قصة اختراع الليزر

اقرأ في هذا المقال


الليزر: هو عبارة عن جهاز يحفز الذرات أو الجزيئات على إصدار الضوء بأطوال موجية معينة، ويضخم هذا الضوء وينتج عادةً حزمة إشعاع ضيقة جدًا، يغطي الانبعاث بشكل عام نطاقًا محدودًا للغاية من الأطوال الموجية المرئية أو تحت الحمراء أو فوق البنفسجية، تم تطوير العديد من أنواع الليزر المختلفة بخصائص متنوعة للغاية، الليزر هو اختصار لعبارة “تضخيم الضوء بالانبعاث المحفز للإشعاع”.

توفر أشعة الليزر أشعة ضوئية متماسكة وأحادية اللون وجيدة التحكم وموجهة بدقة، على الرغم من أنّ خيارات الليزر سيئة للإضاءة للأغراض العامة، إلّا أنّها مثالية لتركيز الضوء في المكان أو الوقت أو أطوال موجية معينة، تندرج معظم تطبيقات الليزر في إحدى الفئات العريضة القليلة مثل نقل المعلومات ومعالجتها، والتسليم الدقيق للطاقة، والمحاذاة والقياس والتصوير، تغطي هذه الفئات تطبيقات متنوعة، بدءًا من توصيل الطاقة بدقة للجراحة الدقيقة وحتى اللحام شديد التحمل ومن المحاذاة الدنيوية للأسقف المعلقة إلى القياسات المختبرية ثم للخصائص الذرية.

ما هي قصة اختراع الليزر؟

الليزر هو نتيجة لاقتراح قدمه ألبرت أينشتاين في عام 1916م، بأنّه في ظل الظروف المناسبة يمكن للذرات أن تطلق طاقة زائدة كضوء إما تلقائيًا أو عند تحفيز الضوء، لاحظ الفيزيائي الألماني رودولف فالتر لادنبرغ لأول مرة انبعاثات محفزة في عام 1928م، على الرغم من أنّه في ذلك الوقت بدا أنّه ليس له فائدة عملية، في عام 1951م فكر تشارلز إتش تاونز، الذي كان وقتها في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، في طريقة لتوليد انبعاثات محفزة على ترددات الميكروويف، في نهاية عام 1953م أظهر جهازًا عاملاً يركز على جزيئات الأمونيا “المتحمسة”، في تجويف الميكروويف الرنان، حيث تنبعث منها تردد ميكروويف خالص.

أطلقت المدن على الجهاز اسم مازر، لأنّه عبارة عن “تضخيم للميكروويف عن طريق الانبعاث المحفز للإشعاع”، وصف معهد ليبيديف الفيزيائي في موسكو بشكل مستقل نظرية تشغيل مازر، قام كل من (ألكسندر ميخائيلوفيتش بروخوروف ونيكولاي جينادييفيتش باسوف)، بالمشاركة في جائزة نوبل للفيزياء لعام 1964م، تلى ذلك موجة مكثفة من البحث عن نظرية مازر في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، لكن أجهزة المايزر وجدت نطاقًا محدودًا فقط من التطبيقات مثل مضخمات الميكروويف منخفضة الضوضاء والساعات الذرية.

كان أول تطبيق واسع النطاق لليزر هو الماسح الليزري للدفع الآلي في محلات السوبر ماركت، والذي تم تطويره في منتصف السبعينيات وأصبح شائعًا بعد بضع سنوات، وسرعان ما تبع ذلك مشغلات الأقراص المضغوطة الصوتية وطابعات الليزر لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، أصبح لليزر أدوات قياسية في تطبيقات متنوعة، تسلط مؤشرات الليزر الضوء على نقاط العرض في قاعات المحاضرات، ويوجه مصممو أهداف الليزر القنابل الذكية إلى أهدافهم.

يقوم الليزر بلحام شفرات الحلاقة، وكتابة أنماط على الأشياء على خطوط الإنتاج دون لمسها وإزالة الشعر غير المرغوب فيه وتبييض الوشم، حددت أجهزة تحديد المدى بالليزر في المسابير الفضائية أسطح المريخ والكويكب إيروس بتفاصيل غير مسبوقة، في المختبر ساعد الليزر الفيزيائيين على تبريد الذرات إلى جزء صغير جدًا من درجة الصفر المطلق، ويوجد العديد من الاستخدامات المتنوعة لليزر التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي كانت محصلة جهود العديد من العلماء الذين ساهموا في اختراع الليزر.

