سر القطة الصغيرة وصغارها

اقرأ في هذا المقال


مثل وحيد القرن كانت القطط الصغيرة مادة الأساطير، فلم تتم دراسة العديد من هذه القطط في موائلها الطبيعية، والتي غالبًا ما تكون في مناطق وعرة ونائية، وتنشط بعض القطط الصغيرة في الليل فقط مما يجعل من الصعب على علماء الحفظ دراستها.

الفرق بين القطط الكبيرة والصغيرة

المثير للدهشة أنّ بعض القطط الصغيرة كبيرة نوعًا ما مثل أسد الجبل (يُطلق عليه أحيانًا اسم بوما أو كوغار)، والذي يعتقده معظم الناس على أنّه أحد القطط الكبيرة (البانثرينا)، وبعض السمات الجسدية وليس الحجم حقًا، وهناك فرقين مميزين بين مجموعتي القطط.

1- الزئير والخرخرة: لا تستطيع القطط الصغيرة أن تزأر مثل القطط الكبيرة؛ لأنّ حنجرتها ليست عميقة بما يكفي في حلقها، وبدلا من ذلك يذوبون ويصرخون ويذمرون، ويعرف أي شخص لديه قطة منزلية أنّ القطط الصغيرة يمكنها الخرخرة دون توقف سواء كانت تتنفس أو تخرج، ولا تستطيع القطط الكبيرة الخرخرة على الإطلاق فالطيات الصوتية سميكة جدًا ولحمية.

2- العيون: يقترب بؤبؤ معظم القطط الصغيرة من شق عمودي، بينما يقترب بؤبؤ القطط الكبيرة من دائرة مثل حدقة عين الإنسان.

3- الأنف: القطط الصغيرة لديها شريط من الجلد على الجزء العلوي من أنفها مباشرة فوق الطرف المبلل، وفي القطط الكبيرة هذه المنطقة مغطاة بالفراء.

4- الوضعية: تفضل القطط الكبيرة التمدد عند الراحة والاستلقاء على بطنها لتناول الطعام، وعادة ما تأكل القطط الصغيرة من وضعية القرفصاء، وتحب أن تستريح ملتفة مع مخالبها مطوية تحتها وذيلها ملفوفة حول أجسادها.

ترويض القطط المنزلية

في وقت ما -يعتقد الكثيرون أنّ الأمر بدأ في مصر منذ حوالي 4000 عام- بدأ الناس بإطعام وترويض القطط في الجزء الذي يعيشون فيه من العالم واعتادت القطط على العيش مع الناس، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن تزاوجت هذه القطط فيما بينها وأصبحت منفصلة عن المجموعات الأخرى، كما انتقلوا مع البشر إلى أجزاء كثيرة من العالم، وهذه العملية -التي تسمى التدجين- حدثت أيضًا مع حيوانات برية أخرى مثل الكلاب والماشية والخيول والخنازير.

الموئل والنظام الغذائي

القطط الصغيرة والعائلة الكبيرة، حيث توجد القطط الصغيرة في موائل تتراوح من الجبال الجليدية إلى الأدغال الاستوائية المشبعة بالبخار والصحاري الحارقة، والأماكن الوحيدة التي لا ينتمون إليها هي أستراليا والجزر المحيطة بها والقارة القطبية الجنوبية.

تعيش هذه القطط في مثل هذه الموائل المتنوعة ولديها العديد من الطرق المختلفة للبقاء على قيد الحياة والبحث عن الطعام، وقطة الصيد لها أصابع مكشوفة وهي سباح جيد، ويصطاد فريسته على الأرض وفي الماء، ويعيش قط الرمل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط في أرض بها القليل جدًا من الماء عن طريق الصيد ليلًا والنوم والحفاظ على البرودة أثناء النهار، وتسمح الأرجل الطويلة للرافعة الفخمة بعمل قفزات مذهلة في الهواء لاصطياد الطيور أثناء الطيران.

وعلى النقيض من ذلك فإن الأرجل القصيرة والسميكة لقط بالاس الذي يسكن الجبال تسمح له بالتسلق بسهولة على المنحدرات الصخرية، وفي الغابات الاستوائية المطيرة في أمريكا الجنوبية يمكن أن يتشارك الهامش المرقط والأنسيلا الصغيرة في موطنهم؛ لأنّ المارجاي يصطاد الأشجار ويصطاد الأنشيلا على الأرض.

تمتلك جميع القطط حواسًا شديدة يستخدمونها لتحديد موقع فرائسهم ومطاردتها، ومثلنا فإنّ القطط لها عيون متجهة للأمام، ولكن يمكنهم فتح البؤبؤ لديهم أعرض بثلاث مرات والرؤية في الظلام أفضل بست مرات مما يستطيع الناس رؤيته، وتحتوي القطط على طبقة من الأنسجة في أعينها تسمى (tapetum lucidum)، والتي ترتد الضوء مرة أخرى عبر شبكية العين مرة أخرى وتزيد من كمية الضوء التي يجب أن تراها القطة، وهذا ما يسبب لمعان العين الذي تراه مع القطط في الليل عندما تبدو عيونهم متوهجة باللون الأحمر أو الأخضر.

يمكن للقطط أيضًا التركيز بشكل واضح وسريع لمسافات طويلة وقصيرة، وبدون تحريك رؤوسهم يمكنهم اكتشاف الحركة داخل مجال بصري يبلغ 280 درجة، مما يعني أنّه يمكنهم الرؤية من زاوية أعينهم بشكل أفضل بكثير مما نستطيع.

السمع هو حاسة أخرى مهمة بالنسبة للقط، فتتحكم أكثر من 20 عضلة في كل أذن وتتحرك الأذنان بشكل مستقل عن بعضهما البعض، بحيث يمكن توجيه إحداهما للأمام بينما يتم توجيه الأخرى للخلف، ويمكن أن تدور آذان القط بسرعة لالتقاط الأصوات في جميع الاتجاهات بما في ذلك تلك الموجودة خلف القط، ويمكن للقطط سماع أصوات الموجات فوق الصوتية التي تصدرها الفرائس الصغيرة مثل القوارض والتي تتجاوز نطاق سمعنا.

العيون والأذنين ليسا أدوات قطة فقط، كما أنّ لديها شعيرات حساسة للغاية تسمى الاهتزازات على الشفاه والخدين والذقن والحواجب والأرجل الأمامية التي تعطي القط معلومات عن البيئة، والشوارب مغروسة بعمق في الجلد ومتصلة بالنهايات العصبية التي تنقل المعلومات إلى الدماغ، لذلك يمكن للقط أن يشعر بطريقته أثناء تحركه، ويسمح هذا للقط بقراءة التيارات الهوائية ومواقع العوائق والعناصر المحيطة بها مثل العشب والفروع من أجل المطاردة بصمت تقريبًا، وعند التقاط الفريسة مثل الأرانب أو القوارض أو الطيور أو الأسماك، فإنّ الشوارب حول الوجه كله يشير إلى الأمام مثل الشبكة لاكتشاف مكان الفريسة بالضبط وأين قد تذهب.

القطط تمشي على أصابع قدمها، ومخالبها قابلة للسحب ولا تتلامس مع الأرض، وأسنانها ليست جيدة للطحن ولكن قواطعها الحادة والأضراس المدببة وأسنان الكلاب الطويلة المنحنية تعمل مثل المقصات لتقطيع طعامها.

الحياة العائلية وصغار القطط

القطط الصغيرة منفردة لذلك تستخدم القطة البالغة علامات الرائحة والنطق للإعلان عن توفرها خلال الدورة الشبقية، وقبل الولادة مباشرة وتجد مكانًا آمنًا لقططها الصغيرة، ويمكن أن يكون هذا الكهف أو شجرة مجوفة أو مساحة تحت جذور شجرة كبيرة أو حتى منخفض في عشب طويل، وتولد القطط وأعينها مغلقة وقليل من الشعر لإبقائها دافئة وتسمى هرير، وعندما تتركهم الأم للبحث عن الطعام تكون القطط معرضة تمامًا للحيوانات المفترسة بما في ذلك القطط الذكور.

تتعلم القطط بسرعة أن تأكل الطعام الصلب، وفي كثير من الأحيان قبل أن تتمكن من المشي، وعادة ما يتم فطامهم عند حوالي سبعة أسابيع من العمر، وأثناء نموهم تعلمهم والدتهم مهارات الصيد والمطاردة ومطاردة الفرائس الصغيرة، وتقوم بذلك عن طريق إحضار فريسة حية إلى القطط لممارستها، وعند بلوغهم مرحلة النضج ينطلق الشباب بمفردهم مستعدين لمواجهة العالم.

الحفاظ على القطط

أعداد القطط الصغيرة تتناقص ويعتقد علماء الحفظ أنّ هناك سببين لهذا الانخفاض:

1- تجارة الفراء: فمنذ زيادة العقوبات المفروضة على صيد القطط الكبيرة بدأ الناس في صيد القطط الصغيرة المرقطة بحثًا عن فرائها، فلا تزال المعاطف المصنوعة من فراء القطط شائعة في أجزاء من أوروبا وآسيا، حيث يجب قتل ما يصل إلى 25 قطة لصنع معطف فرو واحد، ومثل أبناء عمومتهم الأكبر يمكن مساعدة القطط الصغيرة إذا توقف الناس عن ارتداء فرائهم.

2- فقدان الموائل: التهديد الآخر لبقاء القطط الصغيرة هو فقدان موطنها بسبب تطور البلدات والمدن والمزارع، وعندما ينتقل الناس إلى موطنهم غالبًا ما يُنظر إلى القطط الصغيرة على أنّها تهديد للحيوانات الأليفة أو الماشية أو البشر وبالتالي يتم قتلهم.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: