التعددية القانونية من منظور الأنثروبولوجيا

اقرأ في هذا المقال


التعددية القانونية من منظور الأنثروبولوجيا:

التعددية القانونية من منظور الأنثروبولوجيا هي ظاهرة اجتماعية منتشرة تشمل قضايا ذات صلة بحماية الممتلكات الفكرية والثقافية للشعوب الأصلية والحفاظ عليها، وتركز هذه الدراسة على ثلاثة أنظمة قانونية: القانون العرفي من طقوس ومعتقدات وممارسات، وقانون الدولة كقانون حماية الممتلكات الثقافية والحفاظ عليها، والقانون الدولي كقانون الملكية الفكرية في تسجيل براءات الاختراع للتصاميم الصناعية المستمدة من القوانين الدولية للملكية الفكرية.

ويتم وصف نطاق الحفاظ على هذه الأنظمة وحمايتها بموجب هذه القوانين من خلال ظاهرة التعددية القانونية، وتم جمع البيانات من المقابلات مع عدد من علماء الأنثروبولوجيا الذين ينفذون القوانين العرفية، وكذلك سلطات مكتب الملكية الفكرية والسكان الأصليين والذين ينفذون قوانين الولاية، ويتم تقديم البيانات في سياق آثار التعددية القانونية على الممتلكات الثقافية والملكية الفكرية، وتثبت نتائج الدراسة عدم وجود آلية قانونية شاملة قائمة لتوثيق وحماية والحفاظ على القضايا المتعلقة بحقوق السكان الأصليين في تقرير المصير والتمثيل الثقافي.

ظهور التعددية القانونية كمجال علمي في الأنثروبولوجيا:

تعد التعددية القانونية موضوعًا رئيسيًا لعلماء الأنثروبولوجيا المعنيين بالقانون، وهي جزء لا يتجزأ من الاهتمامات الأساسية للأنثروبولوجيا فيما يتعلق بتوافر القانون للحفاظ على التنوع الثقافي كأساسي لحالة الإنسان، وفي شكلها الحديث ظهرت التعددية القانونية كمجال علمي في الستينيات في التبادلات بين علماء الأنثروبولوجيا والمحامين الأكاديميين، أولاً في أوروبا ثم لاحقًا في أمريكا الشمالية، وتوسعت في جميع أنحاء العالم مع تطوير الدراسات القانونية الاجتماعية كمسعى متعدد التخصصات عبر الوطنية.

ولقد توسع المجال على طول المسارات التي تتبعها مطالب الناس للعدالة من خلال القانون بمرور الوقت، وكذلك من خلال الابتكارات المؤسسية في إدارة الدولة للعدالة، وتنظيم المحاكم والهيئات التشريعية وغيرها من جوانب القانون التي تواجه مطالب التوافق الثقافي، وفي بدايتها كمجال علمي تناولت التعددية القانونية بشكل أساسي الحقوق العرفية وحقوق السكان الأصليين فيما يتعلق بالنظم القانونية للقوى الاستعمارية، وفي وقت لاحق توسع المجال حيث أدت أسئلة البحث الكلاسيكية مرة أخرى إلى القوى الاستعمارية نفسها، وفي النهاية إلى الدول الوطنية في أي مكان.

وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، يشير المصطلح إلى آفاق أوسع للتحقيق من معايير الحياة الخاصة إلى قانون حقوق الإنسان إلى الجوانب القانونية للعولمة، حيث يتم التأكيد عليها بشكل متنوع ومتنازع عليها في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن دلالة القانون، وهناك دائمًا ما يدل على مركزية القانون في تجربة الاختلاف، وبالتالي إلى الاحتمال الذي لا ينضب أن يكون القانون والمجتمع على خلاف ذلك، بينما يمكن ربط المجال في وقت واحد بأدبيات منفصلة، ولكن لم يعد هذا هو الحال فالتعددية القانونية ليست محادثة واحدة ولا موضوع واحد.

بل إنه مجال بحث لا حدود له إلى حد ما لعلماء الاجتماع وخاصة علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية والمحامين الأكاديميين، حيث أنهم منخرطون بشكل منفصل أو معًا في براغماتية الإدماج متعدد الثقافات وإضفاء الطابع الديمقراطي على العدالة من خلال القانون، وتركز دراسة التعددية القانونية في الأنثروبولوجيا بشكل انتقائي حول المناطق التي تشير إليها تلك الارتباطات، وتتجاوز أحيانًا المنح الدراسية المحددة صراحةً مع الأدبيات حول التعددية القانونية.

والمواضيع الفرعية التي تم تطويرها هنا تستحق معالجة منفصلة في حد ذاتها، حيث تقدم المصادر الكلاسيكية والمناقشات اللاحقة والتطبيقات كما تم تطويرها بشكل أساسي من قبل علماء الأنثروبولوجيا، وبعيدًا عن القسم حول الكلاسيكيات تميل هذه الدراسة نحو المستقبل مع التركيز بشكل أساسي على العمل الحالي لعلماء الأنثروبولوجيا، وثانياً على ذلك من قبل علماء القانون من بين آخرين، بهدف اختيار ينقل جوهر المناقشات الحالية ومصالحها، مع أخذ عينات من المنح الدراسية الدولية.

وهو لا يتضمن بشكل حتمي سوى مجموعة صغيرة من الدراسات القطرية والإقليمية العديدة حول التعددية القانونية كدراسات، ولا يشمل الدراسات التاريخية، وعلى الرغم من اهتمام علماء الأنثروبولوجيا الجوهري بالقراء المهتمين بالتعددية القانونية، ألا أن دراستهم ليست بأي حال من الأحوال سردًا شاملاً لمطالب الناس بالحقوق والاعتراف.

القضايا الأساسية التي تشملها دراسة التعددية القانونية في الأنثروبولوجيا:

دخل موضوع التعددية القانونية الأنثروبولوجيا من القانون، وهو الآن ينتشر على نطاق واسع كميدان نابض بالحياة حيث تلتقي الأنثروبولوجيا والقانون وغيرها من تخصصات العلوم الاجتماعية في النظرية والتطبيق.

وبالنسبة للدراسات الأنثروبولوجية تشمل التعددية القانونية القضايا الأساسية التالية:

1- الوسائل والغايات والمخاطر في وصول الناس إلى العدالة من خلال القانون من بين المجالات الأخرى بما في ذلك العلاقات الشخصية الخاصة.

2- تقدم الدراسات الأنثروبولوجية للتعددية القانونية مجموعة طويلة من المواقف الحكومية وغير الحكومية، من العلاقات الحميمة إلى العامة جدًا، ومن المحلية إلى العالمية.

3- بالنسبة للمحامين في هذه الدراسات الأنثروبولوجية تميل التعددية القانونية إلى الإشارة إلى الدولة والترتيبات الدولية ممزوجة بمسائل تنازع القوانين، والقانون المقارن والولاية القضائية والاستقلال الذاتي دون الوطني، والتوافق فوق الوطني والعولمة البديلة.

4- الاستقصاءات القانونية والأنثروبولوجية مترابطة خاصة في الظروف التي تطورت فيها التعددية القانونية كحماية للأقليات أو كشكل مؤسسي متعدد المراكز يعكس توزيعًا متعمدًا لسلطات الدولة.

5- من الناحية الكلاسيكية تنشأ التعددية القانونية لكل من القانون والأنثروبولوجيا مع تكييف الدولة للتعددية الثقافية، ومع ذلك فإن التعددية القانونية تتطور لأسباب عديدة إلى جانب التوافق الثقافي على سبيل المثال في الحرب والتجارة والخصخصة والتعاقد مع الخارج والاحتجاز واللجوء.

6- من بين مواقف أخرى تولد الدراسات الأنثروبولوجية أشكالًا جديدة من التعددية القانونية اليوم، وتتم مناقشة هذه الأحدث من التعددية القانونية كونها مصطلح مستعار من فرانز فون وبيندا بيكمان، وفي هذا الوضع باعتبارها سمات للمشاهد القانونية المعاصرة.

7- تقدم الدراسات الأنثروبولوجية في مجال التعددية القانونية توضيح كيفية قيام الجهات الفاعلة المختلفة بوضع القانون والحفاظ عليه في بيئات مختلفة والتي تمثل أبراجًا شديدة التنوع من السلطة.

8- يستكشف علماء الأنثروبولوجيا الطرق التي يشكل بها القانون السلطة ويضفي عليها الشرعية من خلال تحليل الأنشطة المختلفة التي تمارس من خلالها، بما في ذلك خصائصها الحاسمة والتنظيمية والخطابية.

9- لأن القانون يلعب دورًا مهمًا في إنشاء وإنتاج وفرض معاني ومفاهيم مثل العدالة والسلطة والحقوق، تجسد الدراسات الأنثروبولوجية للتعددية القانونية مفاهيم الشرعية التي قد يتذرع بها الفاعلون الاجتماعيون المختلفون في بناء خطابات مهيمنة ومضادة للهيمنة.

10- لقد أثبت الدراسات الأنثروبولوجية لمفهوم التعددية القانونية أنها مثمرة بشكل كبير في تحدي الأفكار حول مركزية قانون الدولة وزيادة الوعي بتنوع الطرق التي يتفاعل بها الأفراد مع القانون.

11- يسعى علماء الأنثروبولوجيا إلى فهم القانون الدولي باعتباره مجالًا اجتماعيًا ثقافيًا بالإضافة إلى كونه مجالًا قانونيًا، فإن مفهوم التعددية القانونية العالمية يقدم إطارًا مفيدًا كونه يوفر طريقة لتنظير ميوعة وتشرذم القانون الدولي وكذلك فضاءات الانفتاح والفرص.

12- إنها طريقة لفهم الدور التنظيمي بالاقتران مع الأنظمة الإقليمية والوطنية والمحلية وهياكل القوة المحلية والوطنية والعالمية التي تشكل ممارساتها.

13- يسلط مفهوم التعددية القانونية العالمية في الدراسات الأنثروبولوجية الضوء على كل من الطبيعة العالمية للتضاريس القانونية الجديدة وكذلك المعايير النسبية لمختلف الأنظمة من القانوني الصارم إلى تلك القائمة على الممارسات الثقافية بدلاً من قانون الدولة.

14- يساعد المفهوم الأنثروبولوجي للتعددية القانونية على فهم تعقيد النظام القانوني العالمي مع التركيز على الطريقة التي يعمل بها تجزؤه وعدم قابليته للقياس عمليًا في الوضع الاجتماعي والثقافي العالمي شديد التعقيد.

المصدر: محمد الجوهري، مقدمة في دراسة الأنثروبولوجيا، 2007محمد الجوهري، الأنثروبولوجيا الاجتماعية، 2004ابراهيم رزقانة، الأنثروبولوجيا، 1964كاظم سعد الدين، الأنثروبولوجيا المفهوم والتاريخ، 2010


شارك المقالة: