مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


نظرًا لأن الناس يستخدمون الذات بشكل اعتيادي لمعالجة المعلومات في حياتهم اليومية، فإنهم يمارسون بشكل خاص على ترميز المعلومات بطريقة مرجعية شخصية، بالتالي يوفر الترميز الأكثر تفصيلاً إشارات إضافية للكلمات التي سيتم استردادها لاحقًا من الذاكرة، ويمارسون بشكل خاص في ترميز المعلومات بطريقة ذاتية المرجع، ويوفر الترميز الأكثر تفصيلاً إشارات إضافية للكلمات التي سيتم استردادها لاحقًا من الذاكرة.

مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس

يشير مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس إلى توجه الأفراد إلى تذكر البيانات بشكل أفضل عندما تكون هذه البيانات مرتبطة بالنفس أكثر مما هي عليه عندما لا تكون مرتبطة بالنفس والبيانات الشخصية، حيث أنه في البحث النفسي عن مفهوم تأثير المرجع الذاتي يتم تقديم قائمة من الصفات للأشخاص على سبيل المثال ذكي أو خجول، ويطلب منهم الحكم على كل كلمة بناءً على تعليمات معينة، ويُطلب من بعض الأشخاص أن يقرروا ما إذا كانت كل كلمة تصفهم أم لا.

في هذه الحالة يتخذ الأشخاص قرارًا بشأن كل كلمة فيما يتعلق بمعرفتهم بأنفسهم التي تعتبر مقارنة مرجعية ذاتية، وفيها يتم توجيه أشخاص آخرين ليقرروا ما إذا كانت كل كلمة طويلة وهي مقارنة غير مرجعية تتطلب اتخاذ قرار بشأن كل كلمة لا تستخدم معلومات عن الذات.

ووفقًا لمفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس إذا طُلب من الأشخاص لاحقًا أن يتذكروا الكلمات التي قاموا بتقييمها في مهمة الذاكرة التي لم يتوقعوها، فسيكونون أكثر عرضة لتذكر الكلمات إذا فكروا فيها فيما يتعلق بالذات هل كانت كلمة تصفهم حقاً؟ مما لو فكروا فيهم دون الرجوع إلى الذات هل الكلمة طويلة؟.

يُعتقد أن التعليمات المختلفة في مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس تؤدي إلى اختلافات في احتمالية تشفير الإحالة الذاتية، حيث أن الترميز هو عملية وضع المعلومات في الذاكرة، وأخذ حافز من البيئة ومعالجتها بطريقة تؤدي إلى تخزين هذا المحفز في عقل الشخص، وفي حالة تأثير المرجع الذاتي يتم تشفير الحافز أو معالجته بمعلومات عن الذات، ويتم تنظيم المعلومات المتعلقة بالذات بدرجة عالية في الذاكرة؛ وذلك لأن الناس كثيرًا ما يستخدمونها ويضيفون إليها معلوماتهم عن أنفسهم.

لذلك تصبح المعلومات المشفرة فيما يتعلق بالذات جزءًا من بنية معرفية عالية التنظيم، ومنها تتمثل فائدة ترميز شيء ما فيما يتعلق بهيكل المعرفة المنظم في أن المعلومات الجديدة يتم ترميزها بشكل أكثر كفاءة وفعالية، مما قد يؤدي إلى سهولة الاسترجاع والتعرف بالنفس أكثر، حيث تجه الأفراد أيضًا إلى التفكير بعمق في المفاهيم التي تتعلق بالذات، لذلك عندما يُطلب من الناس التفكير في الكلمات المتعلقة بالذات، فإن هذه الكلمات تستفيد من تشفير أعمق وتكون أكثر تفصيلاً وترابطًا ودمجًا في الذاكرة.

فحص أحد الامتدادات لتأثير المرجع الذاتي ما إذا كانت الذاكرة بعد الأحكام المرجعية الذاتية تختلف عن الأحكام المرجعية الأخرى وهل تصف هذه الكلمة شخصًا آخر؟ حيث تتفوق الذاكرة المرجعية الذاتية على الذاكرة المرجعية الأخرى عندما يُطلب من الأشخاص تقييم ما إذا كانت الكلمات تصف شخصًا غير معروف جيدًا أي هل تصف هذه الكلمة مجرب الدراسة؟ وتتناقص ميزة الذاكرة للتشفير الذاتي الشخصي، ولكن لا يتم التخلص منها إذا صنف الناس ما إذا كانت الكلمات تصف شخصًا آخر حميمًا مثل هل تصف هذه الكلمة والدة شخص معين؟ والتي قد تكون خصائصها جيدة التنظيم ومفصلة في الذاكرة.

خلفية وتاريخ مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس

نُشر أول بحث عن مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس في عام 1977، كان البحث النفسي في ذلك الوقت مهتمًا بشكل خاص بكيفية تنظيم معلومات الشخصية في أذهان الناس، وشرع كارل روجرز وزملاؤه في توسيع نطاق عمل وبحوث حول عمق المعالجة للمعلومات في مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس، حيث يشير عمق منظور المعالجة إلى أن أنواعًا معينة من المعلومات تتم معالجتها بشكل أعمق، أو بطريقة أكثر تفصيلاً، من الأنواع الأخرى من المعلومات.

على سبيل المثال يتم تذكر الكلمات بشكل أفضل عندما يُطلب من الأشخاص التفكير فيها بطريقة دلالية من خلال التساؤل في هل تعني الكلمة نفس الشيء مثل كلمة أخرى؟ أكثر من عندما يُطلب من الأشخاص التفكير فيها صوتيًا في التساؤل بهل كلمة قافية مع كلمة أخرى ؟ ولا يتم تذكرها كثيرًا إذا طُلب من الناس التفكير فيها بطريقة هيكلية بالتساؤل في هل الكلمة مكتوبة بأحرف كبيرة؟.

تختلف هذه التعليمات الثلاثة في عمق المعالجة المطلوبة لإصدار الحكم حيث يتطلب الأمر مزيدًا من المعالجة لإصدار أحكام حول معنى الكلمة مقارنة بالصوت أو بنية الكلمة، ومنها تكون ذاكرة الكلمات أضعف عندما يكون عمق المعالجة أقل، حيث افترض كارل روجرز وزملاؤه أن التشفير الذاتي المرجعي سيتضمن معالجة أعمق من التشفير الدلالي وسيؤدي إلى ذاكرة أفضل للكلمات، حيث تم دعم البحث النفسي هذه الفرضية وبالتالي دعم فكرة أن معرفة الذات تم تمثيلها بشكل فريد في الذاكرة.

الفروق الفردية في مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس

من بين الأشخاص الذين أعطوا تعليمات الإحالة الذاتية في مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس يُظهر البحث النفسي باستمرار تحيزًا في الذاكرة للكلمات التي يصنفونها على أنها تشبه نفسها مثل القول تصفني هذه الكلمة، مقارنة بالكلمات التي يصنفها الناس على أنها مختلفة عن أنفسهم أي أن هذه الكلمة لا تصفني، حيث يشير هذا إلى أن مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس يكون أقوى بالنسبة للسمات التي يؤيدها الناس بالفعل عن أنفسهم.

تؤكد دراسات المتابعة في البحوث النفسية هذا التحيز في مجموعات ومواقف مختلفة لوحظ فيها مفهوم تأثير المرجع الذاتي في علم النفس، على سبيل المثال يُظهر الأفراد المكتئبين ذاكرة متزايدة لصفات الاكتئاب، وأظهر الأفراد غير المكتئبين ذاكرة متزايدة لصفات غير مكتئبة، حيث يمكن أن يُظهر الأشخاص الذين حصلوا على ملاحظات الفشل تأثيرًا مرجعيًا ذاتيًا أكبر للسمات السلبية، في حين أن أولئك الذين حصلوا على ملاحظات النجاح قد يظهرون تأثيرًا مرجعيًا ذاتيًا أكبر للسمات الإيجابية.

يختلف الناس أيضًا في الدرجة التي يفكرون بها بشكل مزمن في العالم بطرق مرجعية ذاتية، حيث أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الوعي الذاتي الخاص هم أكثر عرضة من أولئك الذين لا يتمتعون بالوعي الذاتي الخاص للتفكير في العالم من حيث الذات الشخصية.

والأشخاص الذين يتمتعون بوعي ذاتي منخفض هم أقل عرضة لإظهار تأثير المرجع الذاتي مقارنةً بجميع الأشخاص ذوي الوعي الذاتي العالي، وبالمثل فإن المواقف التي يعاني فيها الأشخاص من وعي ذاتي منخفض مثل الأشخاص ذوي السلوكيات السلبية تقلل من احتمالية الترميز الذاتي المرجعي وبالتالي تأثير المرجع الذاتي، والأشخاص ذوي الوعي الذاتي المنخفض هم أقل عرضة لإظهار تأثير المرجع الذاتي مقارنة بالأشخاص ذوي الوعي الذاتي المرتفع.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: