إن المقصد من الأسرة المسلمة هي إنشاء أسرة مرتبطة بهدف مشترك، والعيش في سبيل الله تعالى هو أفضل هدف حقيقي يمكن للمرء أن يعيش من أجله، وإلا ستكون الحياة بلا معنى، لا معنى للحياة بدون الروحانية، قال الله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”، 56، الذاريات، ويجب أن يتأثر اختيار شريك الحياة بهذه القاعدة، فرفيقة الروح هي رفيقة الهدف، ويجب أن ينمو الزوجان اللذان يشتركان في نفس الهدف للبقاء معًا.
مقصد الأسرة المسلمة
الأسرة المنقسمة في الهدف قد لا تنمو أو تبقى معًا، ولهذا حرم الإسلام على المسلمين في بعض الحالات الزواج من غير المسلم، وينصح بشدة بالزواج من المسلمين المؤمنين حتى لو كانوا عبيداً، قال تعالى: “وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ”، سورة البقرة، الآية 221.
إن الزواج من مسلمة مؤمنة يساعد في تحقيق الهدف الإسلامي في الحفاظ على الإسلام في الأجيال القادمة، ومن أفضل الإنجازات في الحياة الحفاظ على الإسلام في سلالة الأبناء، وغالبًا ما يتمسك الأطفال من آباء مسلمين بالإسلام، بينما دائمًا ما يتم الخلط بين الأطفال من العائلات متعددة الأديان أو ينتهي بهم الأمر إلى أن يصبحوا مُلحدين أو متشككين.
كما أوصى القرآن الكريم بالزواج فقط من العفيفين والأبرياء وليس الفاسقين، قال الله تعالى: “الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ”، النور، 26.
ويؤدي الهدف المقسم إلى تقسيم المصالح ويؤدي تقسيم المصالح إلى تقسيم الأهداف والحجج، ويحمل الهدف المنقسم بعض درجات الاستياء التي قد تضرب على المدى الطويل أساس ومقصد الزواج، والأسرة التي تأسست على أساس العيش في سبيل الله هي الأسرة المثالية التي تلبي مقصد الأسرة المسلمة، لأن الهدف الأسمى في الحياة هو عبادة الله تعالى والنضال لبلوغ النعيم الأبدي في الجنة الآخرة.
ولذلك فإن الطريقة المثلى لاختيار الزوج لتطبيق مقصد الأسرة هي مراعاة الاستقامة الأخلاقية والالتزام الديني والقدرة المالية والنسب الصالح، قال صلى الله عليه وسلم: “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”، الحديث صحيح.
الهدف من إنشاء أسرة مسلمة
تأتي النية قبل أي عمل، ينبغي أن تكون النية الصحيحة للمسلم في الزواج هي العبادة الخالصة لله تعالى، الزواج في الإسلام هو نصف الدين، الزواج على هدى الله تعالى وبركاته، عندما يقصد من الزواج عبادة الله تعالى، فمن المرجح أن يخشى الزوجان الله تعالى في سلوكهم وسيكافأ على حسن سلوكهم.
وفي الأسر لم يفت الأوان أبدًا لتصحيح ما كان يجب أن تكون عليه، فيجب أن يحدد هدف للأسر، ويحدد هدفًا وعلى جميع الأسر السعي وراء هذا الهدف بإصرار حتى يبارك الله تعالى فيها، يجب أن يحاول الزوجان أيضًا الاهتمام بما يثير اهتمام الآخر من أجل تقوية الرابطة بينهما.
الأسرة المسلمة السليمة في مقصدها هي الأسرة التي أرادها الله تعالى للبشر، الزواج أمر يستمر مدى الحياة ويجب أن يسترشد به المرء في الحياة على هدى الله تعالى وتعاليمه، وغالبًا ما يعتمد مستوى النجاح في الحياة على الموقف والانضباط الذاتي؛ لأن الجهل والظلم من أكبر عوامل الفساد في الإنسان.
والكثير من الأزواج لا يتعلمون أي شيء عن حقوقهم وواجباتهم في الزواج، ولا يذهبون للاستشارة أو يكتسبون المعرفة حول العلاقات الشخصية ومبادئ حل النزاعات، فهم مشغولون بالتحضير لحفل الزفاف، وهو حدث ليوم واحد، وينسون الاستعداد للزواج وهو حدث يستمر مدى الحياة، وهذا أحد أسباب فشل الزواج.
ويجب بناء زواج على أساس متين وهو بناءه على مرضاة الله تعالى فقط، وإن تأسيس الزواج على رضا الله هو البداية لأسرة سليمة تطبق شرع الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي النهاية نستنتج أن الزواج من أجل الزواج فقط هو مخالف لتوجيهات الله تعالى، وهو قانون غير المسلمين، الذي لا يجب على المسلمين إخضاع أنفسهم له، ويجب البحث والاعتماد على اختيار الشريك في المستقبل على أساس صحيح سليم، وليس على أساس المادة وغيرها من الأمور لتطبيق مقصد الشريعة من تكوين الأسرة المسلمة.
قال صلى الله عليه وسلم: “إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ”، رواه البخاري ومسلم.