ما هو الأمبودسمان؟

اقرأ في هذا المقال



ما هو تعريف الأمبودسمان؟

كلمة اسكندنافية قديمة، معناها الشخص المخوّل بالتأكد من نظافة الشوارع والمداخن، منوط بالأمبودسمان، صحافياً، إزالة الحواجز بين القرّاء والصحيفة، وبحث الشكاوى المقدّمة حيال الأخيرة واتخاذ إجراء ما، يدور في الغالب حول المصالحة.

هناك أمبودسمان لبحث شكاوى المواطن ضد الحكومة، ومعمول به في السويد منذ العام 1809، هناك أمبودسمان في السويد أيضاً، لبحث شكاوى المواطن ضد البرلمان.

من هنا، نشأت فكرة الأمبودسمان لقطاعات شتى، انتقل المصطلح للإنجليزية، واتخذ معنى “الوسيط”. صحافياً: الشخص الذي يتلقى شكاوى القرّاء ضد الصحف ويبحثها، ومن ثم يجري مصالحة بين الصحف والقرّاء. أميركياً، بات للأمبودسمان اصطلاحات أخرى، من قبيل: ممثل القرّاء ومحامي القرّاء والمحرر العام ومحرر الاتصال

نشأة الإمبودسمان

شغلتت قضية حرية الرأي أذهان المجتمع الغربي، وتحديداً خلال القرن 19؛ لأن الحرية: ركن ديموقراطي أصيل، ووسيلة لإقامة المجتمع المدني، وحماية مصالح المجتمع. وفقاً للفكر الليبرالي، فإن الطريقة الأساس لحماية حرية الصحافة تتمثل في حظر تدخل الدولة بشؤونها، وترك الإعلام لقوى السوق؛ إذ ستتيح السوق الحرة حرية التعبير لأفراد المجتمع كافة من خلال الصحف المتعددة.

الأفكار الليبرالية كانت تعبّر عن انتصار البرجوازية على الملكية الإقطاعية، ما أفضى بالتالي لسيدة النزعة الفردية والإيمان أن الحرية الفردية هي السبيل لتقدم المجتمع. في ذلك الحين أيضاً، لم تكن التكنولوجيا واشتراطات الحياة اليومية قد تعقدت إلى هذا الحد، لذا كان السوق بالفعل، حتى منتصف القرن العشرين، يتيح التعددية.

وبناء إمبراطوريات إعلامية كبرى (شركات متعددة الجنسية)؛ بغرض فرض ثقافة أحادية على العالم، وتضييق نطاق التعددية، والسيطرة على مراكز صنع القرار. كل ما سبق، أدّى لاحقاً لتضييق نطاق حق الجمهور في الاختيار اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً وثقافياً.

وأتجهت الصحف في أعقاب الحرب العالمية الثانية لإغراق السوق بالتفاهة والسطحية وأخبار الفضائح والجنس والرياضة، بابتكار أحد أكبر أباطرة الإعلام روبرت ميرودك. الصيغة الآنفة، أفضت إلى: سباق محموم في توزيع الجرائد، وتناقص قدرة الوسيلة الإعلامية على الوفاء بمتطلبات الجماهير وحقهم في الحصول على المعرفة، وتناقص قدرات المجتمع على التركيز والإنتاج.

كثرت أيضاً نسبة المعلومات المشوّهة والمضلّلة، وتناقصت التعددية، وكثر انتهاك حق الخصوصية، وتناقص ثقة الجماهير بالإعلام، وتناقص مصداقية وسائل الإعلام.  بات السؤال: كيف يمكن تحقيق التوازن بين حرية الصحافة وحقوق الجمهور في المعلومة وعدم انتهاك الخصوصية؟

بدأت المناقشة الآنفة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فتشكّلت لجنة “هوتشنز” الأميركية عام 1947 ومن ثم اللجنة الملكية البريطانية في العام ذاته، وكان الدافع هو الخوف من تغوّل الدولة في شؤون الصحافة والإعلام. ظهرت فكرة التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، فكانت فكرة إنشاء مجالس الصحافة.

اقتبست التجربة عالمياً من تلك السويدية؛ إذ أنشئ أول مجلس صحافة سويدي في العام 1916؛ ليكون وسيطاً بين الوسيلة الإعلامية والجمهور، ووجهت الفكرة بالرفض أميركياً، بيد أنها ذاعت في الخمسينيات والستينيات في عدد من الدول، عقب إنشاء مجلس الصحافة في بريطانيا في العام 1953.

تزايد النقد الموجّه لهذه المدارس؛ بذريعة أنها لم تقم بواجباتها المتوقعة منها، فنشأت من هنا فكرة الأمبودسمان؛ لضمان علاقة متوازنة بين الصحافة والجمهور. حيث بدأت فكرة الأمبودسمان في نهاية الستينيات في السويد وأميركا.

على ماذا تقوم فكرة الأمبودسمان؟

حين يتلقى جهاز الأمبودسمان، الذي يترأسه قاضِ يعمل ضمن هيئة مستقلة، شكوى من الجمهور حيال صحيفة ما، فإنه يباشر بالنظر فيها وإصدار حكم خلال سبعة أيام، ويكون حكم الأمبودسمان ملزماً للصحيفة؛ إذ سيصار لنشر تصحيح في المكان والظروف ذاتها التي وَرَدَ فيها الخطأ، وإلا فيترتب على الصحيفة غرامة مالية وأن تنشر الحُكم حيالها في مكان واضح وبطريقة جذابة على صفحاتها؛ للفت انتباه القارئ إليه.

مشكلة دراسة الإنبودسمان:

تكمن في الغموض الذي يحيط بالامبودسمان، لذا يحاو الباحث ان يجيب في راسته عن ماهية الامبودسمان و مدى مساهمته في تحقيق توازن بين الصحيفة والجمهور، بالاضافة الى مدى نجاح تطبيق الفكرة في الاعلام العربي. الامبودسمان و مجلس الصحافة نجحا في ان يكونا بديلا معقولا امام المواطنين، في قضايا القذف خاصة ان كانت قضايا القذف مرتفعة الثمن، بالاضافة الى زيادة التزام الصحف بنشر ردود الماطنين ،اضافة الى انهما ساهما في زيادة التزام الصحف السويدية بأخلاقيات الصحافة من خلال البحث في الشكاوي في ضوء ميثاق الشرف الصحفي الذي أُصدر في 1978م.

ما هي وظيفة الأمبودسمان؟

  • الاستماع إلى شكاوى المواطنين ضد الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية.
  • البحث في هذه الشكوى.
  • تقديم التوصية كنوع من علاج الموقف.
  • تتجه الحلول التي يطرحها الأمبودسمان، بالمجمل، نحو المصالحة بين المتلقي والوسيلة الإعلامية.


لجنة تعيين الأمبودسمان:

الأمبودسمان قائم على التنظيم الذاتي، وله رئيس يتمتع بفهم دقيق لأخلاقيات المهنة وما يتعلق بها من قضايا، بالإضافة لخبرته الصحافية، يُعيّن الأمبودسمان من قِبل لجنة مكوّنة من:

  • الأمبودسمان البرلماني.
  • رئيس اللجنة المشتركة للمنظمات الصحافية.
  • رئيس مجلس الصحافة.
  • عدد من الخبراء الذين يمتلكون معرفة كافية بأخلاقيات المهنة.


آلية عمل الأمبودسمان:

  • يعمل الأمبودسمان بشكل سريع مع الشكاوى.
  • يُطلَب من رئيس التحرير نشر تصحيح للمادة أو تخصيص مساحة لينشر القارئ رأيه فيها.
  • غالباً ما يُحلّ الأمر عن طريق المصالحة، وهذا يفسر قلة قضايا القذف المرفوعة في السويد على الصحف.
  • يتلقى الأمبودسمان ما يراوح بين 300 إلى 450 حالة في العام الواحد، ويفلح في حل من 60 إلى 70 بالمائة من هذه الشكاوى من خلال المصالحة.
  • إذا فشِل الأمبودسمان في حل المشكلة، فإنه يقوم ببحث الشكوى ورفضها إن لم تثبت فيها إساءة، أو رفعها لمجلس الصحافة، وهنا لا بد من توافر بعض الشروط:
  1. لا بد أن تكون الشكوى مبنية على أسس معقولة تشكّل إساءة للمواطن.
  2. أن يثبت أن للمادة المنشورة أهمية أخلاقية أو أنها سبّبت ضرراً.
  3. أن تتناول المادة المنشورة أحداثاً آنية، وأن يترتب على حكم المجلس بشأنها فائدة نسبية.

ماذا يحدث إن لم تلتزم الصحيفة بحُكم الأمبودسمان؟

  • تحال الشكوى لمجلس الصحافة.
  • يوقع المجلس بها أشد العقوبة، والمتمثلة بـ:
  1. نشر حكم المجلس في مكان بارز على صفحاتها.
  2. غرامة مالية كبيرة.
  3. تفضّل الصحف الالتزام بقرارات الأمبودسمان.


ماذا يستفيد المواطن من حُكم الأمبودسمان؟

  • يحصل على حقه في الرد.
  • تحدّد له الصحيفة مساحة للرد وهذا بحدّ ذاته ردّ اعتبار له.
  • ينشر تصحيح للوقائع والمعلومات.

ماذا يفعل الشاكي إذا رفض الأمبودسمان شكواه؟

يتقدم بشكواه للمجلس مباشرة، وخلال شهر واحد من رفض الأمبوسدمان لها.

هل بإمكان الأمبودسمان هو نفسه أن يرفع شكوى ضد الصحف؟


نعم؛ إذ يجري بحثاً عن عدد من التغطيات التي تشكّل انتهاكاً لأخلاقيات الصحافة أو لميثاق الشرف الصحافي، ومن ثم يرفعها مباشرة لمجلس الصحافة الذي يبحث الأمر ويصدر بدوره حُكماً في القضية.

ما هي الإيجابيات التي ترتبت على استحداث الأمبودسمان؟

  • زيادة التزام الصحف بنشر ردود المواطنين.
  • تكريس الديموقراطية في المجتمع، من خلال تعزيز حق الرد ونشر المعلومات والحقائق والتعليق عليها بحريّة.
  • زيادة التزام الصحف السويدية بأخلاقيات المهنة.
  • زيادة التنظيم الذاتي لدى الإعلاميين في السويد.
  • صار هناك التزام حقيقي بالأخلاقيات؛ مخافة فرض قوانين تضيّق على الإعلام.
  • تراكم الخبرات صحافياً وأخلاقياً لدى الصحف والجمهور.
  • اكتساب مصداقية عالية لدى الصحف والجمهور، واحترام كل منهما.

ما هي عوامل نجاح الأمبودسمان؟

  1. الارتباط بين الأمبودسمان ومجلس الصحافة.
  2. باتت الصحف تشعر أن التنظيم الذاتي في مصلحتها.
  3. المناخ العام الذي يعمل الصحافي السويدي في ظله يتيح له فرص النجاح.

ما هي حجج مهاجمي منظمة الأمبودسمان؟

  • أن الأمبودسمان سيكون حاجزاً بين رؤساء التحرير وهيئة التحرير من جهة والقرّاء من جهة أخرى.
  • يرى المعارضون أن رئيس التحرير هو الأمبودسمان.
  • بعض آخر ذكر أن ميزانيات الصحف لا تتحمّل تعيين أمبودسمان.
  • آخرون قالوا أن الأمبودسمان ليس سوى شخص يحصل على راتب جيد ليس لشيء سوى لانتقاد زملائه و”نشر الغسيل القذر”.

ما هي صيغ الشكاوى لدى الإمبودسمان؟

  • شكاوى مباشرة لرئيس التحرير أو الصحافي.
  • شكاوى يقدم الأمبودسمان مذكرة حولها ويعرض حلوله المقترحة ويرسلها لرئيس التحرير.
  • شكاوى يكتب عنها في عموده الخاص.
  • يقدّم بعض الأمبودسمان تقريراً عن ردود أفعال الجمهور وشكاويهم.
  • في جريدة “كوريير”، الأولى في تعيين الأمبودسمان في أميركا، يحصي الأمبودسمان تجاوزات كل صحافي ويُنظر لها بعين الاعتبار عند تقييمه نهاية كل عام.
  • جريدة الواشنطن بوست هي أول صحيفة تمنح الأمبودسمان فرصة كتابة عمود ينتقد فيه الجريدة ويردّ على شكاوى القرّاء.

هل نجح الإمبودسمان؟

نجح مع مجلس الصحافة كبديل معقول أمام المواطنين، في قضايا القذف، خاصة وأن تكاليف هذا النوع من القضايا باهظ جداً لذوي الدخول المحدودة. وهذا يفسر قلة القضايا المرفوعة على الصحف السويدية.


شارك المقالة: