اقرأ في هذا المقال
إدارة الموارد البشرية بصورتها الحديثة لا تعتبر وليدة اليوم، إنما هي تعتبر نتيجة للعديد من التطورات التي يعود عهدها منذ بدء الثورة الصناعية، هذه التطورات التي كان لها دور في ظهور الحاجة إلى تواجد إدارة موارد بشرية متخصصة، تهتم بشؤون الموارد البشرية في المنظمة.
التطور التاريخي للموارد البشرية
يوجد العديد من الأسباب التي تعمل على تفسير الاهتمام المستمر بإدارة الموارد البشرية كواحدة من الوظائف المتخصصة وكفرع من فروع الإدارة، ومن هذه الأسباب:
- الزيادة والتطور الصناعي في العصر الحالي، كان له دور في إنشاء التنظيمات العمالية المُنظّمة؛ إذ ظهرت المشاكل بين الإدارة والموارد البشرية، مما يكون سبب في ضرورة تواجد إدارة متخصصة تقوم بالاهتمام بمشاكل الموارد البشرية وتجد حلها في المنظمة.
- التوسع الكبير في العليم وخيارات الثقافة المتاحة أمام العاملين، هذا يؤدي إلى رفع نسبة الوعي بسبب ارتفاع الدرجة الثقافية والتعليمية، مما يسبب إلى ضرورة وجود أصحاب الاختصاص في إدارة الموارد البشرية وتواجد وسائل حديثة للتعامل مع التنوع الحديث لكوادر الموارد البشرية.
- زيادة التدخل الحكومي في العلاقات بين العمال وأصحاب العمل من خلال إصدار قوانين وتشريعات عمالية، مما يؤدي إلى أهمية وجود إدارة متخصصة تقوم بالمحافظة على تطبيق القوانين لتجنب وقوع المنظمة في مشاكل مع الحكومة.
- إنشاء النقابات والمنظمات العمالية التي تقوم بالدفاع عن الموارد البشرية، ويحتاج الأمر بأهمية التركيز على علاقات الإدارة بالمنظمات العمالية، مما يؤدي إلى ضرورة وجود إدارة مختصة للحصول على التعاون بين الإدارة والمنظمات العمالية.
أهم الفترات التاريخية التي مرت بها إدارة الموارد البشرية
- الفترة الأولى: تطور الحياة الصناعية، كانت الصناعة قبيل الثورة الصناعية محددة فقط في أنظمة الطوائف المتخصصة؛ حيث كان أصحاب الصناعات يقومون بتطبيق صناعتهم اليدوية في البيوت بأدوات بسيطة، وبنظرة عامة فقد كانت الثورة الصناعية بمثابة البداية للعديد من المشاكل الإنسانية إذا نظرت إلى العامل بصفته سلعة يتم بيعها وشرائها بعد أن اعتمدت الإدارة على الآلة أكثر من اعتمادها على العامل، وظهرت في هذه الفترة العديد من الأعمال المتكررة التي لا تحتاج إلى مهارة بسبب نظام المصنع الكبير، وعلى الرغم من ذلك فإن الثورة الصناعية نتج عنها زيادة عظيمة في الإنتاج والسلع.
- الفترة الثانية: تكوين حركة الإدارة العلمية من التطورات التي كان لها دور في المساعدة في نشأة أهمية إدارة الموارد البشرية هو التوسع في حركة الإدارة العلمية برئاسة مفكر الإدارة فريدريك تايلور (Taylor) الذي توصل إلى القواعد الأربعة للإدارة وهي:
1. تطوير فعلي في الإدارة : والمقصود بهذا التطور هو استبدال الأسلوب التجريبي أو أسلوب الخطأ والصواب في الإدارة بالأسلوب العلمي الذي يعتمد على القواعد المنطقية، والملاحظة المنظمة وتقسيم أوجه الأنشطة التي لها علاقة بالوظيفة، ثم تبسيط وتحديد الأعمال اللازمة بالاعتماد على أعلى المواد والمعدات المستعملة.
2. الاختيار العلمي للعاملين: ويتم اعتباره الشيء الرئيس في نجاح إدارة الموارد البشرية، فبعد أن يتم التحقق من قدراتهم ومهاراتهم الضرورية لتحمل عبء الوظيفة يتم اختيارهم.