محاولات العلماء في اختراع الليزر:

في عام 1957م اقترح تاونز على صهره آرثر شوالو أن يحاولوا توسيع تأثير المازر إلى أطوال موجية أقصر بكثير من الأشعة تحت الحمراء أو الضوء المرئي، أجرى تاونز أيضًا مناقشات مع طالب دراسات عليا في جامعة كولومبيا يُدعى جوردون جولد، الذي طوّر بسرعة أفكاره الخاصة بالليزر، نشر (Townes and Schawlow) أفكارهم حول “مازر بصري” في ورقة بحثية في عدد 15 ديسمبر 1958م من مجلة (Physical Review)، في غضون ذلك، صاغ غولد كلمة ليزر وكتب طلب براءة اختراع.

وسواء كان يجب أن يُنسب الفضل إلى (Townes) أو (Gould) باعتباره “مخترع” الليزر، فقد أصبح بالتالي موضوع نقاش حاد وأدّى إلى سنوات من التقاضي، في النهاية حصل غولد على سلسلة من أربع براءات اختراع بدأت في عام 1977م، والتي أكسبته ملايين الدولارات، قاد اقتراح (Townes – Schawlow) عدة مجموعات لمحاولة بناء ليزر، أصبح اقتراح غولد أساس عقد عسكري سري، جاء النجاح أولاً إلى ثيودور إتش ميمان، الذي اتخذ نهجًا مختلفًا في مختبرات أبحاث هيوز في ماليبو، كاليفورنيا، حيثُ أطلق نبضات ساطعة من مصباح الفلاش الخاص بالمصور لإثارة ذرات الكروم في بلورة من الياقوت الاصطناعي.

الياقوت الصناعي مادة اختارها لأنّه درس بعناية كيفية امتصاصها للضوء وإصدارها وحَسِب أنّها يجب أن تعمل مثل الليزر، في 16 مايو 1960م أنتج ثيودر نبضات حمراء من قضيب ياقوتي بحجم طرف الإصبع، في ديسمبر 1960م قام علي جافان وويليام بينيت جونيور ودونالد هيريوت في مختبرات بيل ببناء أول ليزر غازي، والذي أنتج شعاعًا مستمرًا من الأشعة تحت الحمراء من مزيج من الهيليوم والنيون، في عام 1962م صنع روبرت إن هول وزملاؤه في مركز جنرال إلكتريك للأبحاث والتطوير في شينيكتادي، نيويورك، أول ليزر أشباه الموصلات، سرعان ما استحوذ الليزر على الخيال العام، ربما بسبب تشابهه مع “الأشعة الحرارية” للخيال العلمي.

استغرق تطوير التطبيقات العملية سنوات، توقع تاونز وشاولو استخدام أشعة الليزر في الأبحاث الأساسية وإرسال الإشارات عبر الهواء أو الفضاء، تصور جولد عوارض أكثر قوة قادرة على قطع وحفر العديد من المواد، جاء النجاح المبكر الرئيسي في أواخر عام 1963م عندما استخدم باحثان في جامعة ميشيغان، وهما إيميت ليث وجوريس أوباتنيكس، أشعة الليزر لصنع أول صور ثلاثية الأبعاد، كان ليزر الهليوم نيون أول ليزر له تطبيقات تجارية واسعة، نظرًا لأنّه يمكن تعديلها لتوليد شعاع أحمر مرئي بدلاً من شعاع الأشعة تحت الحمراء، فقد وجدوا استخدامًا فوريًا لإسقاط خطوط مستقيمة للمحاذاة والمسح والبناء والري.

أنواع الليزر:

يمكن للبلورات والنظارات وأشباه الموصلات والغازات والسوائل وأشعة الإلكترونات عالية الطاقة وحتى الجيلاتين المخدر بمواد مناسبة أن تولد أشعة الليزر، في الطبيعة يمكن للغازات الساخنة بالقرب من النجوم الساطعة أن تولد انبعاثًا محفزًا قويًا عند ترددات الميكروويف، على الرغم من أنّ هذه الغيوم الغازية تفتقر إلى التجاويف الرنانة، لذا فهي لا تنتج حزمًا، يوجد العديد من أنواع الليزر المختلفة والمتنوعة ولكن سنذكر أكثر أنواع الليزر شائعة الاستخدام، وهي:

الليزر الكريستالي والزجاجي:

وهو مثل ليزر الياقوت الأول من (Maiman)، حيثُ يثير الضوء من مصدر خارجي الذرات، المعروفة باسم (dopants)، التي تمت إضافتها إلى مادة مضيفة بتركيزات منخفضة، تشمل الأمثلة المهمة عليها النظارات والبلورات المخدرة بعنصر الأرض النادرة النيوديميوم والنظارات المخدرة بالإربيوم أو الإيتربيوم، والتي يمكن سحبها إلى الألياف لاستخدامها كليزر ألياف بصرية أو مضخمات، يمكن أن تولد ذرات التيتانيوم المخدرة في الياقوت الصناعي انبعاثًا محفزًا عبر نطاق واسع بشكل استثنائي وتستخدم في أشعة الليزر القابلة للضبط في الطول الموجي، يمكن أن تعمل العديد من الغازات المختلفة كوسائط ليزر.

ليزر الهليوم نيون:

يحتوي ليزر الهليوم نيون الشائع على كمية صغيرة من النيون وكمية أكبر بكثير من الهيليوم، تلتقط ذرات الهيليوم الطاقة من الإلكترونات التي تمر عبر الغاز وتنقلها إلى ذرات النيون التي تنبعث منها الضوء، تصدر أشعة ليزر الهليوم نيون الأكثر شهرة ضوءًا أحمر، ولكن يمكن أيضًا تصنيعها لإصدار الضوء الأصفر أو البرتقالي أو الأخضر أو ​​الأشعة تحت الحمراء، يمكن لذرات الأرجون والكريبتون التي تم تجريدها من إلكترون واحد أو إلكترونين أن تولد ملي واط إلى واط من ضوء الليزر عند الأطوال الموجية المرئية والأشعة فوق البنفسجية، يعد أقوى ليزر تجاري يعمل بالغاز هو ليزر ثاني أكسيد الكربون، والذي يمكنه توليد كيلوواط من الطاقة المستمرة.

ليزر ثنائي أشباه الموصلات:

يُعد الليزر الأكثر استخدامًا اليوم هو ليزر ثنائي أشباه الموصلات، والذي ينبعث منه ضوء مرئي أو ضوء الأشعة تحت الحمراء عندما يمر تيار كهربائي عبرها، يحدث الانبعاث بين منطقتين مخدرتين بمواد مختلفة، به وصلة (p – n) تعمل كوسيط ليزر، مما يولد انبعاثًا محفزًا ويوفر عمل الليزر إذا كان داخل تجويف مناسب، تحتوي ليزر أشباه الموصلات التقليدية الباعثة للحافة على مرايا على حواف متقابلة للتقاطع، لذلك يتأرجح الضوء في مستوى التقاطع. تحتوي أشعة الليزر الباعثة للأسطح ذات التجويف العمودي على مرايا أعلى وأسفل التقاطع، يعتمد الطول الموجي على مركب أشباه الموصلات.

ليزر الإلكترون الحر:

في ليزر الإلكترون الحر، يأتي الانبعاث المحفز من الإلكترونات التي تمر عبر مجال مغناطيسي يتغير بشكل دوري في الاتجاه والشدة، مما يتسبب في تسريع الإلكترونات وإطلاقها للطاقة الضوئية، نظرًا لأنّ الإلكترونات لا تنتقل بين مستويات طاقة محددة جيدًا، فإنّ بعض المتخصصين يتساءلون عما إذا كان ينبغي تسمية ليزر الإلكترون الحر بالليزر اعتمادًا على طاقة حزمة الإلكترون والاختلافات في المجال المغناطيسي، يمكن ضبط ليزر الإلكترون الحر عبر نطاق واسع من الأطوال الموجية، يمكن أن ينبعث من الليزر الإلكتروني الحر قوى عالية.


شارك المقالة: