عندما يتعرّف الشخص على النفس الإنسانية وحقيقتها فسوف يستطيع تقدير ما يفعله، فهو يساعده على بناء نظم وأفكار وسلوكات ومشاعر تتفق مع الحقائق ولا تصدمها أو تعاكسها، إلّا أنّ دراسة النفس الإنسانية لا تعتبر كدراسة الكيمياء أو الفيزياء؛ فالإنسان يعتبر كلٌّ لا يتجزأ وشديد التعقيد ومن غير الميسور الحصول على عرض بسيط له، لا يوجد طريقة واحدة لفهمه في مجموعه أو في أجزائه في وقت واحد، لكي تحلل النفس البشرية تحتاج إلى الاستعانة بعلوم مختلفة.
ما هو علم النفس؟
لجميع العلوم موضوع خاص يتم اتخاذه المحور الأساسي لدراسته، لم يستطيع علماء النفس الاتفاق على تعريف واحد لعلم النفس؛ ذلك لأنّه عندما ينمو هذا العلم ويتطوّر يتعرّض للعديد من المؤثرات من العلوم الطبيعية على اختلافها، جعلت علماء النفس يختلفون في وجهات نظرهم إلى طبيعة الظاهرة النفسية وتأويلها، يمكن تعريف علم النفس بالتعاريف الآتية:
- هو العلم الذي يقوم بدراسة الحياة النفسية، يشمل ذلك أفكار ومشاعر وأحاسيس وميول ورغبات وذكريات وانفعالات.
- هو العلم الذي يقوم بدراسة سلوك الإنسان، أي ما يصدره الإنسان من أفعال وأقوال ظاهرة، كما أنّه العلم الذي يقوم بدراسة نشاطات الإنسان عندما يتفاعل مع البيئة التي تحيط به ويتكيف معها.
- قام العلماء بجمع التعاريف السابقة في تعريف رئيسي لعلم النفس، فهو العلم الذي يقوم بالبحث في كلّ ما يقوم به الإنسان وكل ما يصدر عنه من سلوكات حركية أو لفظية، كذلك كل ما يصدره الإنسان من نشاطات عقلية؛ كالإدراك والتخيل والتفكير، وكلّ ما يستشعره من تأثرات وجدانية وانفعالية كالشعور باللذة والألم والضيق أو القلق أو بالحزن أو بالفرح وبالخوف والغضب، يسعى علم النفس إلى فَهم السلوك وتفسيره والتنبّؤ بما سيكون عليه والتحكم فيه بتعديله وتحسينه.
مناهج البحث في علم النفس:
- المنهج العلمي: يمتاز هذا المنهج بجمعه للوقائع والمعلومات من خلال الملاحظة المنتظمة وغير العارضة والملاحظة الموضوعية غير الذاتية؛ أي الملاحظة التي لا تتأثر بميول الباحث وعواطفه وأفكاره السابقة، كذلك يعتمد على الملاحظة التي يمكن التحقّق من صحتها؛ أي من الممكن أن يعيدها باحثون آخرون ويخرجون بنفس النتائج.
- منهج التأمل الباطن: هو ملاحظة شعور الشخص بسبب الخبرات الحسية والعقلية أو الانفعالية؛ التي عاشها، فهي ملاحظة منتظمة ودقيقة تهدف للتعرّف على الحالات وتحليلها، من الأمثلة عليه هو الاستبطان الذي يقوم الإنسان به بشرح ما يشعر به للآخرين، لكنّه واجه الكثير من الاعتراضات بسبب حقيقة أنّه غير موضوعي ولا يمكن التأكد من صحته.
- المنهج التجريبي: لا يمكن أن يتوقف العلم في بحوثه على الانتظار حتى تحدث الظواهر لملاحظتها، فسير الأبحاث سيكون بطيئ، لذلك لا بد من أن يتدخل الإنسان ليرتّب الظروف التي تقع فيها الظواهر ترتيب معين ثم يلاحظ ما يحدث، هذه هي التجربة فليس التجربة ملاحظة مقصودة مقيّدة بشروط تجعلها تحت مراقبة الباحث وإشرافه.