3. التركيز على تنمية وتطوير الموارد البشرية وتعليمهم: إذ أن هذا يؤكد أن العامل لن يقوم بإنتاج الطاقة المطلوبة منه إلا بعد أن يكون لديه جاهزية للعمل، وتدريب ملائم على العمل، وهو أمر جوهري للوصول إلى المستوى اللازم من العمل.
4. التعاون الفعلي بين الإدارة والموارد البشرية: تم التأكيد أنه بالقدرة أن نحقق التلائم بين رغبة العامل في زيادة أجره وبين رغبة صاحب العمل في تقليل تكلفة العمل، وهذا يكون عن طريق زيادة إنتاجية العامل التي تتمثل بمشاركته في زيادة الدخل عن طريق ارتفاع معدل الإنتاجيته.
أكـد تايلور على معايير العمل، حيث قوبل من النافدين بهجوم ركز على إهماله للجانب الإنساني واحتياجته للعمال بأداء معدلات إنتاج دون أن يحصلوا على أجر بنفس الدرجة.
- الفترة الثالثة: نشأة المنظمات العمالية، في بداية القرن العشرين بدأت بالنمو وأصبحت قوية في بلدان مختلفة، خصوصًا في مجال المواصلات والمواد الثقيلة، وقد كان محاولات للنقابات العمالية في رفع أجور العمال وتقليل ساعات العمل، كما كان لحركة الإدارة العلمية ومن روادها هنري فايول (Henri fayol) التي كان لها دور في استغلال العامل لمصلحة مالك العمل دور كبير في ظهور النقابات العمالية.
- الفترة الرابعة: بدء الحرب العالمية الأولى، نتج عن الحرب العالمية الأولى الحاجة إلى استعمال أساليب جديدة لاختيار العمال قبل أن يتم تعيينهم مثل ألفا وبينا، وتم تطبقيها بنجاح على العمل ليتم الابتعاد عن مسببات فشلهم بعد تعينهم.
ومع تطور الإدارة العلمية وعلم النفس الصناعي كانت بداية لبعض المتخصصين في إدارة الموارد البشرية الظهور في المنظمة للمساهمة في التوظيف والتدريب والخدمة الصحية والصحة والسلامة المهنية، ويمكن اعتبارهم طلائع أولى ساهمت في بناء إدارة الموارد البشرية بمفهومها المتطور، وزيادة التركيز بالرعاية الاجتماعية للموظفين من تكوين مراكز للخدمة الاجتماعية ويمثل تكوين هذه المراكز عبارة عن بداية لظهور إدارت الموارد البشرية.
- الفترة الخامسة: وهي ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية،شهدت أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات من هـذا القرن العشرين تطورات في مجال العلاقات الإنسانية؛ فقد أجريت تجارب (هوثورن) في مصانع حفرال الكتريك عن طريق (التون مايو)، وأقنعت العديد بأهمية رضا العاملين عن عملهم وتوفير الظروف الملائمة للعمل مما أدى الى ظهور مبادئ جديدة تقودها حركة العلاقات الانسانية.
- الفترة السادسة: ما بعد الحرب العالمية الثانية، بين هذه الفترة كان توسع في نطاق الأعمال التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية؛ إذ احتوت على التدريب والتنمية للعاملين الحديثة في إدارة الموارد البشرية ما زالت تهتم بالعلاقات الإنسانية، وتحقيق الفائدة من نتائج دراسات علم النفس، وكان نتيجة هذا التزايد استخدام مصطلح العلوم الإنسانية.
إذ إن مصطلح العلوم الإنسانية أكثر شمول لأنه يقوم بمراعاة جميع الجوانب الخاصة ببيئة وظروف العمل والعامل وأثرها على سلوكه، ويجب التأكد من أن العلوم السلوكية ما هي إلا مجرد أداة تقدم المعونة للإدارة في معرفة الدوافع للسلوك الإنساني للعاملين، وأثر العوامل على هذا السلوك، وتقوم بإضافة نوع من المعرفة الجديدة التي يستفاد منها في مجالات إدارة الموارد البشرية، مثل : سياسة التحفيز والتنظيمات غير الرسمية.
في المستقبل من الممكن النظر إلى إدارة الموارد البشرية على أنها في تطور مستمر بسبب أهميتها في كل المنظمات نتيجة التغيير السياسي والتكنولوجي ووجود تحديات يجب أن يتم التصدي لها من قِبل إدارة الموارد البشرية مثل: الاتجاه المتصاعد في الاعتماد على الحاسوب، والتحول الآلي في تنفيذ الكثير من الوظائف.