نشأة الضرائب وتطورها في العصر القديم

اقرأ في هذا المقال


نشأة الضرائب وتطورها في العصر القديم:

لطالما عُرفت الضرائب الجمركية بالمحاربين القدامى كأشخاص يعملون في التجارة قامت القبائل التي تعيش عند مفترق الزهور، وتستقر عند سفح الجبال وعلى ضفاف الأنهار بجمع مبالغ معينة مقابل مرور القوافل التجارية من الأماكن التي تعيش فيها هذه القبائل مقابل الحماية التي توفرها القوافل التجارية. وفي مرحلة لاحقة من التطور بعد أن نظمت هذه القبائل شعوبًا ودولًا وأقامت أنظمة لها وبدأت تدريجيًا في تحصيل هذه الضرائب، بدأت في النمو والتوسع بشكل يتناسب بشكل مباشر مع حجم وسلطة الدولة، وتوسعت هذه الضرائب حتى أصبحت أهم مورد لتمويل الدولة.

وبالارتباط الوثيق بين الضرائب الأجنبية والضرائب الجمركية يمكن القول: إنّ هذه الضرائب صدرت منذ أن صدرت التجارة في حياة الإنسان، العلاقة الوثيقة بين الضرائب الأجنبية والضرائب الجمركية تفسر من خلال العلامات المسمارية التي كتبت عبارة الضرائب الجمركية، حيث نجد الكلمة السومرية التي كتبت (NIG) تعني شيئًا أو (KUD) فكر في الفعل (قص أو طرح) كما هو الحال بالنسبة للعلامة المسمارية (DA)، فهي تمثل أداة إضافة في اللغة السومرية.

لذا فإنّ معنى كلمة (NIG ،KUD ،DA) هو الشيء القابل للخصم، أي الضرائب الجمركية ورسوم الإنتاج التي تؤخذ على البضائع التجارية، والدليل على ارتباط الضرائب بالتجارة الخارجية هو الفعل (KUD).

أي أنه يمثل نقطة حدية لذلك، في هذه المرحلة يتم أخذ بعض المواد المتداولة عند مغادرة الحدود أو عند دخولها إلى البلاد والمؤكد أن من المعاني الأخرى أن الإشارة المسمارية هي الشارع والسوق، حيث تنطق باللغة السومرية (سيلا) وباللغة الأكادية (SUGU) وهذا يوحي بإنشاء الأسواق القديمة في الشوارع والطرق؛ لذلك خلال الحفريات، لم نجد أي مجمعات بناء من شأنها أن توحي بالأسواق.

وممّا لا شك فيه أن ظهور التجارة ارتبط بالوقت الذي ظهرت فيه الزراعة والذي يقدر بـ (8000) قبل الميلاد نتيجة للفائض في الإنتاج الزراعي، وطبيعة المحاصيل الزراعية سريعة التلف وعدم القدرة على تخزينها لفترات طويلة، لجأ أصحاب الأراضي الزراعية استبدال ما تبقى من إنتاج المحاصيل الزراعية بسلع أخرى متساوية في القيمة، ولكنها تتميز عنها بقدرتها العالية على الادخار ولا تتأثر بعوامل الطقس مثل الأحجار والمعادن الثمينة، والدليل على ذلك ما كشفته الحفريات في المواقع الشمالية لنهر الفرات في زمن الزراعة (في العراق)؛ ممّا يشير إلى وجود علاقات تجارية بين المواقع ودول الأناضول مواد غير مغطاة مصنوعة من الحجر الغامق والنحاس والفيروز والمواد مفقودة في العراق ومتوفرة في دول الأناضول وإيران بخصوص حجر الفيروز.

وفيما يتعلق بحجم الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع التجارية في ذلك الوقت، تم ذكر نصوص الأزياء في العصر الآشوري المبكر، أي حوالي 1800 قبل الميلاد، حيث أوضحت هذه النصوص أن الرسوم الجمركية على الأقمشة كانت تساوي (1/20) قيمة الأقمشة المستوردة (2/65) نظام القصدير، كما أطلق عليه الضرائب في اللغة الآشورية (نشتم).

وبالإضافة إلى فرض هذه الضرائب على البضائع، فإنّ حاكم المدينة الذي يستلم البضائع التجارية له حق الشفعة الأولى في شراء (10٪) من المواد التي تدخل البلاد، يبدو أن الغرض من فرض الضرائب هو تغطية تكاليف الحماية اللازمة للمقطورات التجارية ومساراتها وحماية التجار في هذا البلد؛ أي أن الغرض من فرضه هو غرض نقدي بحت وليس هناك غرض آخر؛ وذلك لأنّ المستفيد الحقيقي من هذه المواد التجارية هو البلد المستقبل لتلك البضائع والدليل على ذلك هو معدلات الضرائب المفروضة ونلاحظ أنه يتم فرض نسبة تعادل (1/20) على الأقمشة فيما يتعلق بالدولة التي تستقبل هذه البضائع، وبالنسبة للدولة التي تمر من خلالها هذه المواد أو البضائع التجارية ولا تباع فيها.

ويتم فرض قيمة هذه المواد كنسبة مئوية (10٪)؛ لأنها توفر الحماية ولا تستفيد من البيع في نطاق ولايتها القضائية ما يؤكد فرض ضرائب جمركية على البضائع المارة عبر الولايات بكميات أكبر من البضائع المباعة في الدولة هو استخدام التجار لأساليب غير مشروعة أثناء تنقلهم عبر الولايات، حيث انتشر التهريب منذ أن عرف الوقت واستُخدِم وبسبب ظاهرة التهريب هذه، فقد وعد التجار الآشوريون حاكم المدينة الذي يتعاملون معه بعدم التعامل مع التهريب أو الترويج له.

ونلاحظ أنّ بعض النصوص الآشورية في التجارة مع الأناضول لها علاقة بأنشطة التهريب التي تقوم بها المهربون في ذلك الوقت تلك التي تتجنب نقاط التفتيش في الشوارع التجارية، من خلال البحث عن الصلة بين الضرائب الجمركية والتجارة الخارجية والحفريات، التي تم إجراؤها والتي تشرح لنا العلامات الإسفينية لتعيين الضرائب الجمركية وباللغة السومرية نرى الاسم وباللغة البابلية، حيث تتوافق مع الضرائب الجمركية اللغة السومرية (NIG ،KUD ،DA). في اللغة البابلية، تسمى هذه الكلمة (MIKSU) بينما تسمى الضريبة الداخلية أيضًا (MIKSU).

ولكن هناك اختلاف في تعداد الجامعين حيث أن الشخص الذي يقوم بتحصيل الضرائب الداخلية يسمى (ENKU) في اللغة السومرية ويفترض الكتابة المسمارية والشخص الذي يجمع الضرائب يسمى (Sumeria LU،NIG ،KUD ،DA).

ويتم استدعاء كلا الشعبين باللغة الأكادية (ماكيسو)، وتؤكد الحقيقة أنّ البابليين لم يميزوا بين تحصيل الضرائب الجمركية على البضائع وتحصيل الضرائب على طريقة الضرائب المحلية، كما فعل السومريون سابقًا في هذا الصدد ومن هنا استخدمت الكلمة البابلية (ميكسو) للإشارة إلى الضرائب على البضائع والمواد المحلية وهي أيضًا كلمة بابلية أخرى ليست سومرية وتعني الضرائب، ويبدو أنها تعني الضرائب بشكل عام.

وأقدم مرجع للضرائب على المواد المنتجة محليًا هو من حوالي (2355) قبل الميلاد ذكر الملك (أوروامكينا) في إصلاحات آخر ملوك سلالة (لكش الأولى)، وقد سبق أن نطق اسمه (أوركاجينا)، والذي تم الكشف عنه لنا بالنص المسماري الشهير بعد اسمه (الملك، Uramkina) بعد تدهور أوضاع البلاد بسبب الفساد والرشوة والمحسوبية.

فاللافتات المسمارية التي كتبت فيها كلمة (محصل ضرائب ENKU) هي إشارة واضحة إلى فرض الدولة للضريبة، خاصةً من الصيادين؛ لأنها ملك للجميع، عندما يستفيد الصيادون من العائد المالي الذي يجلبه لهم مهنة الصيد، يجب عليهم دفع الضريبة للدولة مقابل الحماية التي يقدمونها مقابل حصة الدولة في ملكية الثروة السمكية ومن الحقائق التاريخية التي تدعم هذا الافتراض ملحمة الملك (سرجون العقاد) المعروف بـ (ملك الحرب) والتي تدل على أن التجار الأكاديين عاشوا في مدينة (شخاندر الفقيرة) الواقعة في الأناضول، وكيف بسبب ظلم حاكم المدينة، استعانوا بالملك (سرجون الأكادي) مقابل تحمل نصف التكاليف المادية للحملة المذكورة؛ لأن المرجع يشير إلى أن الملك (سرجون) تحمل نصف تكاليف الحملة وهو ما يمكن أن تستفيد منه بلاده من المواد التجارية التي كان التجار المذكورين يجلبونها إليه، خاصةً المواد النحاسية التي يفتقر إليها العراق.

وهذا يدل بلا شك على أن الدول العربية هي مهد الحضارات الإنسانية، وأن الحضارات العراقية في بلاد ما بين النهرين والحضارات المصرية في وادي النيل من أقدم وأهم حضارات العالم. وهو ينفي سوء الفهم بين العديد من الفقهاء بأن كل شيء يبدأ في اليونان وليس قبل الحضارة اليونانية، وأن القانون الروماني هو الرابط الأول الذي عرفته البشرية في تاريخ ظهور الفكر القانوني عرفت الضرائب الجمركية بشكل مبسط في اليونان القديمة في زمن الإغريق، في ظل طفرة حركة السفن والبضائع.

وفُرضت على البضائع المستوردة بحسب، لكن الأسعار تختلف باختلاف درجة التحالف مع بلد التصدير لا تُقارن معدلات الضرائب بشكل كبير بالدول الواقعة تحت سيطرة (أثينا)، وتزداد هذه النسبة المئوية بدرجة التحالف مع اليونان يعرف الرومان أيضًا الضرائب الجمركية؛ لأنها كانت تُفرض على البضائع في الإمبراطورية الرومانية، فُرضت على نسبة معينة من قيمة البضاعة تتفاوت حسب ضرورة البضاعة وأهمية الدرجة وذلك بنسبة (1/4) من قيمة البضاعة للديكور والأدوات الكمالية نسبة (1/8) من قيمة البضاعة للمتطلبات اللازمة.

وهذا يقودنا إلى الأخذ بعين الاعتبار التشريعات الجمركية للرومان، والتي اعتمدت مبدأ البيانات الجمركية كما هو الحال في تشريعاتنا وأن البيانات التي قدمها التجار بشأن البضائع والمواد الخاضعة للرسوم الجمركية كانت يسيطر عليها الموظفون المعينون لهذا الغرض، معظم الدراسات عن التنمية لا يتوافق تاريخ الضرائب الجمركية مع الصيغة كما كانت في ذلك الوقت.

ومع ذلك، يعتقد البعض أنه يتم تحديدها من حيث الشكل على التجارة الخارجية وقد تم تجاوزها في أغراضه باستثناء الغرض المالي، وهو الهدف الأساسي من فرض هذه الضريبة وتحصيلها لتغطية النفقات الهامة التي تتكبدها الدولة لهذه التجارة الخارجية.

العرب قبل الاسلام بل يعود إلى العصور القديمة، كما أطلق عليها الفرس والرومان واليونانيون ومصر القدماء ولا يقتصر ذلك على ما يؤخذ من المال التجاري الذي يمر من عُشر دولة إلى أخرى، بل يشمل النقود التجارية التي تُباع في الأسواق وتحسب على هذا النحو الدراهم مرقمة وتسمى (العشور) دون أي تمييز بسبب مقدار الضريبة المتأصلة، ذكر (ماكس) في اللغة بمعنى التحصيل وبمعنى الضريبة التي تأخذ الحد الأقصى أو العاشر ويسمى أيضا (العشار) ومن هناك يفهم التضييق والكراهية أو أخذ كما يخضع (ومنزل ماكس) للرسوم.


شارك المقالة: