في مطلع العصر العباسي نشأة طبقة من الرواة المحترفين الذين اتخذوا من رواية الشعر عملاً أساسياً لهم، وكانوا يتخذون لأنفسهم حلقات في المسجد الجامع يحاضرون فيها الطلاب، وفي أثناء ذلك يشرحون لهم بعض الألفاظ الغريبة، أو يفسرون لهم ظروف النص التاريخية، وأهم هؤلاء الرواة أبو عمرو بن العلاء، وحماد الرواية، وخلف الأحمر، ومحمد بن السائب الكلبي، المفضّل، والأصمعي.
ما هي أهم مدارس الخط في العصر العباسي؟
- مدرسة في الكوفة.
- مدرسة في البصرة.
ويقف على الأصمعي وذلك بتاريخ 215 هجري على رأس الرواة البصريين الذين جمعوا الشعر الجاهلي في دواوين ومجموعات شعرية، ولا شك أن كتابه (الأصمعيات) وهو من الكتب المشهورة التي ضمّت قصائد كثيرة من الشعر القديم، ويقابله في هذا الصنيع معاصره في الكوفة المفضّل الظبي صاحب كتاب المفضليات وكلاهما من الرواة الأثبات الثقات الصادقين.
وربما كان السكري ت275 هجري أهم راوٍ ظهر في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وقد رويت عنه دواوين كثيرة وهو يجمع في روايته بين الروايتين الكوفية والبصرية، إذ أخذ عن ابن حبيب وابن السكيت الكوفيين كما أخذ عن الرياشي وأبي حاتم البصراوي.
إن الحديث عن القرن الرابع الهجري فيتكاثر التأليف والتدوين على نحو ما هو معروف عن ابن دريد، وابن الأنباري، وأبي علي القالي والمرز باني وأبي فرج الأصفهاني، وكل الشواهد السابقة تشير إلى أن عملية التدوين قد بدأت في حياة العرب منذ وقت مبكر، وأنها أخذت تنمو وتتطور حتى اكتمل تدوين المعارف العربية والإسلامية في النصف الأول من القرن الثالث الهجري.
وهكذا فإن العصر العباسي لم يخلو من التدوين بالخطوط العربية والتي طورت في هذا العهد وقد كتب بها أكثر الكتب التي ذاع صيتها في ذلك الزمان. بالإضافة إلى أنه قد توسع الشعراء والأدباء في نسخ الكتب والمؤلفات ودونوها في سطور اشتهرت في العصر العباسي.
لم يخلو عصر من العصور دون أن يدون شعرها وأدبها كما كان ذلك في قصور الخلفاء في العصر العباسي من الخطاطون الذين كتبوا أنساب هؤلاء الخلفاء وأمرائهم، وقد لعبت الكتابة في العصر العباسي دوراً مهماً في تطور الكتابة والخطوط للعصور المتعاقبة كما أنهم تركوا أثراً كبيراً في صناعة الكتابة وإنشائها.