الرواسب والمشتقات عند باريتو في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الرواسب والمشتقات عند باريتو في علم الاجتماع:

يميز باريتو بين الأفعال المنطقية الموجودة على الإرشاد الاستدلالي والمنطقي والبرهاني، والأفعال غير المنطقية الموجودة على المشاعر والوجدان والتأثر، ويقصد بهذا أن غالبية الأفعال الإنسانية، ذات الطبيعة الاجتماعية، هي أفعال غير منطقية تستجيب للتحفيز العاطفي والوجداني، وتستجيب كذلك للحوافز غي العقلية.

ويعود هذا إلى قوة الإيديولوجيات والفرضيات الاجتماعية والخرافات الشائعة والتراهات والخزعبلات التي يحصل عليها الشخص منذ طفولته، فهي تستجيب للمشاعر والأهواء والانفعالات الذاتية، في حين تستجيب الأفعال المنطقية للعقل والمنطق والاستنباط.

وغالباً ما نرى الأفعال غير المنطقية بصورة واسعة في مجال السياسية، يطلق عليها الرواسب والمشتقات، ما زالت تصدر عن عالم المشاعر والوجدان والأهواء من جهة، وتستجيب لمنطق التفسير والتوضيح من جهة أخرى.

وتتحقق المشتقات بمختلف الأساليب اللفظية، أو عن طريق الخطابات المستخدمة من قبل اﻷشخاص والجماعات لتفسير وتوضيح أفعالهم، وجعلها أكثر عقلانية ومنطقية، وهذا ما يطلق عليه بالتفسير والتوضيح السيكولوجي، ويقصد بهذا أن المشتقات عباره عن تفسيرات منطقية ﻷفعال لديها المشاعر والانفعال والأهواء، يراد منها أن تأثر على الآخرين بمنطقيتها ومعقوليتها، وهي لا تحتاج إلى هذا التفسير المنطقي.

ويشير باريتو بمثال واضح في هذا المجال، فالثوريون يتصارعون من أجل تغيير نظام اجتماعي تحكمي وظالم، وتعويضه بنظام اجتماعي آخر أكثر مساواة وتعبير وديمقراطية، ويعد قيادتهم على الحكم، ويمارسون بدورهم ذلك الظلم، فيفسرون سلوكهم غير المنطقية وغير الأخلاقية بذكر الظروف المسببة، فيقومون بإرجاع ذلك إلى أعداء السياسة، والمؤامرات وظروف العنف، والظروف غير المتوقعة.

أما الرواسب، فهي عبارة عن تعبيرات عن المشاعر والوجدان، وهي ميول ذاتية مستقرة تتوسط العلاقة بين المشاعر والفعل، وبمفهوم آخر الرواسب هي عبارة عن سلسلة من الحوافز والدوافع الغريزية غير المنطقية التي تؤثر في أداء الفرد، عندما لا يقدر أن يتحكم فيها، وبما أن المواطنين لا تقدر أن تسيطر على هذه الرواسب أو تضبطها، فإن أدائها كله يكون موجهاً بمثل هذه الرواسب، في حين لا يستجيب فعل الصفوة لمثل هذه الرواسب، ﻷنها تتميز بقدرات عظيمة على السيطرة على تلك الرواسب وضبطها، والتصرف بمنأى عن تأثيرها. أما عن دور هذه الرواسب ووظائفها، فتتمثل في تحقيق التوازن والتكامل والتساند والتآلف بين مختلف عناصر النسق المجتمعي.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: