ظهر مفهوم سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف أو الدعائم التعليمية، التي يمكن تعريفها: بكافة الأدوات والإرشادات والتعليمات والأنشطة التي يقوم بها معلم والدورف من أجل الوصول إلى استيعاب المحتوى التدريسي لدى التلاميذ؛ حيث تؤكد أهمية تقديم المساعدات والتعليمات والنصائح والأدوات للطلاب بهدف مساعدتهم للوصول إلى مستويات ذات جودة عالية لمواجهة الحياة.
ما هي سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف
1- من أحد سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف هو مفهوم الحرية والذي يمنح توجهًا قيميًا للواقع الخاص بالمدرسة والمجتمع، حيث يشارك التلاميذ والمعلمون وأولياء الأمور في تعلم بعضهم البعض والتطوير، وهكذا فإن فكرة التربية من أجل الحرية تلقي الضوء الأخلاقي على كل شيء تربوي، وهذا يمكن أن يثير الدهشة والاحترام المتبادل، فضلاً عن إلهام الانفتاح تجاه مجهول، حيث لا يشجع تعليم والدورف أو يلتزم بأي دين أو عقيدة أو رؤية كونية.
2- وأيضاً من سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف الأنثروبولوجيا لدمج التطور الداخلي في مجالات مثل الحدس والإلهام والخيال في العلوم الطبيعية التي يمكن تقييمها في النهاية على نفس الأساس.
3- ومن سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف كذلك المسؤولية الأخلاقية حيث لممارسة التدريس النشط، يجب على المرء أن يعامل الآخرين كما يحب أن يعامل الآخرون نفسه.
4- كما وتعتبر الكفاءة الاجتماعية وتنمية الشخصية من أبرز سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف.
5- فن الحركة التعبيرية للشعر والموسيقى والمسرحيات، وأمزجة التعلم جنبًا إلى جنب مع النغمة والنبرة والإيقاع والقواعد هي أيضاً من سقالات تعلم الأطفال بمنهج والدورف.
6- التعلم التجريبي بالموسيقى والرقص والمسرح والكتابة والأدب والأساطير فالأساطير ليست مجرد مواضيع يجب قراءتها واختبارها، فهي من ذوي الخبرة.
7- التحول حيث ينطوي التعلم على التخلي عن الأفكار الثابتة والتعامل الفعال مع الواقع، هذا يرقى إلى تكامل متبادل بين الذات والعالم، ودعا والدورف هذا التوازن.
8- النسيان فلكي يتعلم المرء يحتاج إلى النسيان، وهذا يعني أنه يجب تخفيف الارتباط القوي ببعض التمثيلات، فالنوم هو أحد مكونات عملية التعلم.
9- القدرات حيث المكافأة الثرية للتعلم هي الفائدة التي تعود على الذات في تنمية قدرات المرء، ويتم تطوير القدرات الشرطية.
10- الشمولية حيث التعلم يحدث من خلال التفاعل مع الواقع، ويجب أن يكون هذا التفاعل شاملاً (كليًا) ونشطًا وقبل كل شيء تجريبيًا قدر الإمكان، حيث إنه ليس مجرد تراكم للمعرفة الواقعية.
11- الحقيقة ففي التعلم، يتفاعل الإنسان مع العالم ونظامه، حيث تعبر قوانينه عن نفسها في القدرات المكتسبة بهذه الطريقة.
12- المعنى حيث هذا الارتباط بالعالم القائم على القدرة هو ما يخلق تجربة المعنى من خلال التعلم ويعطيها أهميتها الجوهرية.
استراتيجية التذكر لتعلم الأطفال بمنهج والدورف
هناك جانب آخر يجب أخذه في الاعتبار حيث لا يمكن أن تنجح عملية التعلم ما لم يستمر ما تم تعلمه في الوقت المناسب ولا يتبدد ببساطة، ويجب الحفاظ عليه، وهنا يتحدث رودولف شتاينر عن كنوز الماضي، فمهما كان الأمر، فإن التعلم دائمًا هو عملية استمرار، وما يتم اكتسابه عن طريق التعلم يصبح مكونًا دائمًا لشخصية الإنسان، ولكي يحدث هذا يجب تنشيط الذاكرة، ويصف رودولف شتاينر كلية الذاكرة بأنها سمة أساسية للروح البشرية، وفي هذا السياق تُعرَّف كلمة روح وظيفيًا على أنها حافظة للماضي.
كيف إذن حسب شتاينر، تعمل الذاكرة؟ يشير شتاينر إلى العملية التي يتم من خلالها تشكيل التمثيلات، فهو يعتبرها ناتجة عن اتحاد الإدراكات الحسية والمفاهيم الناتجة عن التفكير، حيث إنه يرفض بشكل قاطع الواقعية الساذجة – الفكرة القائلة بأن الظواهر الخارجية يتم إدراكها ثم وضعها في الوعي على أنها تمثيلات.
وإن الإنسان ليس مجرد وعاء متقبل للعالم ولكنه نشط للغاية ومنتج فيما يتعلق به، وليس الأمر أن صور الواقع الجاهز مأخوذة ببساطة، بدلاً من ذلك يشارك الوعي البشري بنشاط في بناء الواقع.
ومع ذلك في التجربة مع التمثيلات، لا يتم إدراك العملية التشاركية التي دخلت في تكوينها، ومن أجل وعي اليقظة، التمثيل (الذي تم تشكيله بالفعل) هو نقطة البداية، نظرًا لأن هذا هو المنتج النهائي للعملية التي يتم من خلالها بناء الواقع، وبالتالي يكون مختلفًا بالفعل عنه، فإن تعليم والدورف ينص بشكل قاطع على إن الوعي الطبيعي هو بالتالي وعي تمثيلي، ويحتوي على القليل في طريق الواقع الفعلي.
يميز والدورف بين البنية الأساسية 3 للإدراك البشري التي تشارك بنشاط في بناء الواقع والبنية الثانوية، والتي تعبر عن هذه العملية البناءة في شكل صور ذاكرة تمثيلية، ومن منظور شتاينر، فإن هذا الهيكل الأساسي هو توحيد الإدراك والمفهوم، وهذه هي العملية التي تحدث بين العالم الخارجي والروح، وتجعل من الممكن للإنسان تكوين، من خلال عملياته الداخلية، صورة جديدة لما تلقاه في المقام الأول كصورة من الخارج، وهذه العمليات التي يتم اختبارها داخليًا، يعينها شتاينر على أنها ذاكرة.
استراتيجية النسيان لتعلم الأطفال بمنهج والدورف
الإدراك والذاكرة، كما صورهما رودولف شتاينر، عمليتان نشطتان للغاية، هذا له عواقب مباشرة على عملية التعلم، ويُفهم التعلم في تعليم والدورف على أنه الاستكشاف النشط للواقع، ولا يمكن أن تكون فعالة ما لم يكن الإنسان مشاركًا في العملية قدر الإمكان، فالتعلم إذن، ليس مجرد صب المواد في وعاء سلبي ومتقبل، بل هو عملية نشطة وشخصية وعاطفية.
وفي التعلم، تبلغ الشخصية الإنسانية تكوينها الخاص، لأنها في هذه العملية تصوغ نفسها وفقًا لإحساسها الخاص بالواقع، لذلك من وجهة نظر منهجية والدورف، من غير المستحسن جعل الحقائق والصور والأفكار المحددة مسبقًا هدفًا للتعلم، في حين أن هذه قد تكون مفيدة في توفير التوجيه والبنية، إن الشيء الحاسم في عملية التعلم هو تنفيذ الوعي بمشاركة المتعلم في بناء الواقع.
ويتم ذلك من خلال التأكد من أن ما يحدث في الفصل يتضمن خبرة مباشرة وإجراءات عملية، علاوة على ذلك أكد شتاينر أنه من الضروري لمعلم والدورف استخدام الصور و المفاهيم المرنة في تعليمه، ويرقى هذا إلى طريقة أخرى للإشارة إلى عدم استصواب استخدام المحتوى الثابت.
ومع ذلك هناك شيء آخر يجب مراعاته – جانب النسيان، ففي مقاربته للتعلم، كان من أبرز إنجازات رودولف شتاينر توضيحه لأهمية النسيان في عملية التعلم، بالطبع بالمعنى الدقيق للكلمة، المقصود هنا هو النسيان المتعمد، فالنسيان العرضي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بنسيان مشاركة المرء في بناء الواقع، والنسيان المتعمد، من ناحية أخرى يعمل مثل الميل الطبيعي للسيطرة على العقل الواعي من خلال التمثيلات المكتسبة بشكل منهجي إلى حد ما.
ويُمارس هذا في تعليم والدورف من خلال إبقاء التمثيلات أكثر انفتاحًا، ومن خلال التدريس بالصور واستخدام المفاهيم المرنة، يتم تنظيم الدروس بطريقة تنتهي عادةً بلحظة اختبارية ذات صلة مباشرة من نوع ما (غالبًا في شكل قصة)، أو بشكل أفضل مع سؤال مفتوح، وفي لغة والدورف التقليدية، يشار إلى هذا على أنه أخذ شيء ما في الليل.
ويعد تنظيم الدروس فيما يسمى مجموعات الدروس الرئيسية، والتي يتم فيها تدريس موضوع معين لأول ساعتين كل صباح لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع، شكلًا مناسبًا للغاية لتعميق المادة من يوم لآخر ودمج النوم في العملية.
وفي الختام يشير معظم من درسوا تعليم والدورف إلى أن هناك مجموعة من السقالات التي تمحورت حولها تعلم الأطفال بمنهج والدورف، أذ تعتبر هذه السقالات أساسات واستراتيجيات تعليم والدورف لتنمية وتطوير نمو الطفل بشكل كامل وفي كافة جوانبه.
