تمكّن الذاكرة من تخزين المعلومات واسترجاعها بعد ثواني إلى سنوات وهي ضرورية للحياة اليومية، هذا العدد من علم النفس البيولوجي الذي يأخذ نظرة واسعة على بيولوجيا الذاكرة، لا يوجد تعريف عالمي للذاكرة؛ لكننا نعتبر أن المصطلح يشير إلى التغييرات الدائمة في آليات السلوك بناءً على الخبرة السابقة مع المدخلات البيئية؛ ينصب التركيز هنا على أنظمة اللدونة المحددة والطرق التي تطورت بها الكائنات الحية للاحتفاظ بالمعلومات التي قد تكون مفيدة في وقت لاحق.
المنظور البيولوجي للذاكرة:
تحتوي هذه القضية على نطاق واسع لبيولوجيا الذاكرة، تشمل التغطية مجموعة واسعة من الأنواع من البكتيريا إلى النباتات والحيوانات؛ المستويات البيولوجية للتحليلات وتنظيم الجينات ونقل الإشارات والتغيرات الخلوية المشبكية، كذلك تشكيل الشبكات العصبية (البيولوجية والتركيبية) والتغيرات في نشاط الدماغ؛ بالتالي استهداف مسببات الأمراض دون مهاجمة بقية الجسم، بالطبع تخزين المعلومات بواسطة الجهاز العصبي المركزي؛ علاوة على ذلك يوضح المنظور البيولوجي التقارب المذهل للمعرفة حول العمليات المعرفية الأساسية في البشر والحيوانات غير البشرية الذي حدث خلال العقود الأربعة الماضية.
يجب أن يسهل هذا التقارب تطوير نماذج حيوانية للذاكرة يمكن أن تساعد في حل الألغاز الأساسية حول بيولوجيا الذاكرة، في النهاية تعتمد قدرتنا على تسخير الإمكانات الكاملة لمثل هذه النماذج الحيوانية على صخرة التطور، كذلك المعرفة المؤكدة بأن الدماغ باستثناء الدماغ البشري قد تطور، تماماً كما فعلت أعضائنا الأخرى، يمكن المساعدة في التقدم نحو فهم بيولوجيا الذاكرة من خلال فصل بعض الفروق الأساسية أولاً.
أحد الاختلافات الكلاسيكية هو التعلم والأداء، قد تؤثر العديد من العوامل على الأداء في الاختبار، بما في ذلك بعض العوامل نفسها التي تؤثر على التعلم؛ الحل الشائع لهذه المشكلة الكلاسيكية هو تغيير المدخلات في وقت مبكر واستخدام اختبار شائع لتقييم التعلم، تتم معادلة عوامل الأداء من خلال استخدام الاختبار المشترك، لذلك فمن الرهان الآمن أن نعزو الاختلافات في الأداء في الاختبار إلى التعلم الذي حدث نتيجة للمدخلات المختلفة، هناك فرق شائع آخر بين التعلم والذاكرة؛ التعلم هو عملية الحصول على معلومات جديدة، في حين أن الذاكرة تتضمن الاحتفاظ بمعلومات محددة عبر تأخير.
تأتي الذاكرة بأشكال عديدة، ركزت المناهج المبكرة لدراسة الذاكرة على الاحتفاظ بالمعلومات التي كانت تدور حول العناصر الثابتة؛ على سبيل المثال نعلم أن العنصر مرتبط بعنصر آخر يمثل شكل كلاسيكي من أشكال التعلم، يستمر النهج الكلاسيكي في جذب الاهتمام، مع ذلك تركز الأساليب الأحدث على الذاكرة الخاصة بالعنصر؛ على سبيل المثال قد يتم تقديم سلسلة من العناصر بشكل متسلسل أو متزامن، متبوعة بتأخير وتقييم لاحق لذاكرة أي عنصر في السلسلة.
يعد تطوير نماذج ذاكرة حيوانية صالحة أمر مهم؛ لأن مثل هذه النماذج لديها إمكانات كبيرة للبحث المترجم لتحسين النتائج؛ على سبيل المثال ضعف الذاكرة الذي يحدث مع تقدمنا في العمر ونتيجة للمرض، تتضمن مجموعة متلازمات فقدان الذاكرة عند البشر عجز بارز في الذاكرة العرضية؛ الأشخاص المصابون بمرض الزهايمر على سبيل المثال، يُظهرون ضعف عميق في الذاكرة العرضية، في نهاية المطاف وبشكل حتمي يعاني المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر من فقدان شديد للوظيفة الإدراكية، بما في ذلك عدم القدرة على التعرف حتى على الأصدقاء المقربين وأفراد الأسرة.
بالإضافة إلى الزهايمر تتأثر الذاكرة العرضية في مجموعة من الاضطرابات، بما في ذلك آفات الفص الجبهي ومرض هنتنغتون والضعف الإدراكي المعتدل والشيخوخة الطبيعية والفصام والسكتة الدماغية؛ التأثير المجتمعي لاضطرابات الذاكرة مذهل بالإضافة إلى التكاليف الشخصية والعاطفية الهائلة التي تتكبدها مثل هذه الاضطرابات، قد يؤدي الفهم الأفضل لآليات ضعف الذاكرة والذاكرة إلى تقليل تكاليف الرعاية الصحية المتزايدة والمعاناة غير الضرورية في مرض الزهايمر، لاحظ أنه حتى التحسينات الصغيرة في الاحتفاظ بالوظيفة المعرفية يمكن أن يكون لها تأثيرات هائلة على الرفاهية والمشاركة الاجتماعية والإنتاجية من خلال تقليل تكاليف الرعاية الصحية والرعاية طويلة الأجل.
الآليات البيولوجية التي تدعم الذاكرة:
يتكشف التحدي الكبير لفهم الآليات البيولوجية التي تدعم الذاكرة خلال العصر الذهبي لأبحاث علم النفس البيولوجي، أحد الآفاق المستقبلية هو هدف دمج فهم عميق للآليات البيولوجية مع نماذج معقدة للإدراك البشري؛ على سبيل المثال هناك أدلة متزايدة على أن جوانب معينة من الذاكرة البشرية يمكن نمذجتها في الحيوانات غير البشرية، بما في ذلك عمليات مثل الذاكرة العرضية والذاكرة التقريرية والذاكرة المستقبلية.
إن الجمع بين هذه الأساليب والرؤى الجديدة حول بيولوجيا الذاكرة لديه القدرة ليس فقط على إلقاء الضوء على بعض الألغاز العميقة للعقل، لكن أيضاً لتطوير البحث المترجم الذي قد يعزز في نهاية المطاف تطوير الأساليب العلاجية للاضطرابات الإدراكية البشرية الشديدة، سبب آخر للتفاؤل هو التقدم السريع في المنهجيات التجريبية المتاحة لدراسة الذاكرة؛ على سبيل المثال تسمح أدوات علم البصريات الوراثي الآن بالتعبير المستهدف لمؤشرات الكالسيوم أو القنوات الأيونية ذات البوابات الضوئية ومستقبلات الناقلات العصبية والمضخات الأيونية.
بالتالي يمكن للباحثين أن يراقبوا بصرياً أو يتلاعبوا عن بعد بنشاط الخلايا العصبية في الحيوانات السليمة، بينما تتعلم الحيوانات بالفعل أو تتذكر تجربة مكتسبة، تشير هذه التطورات وغيرها إلى مستقبل مشرق للبحث في كيفية تخزين العقول واسترداد المعلومات المتعلقة بالماضي.