القسم في القرآن

اقرأ في هذا المقال


المواضع التي أقسم بها الحق سبحانه وتعالى بنفسه

ذكر علماء هذا الفن أنّ القسم بالله سبحانه وتعالى قد ورد في سبعة مواضع في كتاب الله تعالى، والباقي قد ورد بمخلوقاته، والمواضع التي أقسم بها الحق سبحانه وتعالى بنفسه منها قوله.

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ﴾ [الحجر ٩٢].

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّیَـٰطِینَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِیࣰّا﴾ [مريم ٦٨].

﴿فَوَرَبِّ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقࣱّ مِّثۡلَ مَاۤ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ﴾ [الذاريات ٢٣].

﴿فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِرَبِّ ٱلۡمَشَـٰرِقِ وَٱلۡمَغَـٰرِبِ إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ﴾ [المعارج ٤٠].

ومن الآيات التي ورد ذكر القسم فيها بالمخلوقات.

  • ﴿وَٱلضُّحَىٰ (١) وَٱلَّیۡلِ إِذَا سَجَىٰ (٢) ﴾.
  • ﴿وَٱلتِّینِ وَٱلزَّیۡتُونِ (١) وَطُورِ سِینِینَ (٢) وَهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِینِ (٣) لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیمࣲ (٤) ﴾.
  • ﴿۞ فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِمَوَ ٰ⁠قِعِ ٱلنُّجُومِ﴾ [الواقعة ٧٥].

اللغة العربية من ميزاتها الدقة في التعبير والاختلاف والتنوع في الأساليب، وكذلك التنوع في الأغراض، وبحسب المُخاطب، وهو ما يسمّى بأضرب الخبر الثلاثة:

أولاً: الابتدائي.

ثانياً: الطلبي .

ثالثاً: الإنكاري.

ففي بعض الحالات يكون المُخاطب خالي الذهن من حيث الحكم فيتم إلقاء الكلام إليه غفلاً من التأكيدِ، وهذا ما يسمّى الأسلوب بالضرب.

وبعض الحالات يكون متردداً في ثبوت أو عدم الحكم، فيتم تأكيد وتحسين الحكم له بمؤكد لكي يزيل تردده، وهوما يسمّى (طلبياً).

وبعض الحالات يكون إنكار للحكم، فيجب أن يتم تأكيد الكلام على قدر الإنكار من حيث القوة والضعف، ويسمّى هذا (إنكاراً).

والقسم كما هو معروف عن أهل هذا الفن من (المؤكدات) التي تقوي الشىء في نفس السّامع وتقويه.

والقرآن الكريم قد نزل لجميع الناس، إنسهم وجنهم، وقد خاطب جميع الناس على السواء دون استثناء، وتقبل الناس للقرآن مختلف، فالنفس النقية الصافية، تقبل الهدى، وتفتح المجال للقلب، لكي تشع أنواره، فتكفيها الإشارة والتلميح، بخلاف النفس التي ملها التردد والشك، فهي تحتاج إلى مطارق الوعظ والزّجر والتخويف، وتأكيد وتقرير الخبر والحكم في أكمل وأبهى صورة.

فأسلوب القسم في القرآن الكريم جاء لتأكيد الحكم، وبه يتم سوق الأدلة والبراهين على تأكيد وتقرير وتوضيح المعنى. والقسم واليمن واحد، وتمّ إطلاق كلمة اليمين عليه، وذلك لأنّ العرب كان الواحد فيهم يأخذ بيمين صاحبه عند الحلف.

أسلوب القسم له ثلاثة أمور:

أداة القسم: وهي الصيغة الصريحة الأصلية للقسم والصريحة، وتاتي ب (أقسم) ،(أحلف) مع تعدي الفعل بحرف الباء إلى المقسم به، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَا یَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن یَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَیۡهِ حَقࣰّا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [النحل ٣٨.

وقد تمّ حذف فعل القسم، ويُكتفى بالباء ثمّ عُوض عن حرف الباء بالواو في الأسماء الظاهرة، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَغۡشَىٰ﴾ [الليل ١] وقوله تعالى ﴿وَتَٱللَّهِ لَأَكِیدَنَّ أَصۡنَـٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّوا۟ مُدۡبِرِینَ﴾ [الأنبياء ٥٧] .

ثانياً المُقسم به: قضية المُقسم به أمر عظيم دائماً، فالله وحده هو من يقسم بما شاء من عباده قال تعالى ﴿فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِرَبِّ ٱلۡمَشَـٰرِقِ وَٱلۡمَغَـٰرِبِ إِنَّا لَقَـٰدِرُونَ﴾ [المعارج ٤٠] فالله في هذه الآية أقسم بالمشارق والمغارب، وأقسم الله بالفجر فهو مخلوق فقال تعالى ﴿وَٱلۡفَجۡرِ (١) وَلَیَالٍ عَشۡر﴾ الفجر .

المُقسم عليه: والمقسم عليه منه تؤكيد الأمر، وخاصة الأمور الغائبة والخفية التي يريد الحق سبحانه وتعالى إثباتها، كما جاء في قوله تعالى ﴿وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢)﴾ [النجم ١-٢] ويأتي جواب القسم يُذكر مرّة وهو الغالب – وتارة يُحذف كما جاء في قوله تعالى ﴿لَاۤ أُقۡسِمُ بِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ (١) وَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ (٢) أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ (٣) بَلَىٰ قَـٰدِرِینَ عَلَىٰۤ أَن نُّسَوِّیَ بَنَانَهُۥ (٤)﴾ [القيامة ١-٤] فهنا جاء جواب القسم محذوف دلَّ عليه قوله تعالى (أَیَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ) والتقدير: لتبعثن ولتحاسبن.

المُقسم عليه في القرآن

أقسم الله سبحانه وتعالى على أصول الدين التي يجب على جميع عباده معرفتها ومن هذه الأصول ﴿وَٱلصَّـٰۤفَّـٰتِ صَفࣰّا (١) فَٱلزَّ ٰ⁠جِرَ ٰ⁠تِ زَجۡرࣰا (٢) فَٱلتَّـٰلِیَـٰتِ ذِكۡرًا (٣) إِنَّ إِلَـٰهَكُمۡ لَوَ ٰ⁠حِدࣱ (٤) رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَـٰرِقِ) فقد أقسم الله بألوهيته ووحدانيته.

ما هي آية جواب القسم؟ الجواب: “إِنَّ إِلَـٰهَكُمۡ لَوَ ٰ⁠حِدࣱ ” (٤)، الصافات.

القسم بالمخلوقات

الحق سبحانه وتعالى يقسم بالكثير من المخلوقات ومنها الملائكة وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الإمام الزركشي رحمه الله تعالى: فإن قيل كيف أقسم الله سبحانه بالمخلوقات وقد ورد النهي عن ذلك ؟

وهناك ثلاثة اجوبة عن ذلك:

أولاً: أنَّه على حذف مضاف أي (ورب الفجر) و(ورب التين).

الثاني : أنّ العرب كانت تعظم المخلوقات وتقسم بها فنزل القرآن ما يعرفون.

الثالث: أنّ القسم إنّما يكون بما يعظمه المُقسم أو يجلّه وهو فوقه والله تعالى ليس فوقه شيء، فمخلوقاته من صنعته ومن خلقه.


شارك المقالة: