بدايات الوجودية في الفن الحديث

اقرأ في هذا المقال


بداية الوجودية في الفن الحديث

أولاً: الأصول والأفكار

على الرغم من أن مصطلح “الوجودية” ابتكره الفيلسوف الفرنسي جابرييل مارسيل في القرن العشرين، إلا أن جذوره تعود إلى زمن بعيد. ويمكن للمرء أن يجد آثارًا له في فكر الفيلسوف البروسي إيمانويل كانت بين عام (1724-1804)، الذي جادل في أن الجنس البشري تم تعريفه من خلال الصفات العالمية. بعبارة أخرى، فإن جوهر الإنسان هو نفسه في كل مكان، والجوهر يسبق وجوده في العالم، والذي يتوقف على عوامل خارجية مثل التاريخ والبيئة.

حيث لعب هذا الموضوع لاحقًا دورًا مهمًا في الوجودية. والفيلسوف الذي يُشار إليه غالبًا بإسم “أبو الوجودية” هو سورين كيركيغارد (1813-1855)، الذي حافظ مثل ايمانويل كانت على أهمية الفرد وواجبه في تحديد معنى الحياة.

ثانياً: جان بول سارتر وباريس ما بعد الحرب

جان بول سارتر هو الفيلسوف الأكثر ارتباطًا بالوجودية، وكان حاسمًا في نشر مبادئ الفلسفة في باريس ما بعد الحرب. حيث أعطى نشاط سارتر ككاتب مسرحي وروائي وناقد أدبي لأفكاره مدى غير عادي. وكانت روايته الغثيان عام (1938) مهمة بشكل خاص في هذا الصدد.

حتى أن سارتر كتب أحيانًا مقالات عن أعمال الفنانين، مثل جياكوميتي ماما ساعد في ترجمة الفلسفة إلى مصطلحات فنية بصرية. إذ وصف سارتر مقاربته للفلسفة بالوجودية الإلحادية، قائلاً: “إذا كان الإنسان، كما يتصوره الوجودي، لا يمكن تعريفه، فذلك لأنه في البداية لا شيء. وبعد ذلك فقط سيكون شيئًا، وسيكون هو نفسه قد صنع ما سيصبح.

ثالثاً: علم الظواهر والفن

ارتبطت الوجودية ارتباطًا وثيقًا بفلسفة علم الظواهر، وهي نظرية معرفة لها اهتمام كبير بمشاكل الإدراك. وكان سارتر مهمًا في الجمع بين الاثنين، حيث تأثر بشدة بأفكار إدموند هوسرل، مؤسس علم الظواهر. لكن الكاتب الذي كان له أكثر من تأثير على علم الظواهر في الفنون البصرية هو موريس ميرلو بونتي عام (1907-1961).

رابعاً: الشكل والصور الجديدة للإنسان

زودت الوجودية الرسامين التجريديين بمصطلحات مكنتهم من تأكيد أهمية تعبيراتهم الشخصية للغاية. لكنها خدمت أيضًا احتياجات الرسامين التصويريين. وتأثر البعض مثل جياكوميتي، بالأفكار الوجودية حول إدراك الأشياء في الفضاء، وعندما تطرقت الفلسفة إلى كيفية تفاعل البشر، قدم هذا نموذجًا للتفكير في كيفية ارتباط الرسام بجليسة البورتريه، وهو الشيء الذي شغل جياكوميتي كثيرًا في سنوات ما بعد الحرب.

كما تناولت الوجودية المخاوف بشأن مصير وكرامة الإنسانية، والتي كانت منتشرة في الثقافة في هذه الفترة. وكتب ألبير كامو، في كتابه (The Rebel) عام (1953)، عن الإنسان المعاصر.


شارك المقالة: