الطبقات الاجتماعية كإنتاج ثقافي ذو تاريخ محدد في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الطبقات الاجتماعية كإنتاج ثقافي ذو تاريخ محدد في علم الاجتماع:

إن النقد يقع في منظور فكري ما بعد الحداثة حول نهاية الروايات الكبرى، وإن الموضوع لم يعد معرفة إذا كانت القدرة التفسيرية للتصورات العلمية قد ضعفت أم لا، بل ملاحظة أن هذه الطريقة في طرح المشكلة لم يعد لها بكل بساطة معنى، فالتصورات الطبقية الاجتماعية هي إنتاجات ثقافية قديمة، حيث في الإمكان عرض طريقة إنتاجها بالتحديد وطريقة تسويقها كي نستخدم لغة مجازية، وعندها يتبين لنا أنها لم تعد مستهلكة إنها تصورات كغيرها، روج لها البعض ممن كانت تعني لهم كثيراً، وممن كانت تسمح لهم بتوجيه أفعالهم، ولكنها لم تكن أكثر علمية من سواها.

وبحسب باكولسكس 1996، مثلاً فإن تاريخها قد يكون على الشكل التالي، في القرن التاسع عشر، تكونت تجمعات عمالية صغيرة، وكانت هذه الجماعات محدودة، وكان جميع أعضائها يعيشون في تجاور وثيق، ويعملون في المصنع نفسه أو في شروط مشابهة جداً وكانوا يتصرفون بصورة مشتركة اتجاه الأحداث المقلقة، يمكننا الحديث عن طوائف مصيرية صغيرة، فتصورات أعضاء هذه المجتمعات الصغيرة لم تكن ربما بتعابير الطبقة ولكنها تشترك في الشروط نفسها التي تحددها الوضعية العمالية، وهم يعملون معاً لتأمين مصالحهم بصورة أفضل، إنها طبقات لذاتها حقيقية مصغرة.

هل الأحزاب السياسية تصنع الطبقات الاجتماعية؟

هذه الطوائف المحلية ستختلط في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بشبه طوائف، متسعة ومتباعدة، عند هذا المستوى ظهرت الطبقة كإنتاج ثقافي، كإنتاج فكري وضعته ومجدته تنظيمات تتابع هذا الهدف، يقول باكولسكي على غرار مسار مشابه لذلك الذي تحولت فيه الدول إلى قوميات، صنعت الأحزاب السياسية الطبقات، فالدعوات السياسية لهذه التنظيمات أسهمت في بناء شبه طوائف على مستوى واسع جداً ولكنها ما تحت قومية واحتلت تدريجياً مكان الطوائف المصيرية المحلية وروجت للتماهي الطبقي بتعابير قومية، فالأحزاب السياسية والنقابات حددت الإشكاليات الطبقية وصاغت رزماً من الأهداف والاستراتيجيات التي استخدمت لاستقطاب دعم واسع من الناخبين.

هؤلاء المؤيدون والمنتسبون إلى هذه التنظيمات هم الذين سيتبنون تصورات طبقية سيعيدون نشرها، ليس هذا بسبب انتمائهم الطبقي الموضوعي، وإنما بسبب التزامهم بتوجهات أيديولوجية تقترحها التنظيمات، فالرواية الانعكاسية للاشتراكية سواء في صيغتها الثورية أم الإصلاحية، أصبحت أيديولوجياً الطبقة العاملة، بينما ربطت الليبرالية بصيغتها “دعه يمر” كتحررية مطلقة والمحافظة السياسية بالطبقات والأحزاب البورجوازية.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: