الخليفة القائم بالله عبد الله بن أحمد القادر

اقرأ في هذا المقال


الخليفة القائم بالله عبد الله بن أحمد القادر:

هو عبد الله بن أحمد القادر، أبو جعفر، ولد عام (391 هجري)، من أم ولد أرمنية اسمها (بدر الدجى) وقيل: (قطر الندى)، ولي أمر الخلافة عام (422 هجري)، فكان عمره إحدى وثلاثين سنة بعهد من أبيه، وأبوه هو الذي لقبه القائم بأمر الله.

كان جميلاً، ووجهه مليح، أبيض كثير الحمرة، ذو جسم حسن وسليم، ورعاً وتقياً، ديّناً، زهيداً، مُحترماً للعلماء وهو عالم، شديد اليقين بالله تعالى، كثير الصدقة والصبر، له عناية بالأدب، ومعرفة حسنة بالكتابة، مؤثراً العدل والإحسان وقضاء الحوائج، لا يرى المنع من شيءٍ طلب منه. كان أبو الحارث أرسلان التركي البساسيري أحد موالي بني بويه قد طغا حتى خافه الناس جميعاً، وثبت للخليفة أن البساسيري سيئ العقيدة.

وهو لديه رغبة شديدة في إلقاء القبض على الخليفة وإلغاء الخلافة العباسية فما كان من الخليفة إلا أن راسل طغرل بك أبا طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق سلطان الأتراك الغز وهو بالريّ يستنهضه للقدوم إليه، ثم أحرقت دار البساسيري، وقدم طغرل بك إلى بغداد، واستأذن الخليفة بدخولها فأذن له فدخلها عام (447 هجري).

وكانت قد جرت وحشة بين الخليفة والبساسيري، فغادر البساسيري بغداد ولم يذهب مع الملك الرحيم الذي أتى من واسط وقد طالب الخليفة منه أن يخضع لطغرل بك، واتجه البساسيري إلى الرحبة، ومنعت بدعة (حي على خير العمل) في الأذان، وعقد الخليفة على خديجة بنت داود أخي طغرل بك، وقد تمكّن البساسيري من أخذ الموصل.

الأحداث التي جرت في عهد الخليفة القائم مع البساسيري:

تواصل البساسيري صاحب مصر المستنصر العبيدي، وقد طالب منه أن يتم مُبايعته ويدعو له، وأن يمده هو بالجند والأموال، وأن يأتي إليه ليبايعه، ويدخل بغداد باسمه غير أن المُستنصر لم يكن يثق كلياً بالبساسيري لذا فقد اكتفى بمده بالجند من الشام وبالمال ولكنه لم يأت إليه. وفي الوقت نفسه فقد تمكن البساسيري من الإيقاع بين طغرل بك وبين أخيه لأمه (إبراهيم ينال).

إذ أطمع إبراهيم بمنصب أخيه، واشتغل طغرل بك بقتال أخيه فاستغل البساسيري هذا القتال واتجه إلى بغداد ودخلها عام (450 هجري)، ومعه الرايات المصرية، ووقع القتال بين الطرفين، وخطب في بغداد للمستنصر العبيدي باستثناء جامع الخليفة. قبض البساسيري على الخليفة، وأرسله إلى حديثة عانة حيث سجن هناك.

رواية الخليفة القائم في السجن:

وقد قيلَ أنه كتب روايته وهو بالسجن وبعثها إلى مكة، فعُلّقت في الكعبة وفيها: إلى الله العظيم من المسكين عبده، اللهم إنك تعلم ما في السرائر، المُطلّع على ما في الضمائر، اللهم إنك غنيٌ بعلمك، واطلاعك على خلقك، عن إعلامي، هذا عبد قد كفر نعمك وما شكرها، وألغى العواقب وما ذكرها، أطغاه حلمك حتى تعدى علينا بغياً، وأساء إلينا عُتّواً وعدواً. اللهم قلّ الناصر، واعتز الظالم، وأنت المُطلع العالم، المنصف الحاكم، بك نعتز عليه، واليك نهرب من بين يديه، فقد تعزز علينا بالمخلوقين، ونحن نعتز بك، وقد حاكمناه إليك، وتوكلنا في إنصافنا منه عليك، ورفعنا ظلامتنا هذه إلى حرمك، ووثقنا في كشفها بكرمك، فاحكم بيننا بالحق، وأنت خير الحاكمين.

كما قام البساسيري بقتل وزير الخليفة وهو ابن مسلمة الذي كان يحقد على البويهيين، وقربهم للعبيديين في مصر. ظفر طغرل بك بأخيه، إبراهيم وقما بقتله، وتفرّغ لأمر البساسيري فعاد إلى بغداد ودخلها عام (451 هجري)،‏ ولم ينفرد فيها البساسيري بأكثر من سنة، وظفر بالبساسيري وقتله، ورجع الخليفة إلى دار ولم ينم بعدها إلا على فراش مُصلاه، ولزم الصيام والقيام، وعفا عن كل من اذاه، ولم يسترد شيئاً مما نهب من قصره إلا بالثمن.

وقال: هذه أشياء احتسبناها عند الله، ولم يضع رأسه على مخده. وزوّج الخليفة ابنته لطغرل بك عام (454 هجري)، وزفت إليه (455 هجري)، وضمن بغداد ورجع إلى الري فمات بها في رمضان عام (455 هجري)، وعمره آنذاك سبعون سنة.

كان حليماً، كبير الاحتمال، يكتم الأسرار، يُحاظ على الصلوات، وعلى صوم الاثنين والخميس، وعلى لبس البياض، ولم يكن له ولد، فبايع من بعده لابن أخيه سليمان بن داود، غير أن ابن أخيه ألب أرسلان قد تغلب على أخيه سليمان، وتسلّم الحكم ولقب بعضد الدولة وبقي حتى قتل عام (465 هجري). توفي الخليفة القائم بأمر الله عام (467 هجري)، وخلفه حفيده.

المصدر: ❞ كتاب الدولة العباسية ❝ مؤلفة محمود شاكر أبو فهر الجزء الثاني صفحة (191 – 193)❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفة سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث❞ كتاب سلسلة تاريخ الأدب العربي العصر العباسي الأول ❝ مؤلفة شوقي ضيف❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفة د.محمد سهيل طقوش


شارك المقالة: