وصايا الرسول الكريم في الحروب

اقرأ في هذا المقال


ما هي وصايا الرسول الكريم في الحروب؟

كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عندما بعثه في شهر شعبان من السنة السادسة للهجرة النبوية الشريفة 6 هـ إلى قبيلة كلب النصرانية وهي قبيلة واقعة في دومة الجندل؛ فقال له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “اغزوا جميعًا في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، لا تَغُلُّوا، ولا تَغْدِرُوا، ولا تُمَثِّلُوا، ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، فهذا عَهْدُ اللهِ وسيرة نبيّه فيكم”[4].
وعنِ الصحابي الجليل ‏‏ابن عباس رضي الله عنهما ‏قَالَ: “‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: “‏اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ لَا ‏تَغْدِرُوا ‏وَلَا‏ ‏تَغُلُّوا‏ ‏وَلَا‏ ‏تُمَثِّلُوا ‏وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ ‏الصَّوَامِعِ”، حيث كانت هذه هي أهم وَصَايَا الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام رضوان الله عنهم جميعًا عندما كان النبي محمد يُرسلهم لدعوة الناس إلى الدخول في دين الله الإسلام، وأيضاً الأخذ بأيديهم إلى طريق الصواب وهو طريق الله سبحانه وتعالى، وضرورة فَتْحِِ الأبواب أمام الدعوة إلى دين الله الإسلام، حتى يصل ذلك الدين إلى كل البشر، وحتى لا يحرم أي أحد من هدي نُور دين الله الإسلام العظيم.
كما كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوصي بالنساء خيراً وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل النساء؛ فقد روى الصحابي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابن عمر رضي الله عنهما: “أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ”.
وَمن الأحاديث الدالة على ذلك هو ما روي عَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ: “كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: انْظُرْ: عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ؟ فَجَاءَ؛ فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ؛ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ. قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خالد ب رضين الوليد الله عنه؛ فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ: “قُلْ لِخَالِدٍ: لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلا عَسِيفًا”.

وصية الرسول بالقتلى وذويهم:

ظهرت رحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حرصه الكبير حتى على القتلى، وكان يحرص كذلك على مشاعر ذويهم (أهلهم وأقاربهم)؛ لذلك كان قد نهى عليه الصلاة والسلام عن المُثْلَة؛ فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: “نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النُّهْبَى، والمُثْلَة”.
كما قال عمران بن حصين رضي الله عنه: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنْ ‏الْمُثْلَةِ”
وعلى الرغم من ما حصل في غزوة أحد من تمثيل الكفار المشركين بالصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عَمِّ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لم يُغَيِّر مبدأه أبداً، بل حرص حرصاً كبيراً على النهي عن المُثلة حتى مع الكفار المشركين، ولم يَرِدْ في التاريخ الإسلامي أي حادثة واحدة تقول أن المسلمين قد مَثَّلوا بأحدٍ من أعدائهم من الكفار والمشركين.
ولكن البعض منا يتخذ قاعدة تسمى“المعاملة بالمثل”، لتكون تلك القاعدة مبرّرًا لهم حتى يفعلون ما يشاؤون في أعدائهم من الكفار والمشركين ومحاربين كانوا أو مدنيّين، ولكن دين الله الإسلام لا يُقِرُ أبداً وجود القسوة أو وجود الظلم مهما كانت هناك مبرّرات، ولهذا لا تطبق تلك القاعدة مع المدنيين للدولة المعادية والمحاربة، حتى لو أنهم قد آذوا المدنيين في بلادنا.
إذ يقول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].

وصية الرسول بعدم الإفساد في الأرض:

لم تكن حروب وغزوات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حروب وغزوات تخريب وتدمير مثل الحروب المعاصرة والتي يحرص فيها المقاتلون والمحاربين من غير المسلمين على تدمير وإبادة مظاهر الحياة عند خصومهم، بل أنه كان عليه الصلاة والسلام هو والمسلمون يحرصون حرصاً كبيراً على الحفاظ على العُمران والمباني في كل مكان، وحتى لو كانت تلك البلاد هي بلاد أعدائهم؛ فقد جاء في وصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لجيش مؤتة: “ولا تَقْطَعَنَّ شَجَرَةٍ وَلا تَعْقِرَنَّ نَخْلًا ولا تَهْدِمُوا بَيْتًا”.

المصدر: كتاب " السيرة النبوية الذهبي" للمؤلف شمس الدين الذهبيكتاب "اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون" للمؤلف موسى بن راشد العازميكتاب "السيرة النبوية" للمؤلف الإمام أبي محمد عبد الملككتاب "فقه السيرة" للمؤلف محمد غزالي


شارك المقالة: