ سنة 1231 استعمال الورق لاستعمال الوثائق العامة، وحتى أن هذا المنع دخل لاحقاً في قوانين بعض المدن وقوانين بعض الروابط وعلى الرغم من هذا المنع ومن الشك الذي بقي يتمسك به النساخ وزبائنهم، إلا أن الورق استمر في شق طريقه، وقد أدى الطلب المتزايد على مادة الكتابة والخط عليها ابتداءً من القرن الثالث عشر الميلادي.
وخاصة مع افتتاح الجامعات حيثُ برزت الحاجة إلى نسخ عدد كبير من الكتب للطلاب والأساتذة إلى تقصير الرق عن تلبية الحاجات المتزايدة، وقد أخذت الوثائق العامة تكتب على الورق منذ القرن الثالث عشر الميلادي، بحيث تحول الرق مع الزمن إلى مادة تكتب وتطبع عليها فقط بعض المؤلفات الغالية المزينة بتوصية خاصة من الحكام.
ومن أشهر الدول التي أنتجت ورق تميز بنوعيته الممتازة وقد تميز على الورق العربي إيطاليا، ولشدة الطلب على الورق الإيطالي فتح مصنع آخر في فرنسا، كذلك في ألمانيا، والسبب الذي أصبحت فيه ألمانيا المصنعة الأولى للورق؛ لأن هذه الدولة كانت أهم مركز لإنتاج الكتاب بواسطة القوالب الخشبية.
وفي العصر الوسيط وقد كانت الكتب تنسخ في الأديرة أو في ورش النسخ التابعة للأسقفيات، وهكذا فإننا نجد مكافحة الكتب غير المرغوبة كانت أسهل بكثير ممّا كانت عليه في العصر اليوناني والروماني.