رضينا بالهم والهم ما رضي بينا

اقرأ في هذا المقال


كل الشعوب التي  عانقت الحياة على الأطراف المترامية للمعمورة، تمتلك ميراثها الثقافيّ الذي يخصها، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “رضينا بالهم، والهم ما رضي بينا”.

فيم يضرب مثل: “رضينا بالهم والهم ما رضي بينا”؟

كثيرون يرددون مثل: “رضينا بالهم، والهم ما رضي فينا”، وهو من الأمثال الشعبية الشائعة بين أفراد المجتمع العربي، والذي يعبر فيه قائله عن حالة البؤس والشقاء، وقلة الحظ، أو انعدامه حتى، فهو يُضرب عندما يقبل الإنسان بأمر بسيط قد يسعده، إلا أنه يتركه.

قصة مثل: “رضينا بالهم والهم ما رضي بينا”:

تدور أحداث قصة مثل: “رضينا بالهم، والهم ما رضي بينا”، حول فتاة من أسرة طيبة، إلا أن فقـر الحال كان هو حظها في هذه الدنيا، والفتاة كذلك لم تحظَ كذلك بأي نوع من التعليم، وها قد بلغت ثمانية وعشرين عامًا من عمرها، وبدأ كلام الناس يلاحقها، إذ يقولون: “متى سنفرح بك، وهـم في الواقع، يضحكون عليها، ويسخرون منها”، لكن ماذا تفعـل المسكينة؟ هل تذهب الى سوق العرسان؟ هي حقًا لا تعـرف ماذا تفعـل؟

بعد مدة وبعد طول انتظار، تقدم لها عريس، ففرحت كثيرًا، قائلة بينها و بين نفسها: أخيرًا جاءني عريس، وكانت المفاجأة، هي أن العريس عاجز، يسـير على عكازتين؛ لأنه وُلد مصابًا بشلل الأطفال، ولكن ماذا ستفعل المسكينة في هذه الحالة، فوافقت به لكي تتخلص من مطاردة الناس لها، وفي وقت الخطوبة وهي تحاول أن ترسم البسمة على شفتيها حاول العريس أن يقف على قدميه، لكي يلبسها بعضًا من زينة العرس، إلا أنه لم يسـتطع، إذ سقط على الأرض، فاصفر وجـهها، وقالت في نفسها: أهذا هو العريس الذي طال انتظاره؟ أهذا هو رجل الأحلام؟، ما العـمل؟، هل هناك بديل؟.

لقد وافقـت الفتاة المسكينة على هذا الزواج، والجميع ينظرون إليها، ويقـولون: “خسارة فيه، لماذا هي مستعجلة على الزواج؟ وتسمعهم يقولون: “تصوم تصوم، وتفطر على بصلة!”، احـتارت المسكينة، غير أنها رغـم كل هـذا تمسكت به أكـثر، وبعـد عام ونصف، وهي تحـاول أن تخضع لنصيبها، وما قسمه الله لها، كانت المفاجأة الكبرى، إذ إن العريس قد طلـب فسـخ الخطوبة، لكن، لماذا؟ -لأن العروس غير متعلمة، إنه يريد عروسًا متعلمـة؛ لتكـون سندًا له في تربيـة الأولاد، لكن من قال لك أيها المسكـين أنه سيكون لك أولاد؟، وما هي محصلاتك المدرسية؟، وأسئلة كثيـرة جالت في خاطرها، و هي تخلع بدلـة العرس، ولكـنها بكـت وبكـت، ثم قالـت: “رضـينا بالهم، والهم ما رضى بينا”.

المصدر: أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000


شارك المقالة: