ما هي الأمور التي تؤثر على طبيعة العمل الفني؟
يتم تحديد القيمة الفعلية للعمل الفني من خلال جوانب مختلفة، وتشمل هذه العوامل الحجم والوسيط والأسلوب والإبداع والصعوبة وبروز الفنان والوقت والموضوع والتعلق العاطفي والقصة. حيث كان هناك زيادة في بيع الفنون الجميلة؛ لذلك هناك طلب مرتفع على الأعمال الفنية عالية الجودة وتحقق أعلى الأسعار. حيث أن أهم جانب يأتي عند تحديد قيمة العمل الفني هو أصالته. ويعتبر العمل الفني ليس سلعة؛ لذلك فإن تقييمه ليس مسألة عرض كما هو الحال مع العديد من السلع في السوق. إذ يتعلق تخصيص القيمة للعمل الفني بإعطاء قيمة للإبداع البشري، وهذا ليس بالأمر السهل.
أولاً: الفن تعبيراً عن الواقع وليس تسجيلاً له
- التعبير(Expression): يعتبر التعبير من أولى وأهم خصائص العمل الفني وهو التعبير وليس التسجيل، والمقصود بالتعبير هنا وضع الحقيقة بصورة مختلفة عن الأصل أو الواقع، حيث أن التعبير عبارة عن السلوك الذي يقوم به الفرد کردة فعل على مثير معين، كما ويتولد لديه الإنفعال بهذا المثير الذي ينتج عنه السلوك، وما يعني به الفنان هو التعبير عن ما يشعر به في العمل الفني، بمعنى أن العمل الفني له طبيعة تغاير طبيعة الواقع، فهو عندما يقوم برسم أحد مناظر الطبيعة أو غيرها نراه أولاً يتأمل المشهد وحين ينفعل به يبدأ التعبير عنه، ويتضمن تعبيره هذا تنظيم انفعالاته أيضاً، حيث أنه عند المقارنة بين العمل الفني الذي ينتجه التلميذ ومقارنته بالواقع يعتبر مضيعة للوقت؛ لأن هناك اختلاف حقيقي بين الواقع والعمل الفني.
ويعتبر التعبير الفني من أهم ما يميز تلاميذ المرحلة الإبتدائية، وهذا ما يجب على مدرس التربية الفنية العناية به عناية فائقة ودراسته على أكمل وجه، وأن هذا التعبير يأخذ صوراً وأشكالاً ورموزاً تعكس طبيعته وأسبابه ودوافعه النفسية، ومتابعته في مراحل نموه المختلفة وتنمية روح التذوق والابتكار، وترقية سلوكه والارتقاء به. - التسجيل(Narrative): التسجيل هو وضع الحقيقية بصورتها الطبيعية وهو محاولة نقل الأشياء على حقيقتها، وهذا ما تحققه الصورة الفوتوغرافية التي تتمثل بحرفيتها للواقع، ونلاحظ هنا إن مهمة التسجيل ليست من مهام الفنان أو التلميذ وإنما مهمة التسجيل من مهام رجال التاريخ، في وصفهم لمعركة معينة مثلاً أو الصحفي الذي ينقل مباراة مثلا لكرة القدم نقلا مباشراً مثلاً فهو ينقل الحقيقة كما هي، دون تغيير أو تعديل أو إضافة.
عودةً للتعبير فهناك أنواعاً مختلفة من التعبير، حيث أنه من الممكن أن يكون التعبير بالكلام أو بحركة اليدين وما يهمنا هذا التعبير من خلال الفن، وهو الانفعال والاستجابة لأي مثير، والتعبير عنه مثل لوحة فنية زيتية أو عمل خزفي أو غير ذلك، بينما فأن أعمال التسجيل قد نراها عندما نقوم بدراسة حقبة تاريخية معينة، حيث تجد أن هناك تناقض بين المراجع فيما يخص تلك المرحلة أو الموضوع، فهنا تحدث المشكلة أما في الأعمال الفنية لو وجدنا هناك اختلافاً في التعبير عن موضوعاً معيناً فلن تكون لدينا أيّ مشكلة في ذلك الاختلاف والفرق.
ثانياً: الفن رموزاً مجردة ولكنها على صلة بالواقع
- التجريد (Abstract): هو تجريد الأشياء من المظاهر الشكلية وليس الجوهرية؛ وذلك باستخدام أساليب التجريد وإعادة التشكيل والصياغة مع الاحتفاظ بالجوهر، وقد يأتي التجريد على إعادة الأشياء إلى أشكالها الأساسية الهندسية كالمربع والمثلث و الدائرة، حيث يوجد هناك فرق بين الرموز الفنية المحسوسة والعلمية التي تأخذ شكل الرموز الإصطلاحية كما في الفيزياء مثلا قد تأتي على شکل إصطلاحات جبرية أو حسابية مجردة كل التجريد، أما العمل الفني فإننا نجد فيه الألوان و الأشكال المختلفة وعلاقتهما ببعضهما البعض وملامس السطوح واختلافهما، فيخرج العمل على شكل قيم فنية حسية مجردة من الأمكنة والأزمنة ولكنها ترمز إلى شيء قد يكون طبيعيا أو غير ذلك.
ثالثاً: الفن أكثر حقيقة من الواقع
حيث يعتبر الفن أكثر تعبيراً عن الحقيقة من الواقع، إذ نلاحظ ذلك في الأشياء المحيطة فمثلاً الطير والصقر في الواقع يمثل هذا أو ذاك الصقر بعينه، بينما في العمل الفني فان صورة الصقر تعبر عن الصقور عامة، ومما تجدر ملاحظته هنا إن الفن من الناحية الوجدانية يمثل الشيء العام أو يعبر عنه بطريقة موضوعية، أي من جميع الجوانب بينما الأشياء التي نراها في الطبيعة فهي تعبر عن ذاتها أي أنها ذاتية، والذاتي ما هو إلا جزء من الشيء الموضوعي ولا يمثل الكل.