ماهية الإبداع:
وهو وضع خاص من الابتكار، وذلك حين يكون الشيء الجديد جديد على الفرد وعلى المنظمة وعلى المجتمع ككل، وهو عبارة عن نشاط يقود إلى إنتاج يتّصف بالجدّة والأصالة والقيمة بالنسبة لمجتمع.
الموهوبين والمبدعين:
إن الموهوبون نوعين، وهما:
- النوع الأول يتميز أفراده بإمكانات إبداعية، ويتصفون بأسلوب التفكير التشعبي؛ أي قدرتهم على توجيه تفكيرهم في اتجاهات متعددة، وقد يكون هناك تصادم بين نتائج تفكيرهم مع عادات المجتمع والقيم والأنظمة التي يتبعها، ومن المحتمل أن لا يكونوا من المتفوقين في مقاييس الذكاء العام أو مقاییس التحصيل الدراسي، وقد يكون من الصعب التعامل معهم في المنظمات المألوفة.
- نوع يتميز بالذكاء المرتفع، ويغلب عليه أسلوب التفكير اللامّ ، أي التفكير المركّز حول مناهج دراسية وأساليب إدارية مقررة، وقواعد أخلاقية واجتماعية منتشرة، وهذين النوعين إذا اقترن بالدأب والجدّ والمثابرة أو توافر فيه الدافع والمزاج، فإنه سوف يحقق نتائج إيجابية رفيعة، إما في مجال الإبداع وهو النوع الأول أو مجال التفوق الدراسي وما يلاحقه من النجاح في أغلب المنظمات الرسمية والمنظمات الخاصة، وهو النوع الثاني.
فإن الارتباط بين الذكاء العام وبين الإبداع ارتباط ضعیف، ولذلك يجب البحث عن السمات الشخصية الأخرى للمبدعين، وإن معايير الذكاء، والتفوّق الدراسي والمستوى الأكاديمي، لا تصلح لكشف القدرات الإبداعية.
عناصر الإبداع:
إن تقويم أي عمل إبداعي او شخصية مبدعة ينظر إلى توافر عناصر الإبداع الأساسية وهي:
- المرونة: إن المرونة فتعني تواجد المعلومات المختزنة، وسهولة الحصول عليها وتنظيمها وإعادة بنائها والنظر إلى المسائل من زوايا متعددة.
- الطلاقة: فهي كثرة الإنتاج، وسرعة تواجد وحدات من المعلومات، مثل إعطاء الكلمات التي تتفق مع معنی ما أو تضاده أو تربط جزءًا بكل، والطلاقة قريبة من مفهوم التفكير المتشعب.
- الأصالة: المقصود بها هو التفرد بالفكرة، ولا يقصد بذلك أن تكون الفكرة غير متصلة عمّا يسبقها، ولكن صاحبها زاد فيها شيئًا أو عرضها بأسلوب جديد، أو الوصول إلى نظرية تقوم بنتظم أفكار مشتته قال بها آخرون.
فالخليل بن أحمد مُبدع حين قام باستنباط قواعد الشعر التي كان يمارسها الشعراء، والإمام الشافعي عندما أبدع باستنباط أسس وأصول الفقه الإسلامي التي كانت متواجدة في عقول الفقهاء، وماندلييف الذي أبدع في نظم جدولة التصنيف الدوري للعناصر الكميائية التي كانت معظم خواصها كانت معروفة من قبل، وفتحي الدريني الذي كان إبداعه حين وضع نظرية التعسف في استعمال الحق، مع أن الفقهاء منذ القديم كانوا يحكمون هذه النظرية في كثير من الأحكام.
وتعني الأصالة في النهاية أن تكون الفكرة المبدعة جزءًا من شخصية المبدع، والمفكرون الذين يتفردون بالأصالة هم من أكثر تفتح وعقلية وانفعالية، وبعض العلماء يزيد على عناصر الإبداع الثلاثة المذكورة عناصر أخرى مثل الفائدة (حيث يكون الشيء الجديد مفيد للمجتمع)، والقبول الاجتماعي بأن تكون الفائدة مناسبة مع قيم المجتمع. لكن مثل هذين العنصرين يبقيان محل خلاف، قد لا تدرك فائدة الجديد إلا بعد وقت، وقد يكون هذا الشيء مفيدة في تخصص وضارة في تخصص، وقد يكون مرفوض من المجتمع اليوم ومقبول غدًا، أو يكون مرفوض في مجتمع مقبول في مجتمع آخر.
ومجالات الابتكار يكمن أن يتم الوصول إليها أن للابتكار والإبداع مجالات عديدة مثل الأدب وفنونه، والفقه الإسلامي وأصوله، والاقتصاد، والكيمياء، والعسكرية، وعلوم اللغة، والرسم والموسيقى، ولكل مجال من هذه المجالات معاييره وخصوصیاته، وإن كانت المقاييس في الفنون والآداب أقل، وأصعب ضبط.
