منهاج منتسوري للطفل في المجتمع والعالم

اقرأ في هذا المقال


يزود منهاج منتسوري للطفل في المجتمع والعالم والتي أسستها ماريا منتسوري القارئ بفهم حي ودقيق لنظريات وأساليب عمل أهم في النظام التربوي في القرن العشرين، بالإضافة إلى ذلك فإن تدريس الطفل والوعي البيئي والمسؤولية العالمية يكمن في صميم التعليم الكوني لمنتسوري.

منهاج منتسوري للطفل في المجتمع والعالم

إن نظام الدكتورة ماريا منتسوري نظام تعليمي فردي، أي يقوم باستعمال التعلم الذاتي عن طريق الاستكشاف، ويتكون من استخدام الحواس الخمسة، ويهتم بالطفل في المجتمع وفي العالم.

لكن الطفل واعي لنوع آخر من التعلم والعمل يكون مصدره في الحياة نفسها، وإذا كان صحيحًا أن الإنسان لا يحتاج إلى العمل ليعيش أو لم يعمل من أجل إيجاد وسيلة للحصول على ما يكفي من المال للحصول على المأكل والملبس لنفسه ولأسرته.

فإن هذا الرجل سيعمل بنفس الطريقة؛ لأن الإنسان يعمل لأنه يتنفس ولأنه شكل من أشكال الحياة اليومية، وبدون عمل لن يكون الإنسان قادرًا على العيش دون أن يصاب بالمرض والشيخوخة، وهذا هو السبب في أن العمل هو أحد أساسيات الوجود والحياة، ويتم حث الرجال على العمل بسبب حاجة أعلى من غريزة الحفاظ على الذات، والرجل الذي لم يعد يعمل لنفسه بل مع أسرته هو الرجل الذي يقوم بعمل العالم العظيم والكبير.

ومن سمات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات إنه يكاد يكون من المستحيل تعليمهم، إذا لا يمكن للأطفال في هذا العمر أن يأخذوا من المعلم، لذلك يعتبرون أصغر من أن يذهبوا إلى المدرسة وبالتالي لا يبدأ التعليم حتى سن 6 سنوات.

ومن السمات الأخرى لهذا العصر أن الأطفال يعرفون ويفهمون الكثير، وإنهم مليئون بالمعرفة، وقد يبدو هذا تناقضًا لكن الحقيقة هي أن هؤلاء الأطفال يجب أن يأخذوا المعرفة بأنفسهم من البيئة، ويجب أن يُعطى الطفل الاسترخاء من التوجيه المستمر للكبار، لذلك يتم توفير لهم البيئة المناسبة والاسترخاء والتحرر من الأوامر.

وهذا علاج غير مباشر، كما إنه ليس تصحيح الفرد بل الإعداد لحياة جديدة، وهذا شيء لم يكن لدى الأطفال من قبل، وحتى في أفخم وأغنى المنازل، وحتى في القصر يتم إيجاد الأطفال قد أنزلوا إلى حضانة غامضة.

تعليم منتسوري ومنهجها الثقافي والسلام

يعد تعليم منتسوري فريدًا ورائدًا من حيث إنه يشتمل على التربية الثقافية وتعليم السلام، ومنذ أكثر من مائة عام كتبت الدكتورة ماريا منتسوري “الطفل هو الأمل والوعد للبشرية في نفس الوقت، ويكتسب أطفال منتسوري رؤية للعالم منذ صغرهم”.

حيث يبدأ الأطفال في إدراك أنهم جزء من مجتمع أكبر، وكان هدف ماريا منتسوري هو تعزيز التفاهم العالمي والسلام الدولي، ويبدأ هذا الفهم بالجغرافيا والدروس الثقافية.

ومن خلال دروس الجغرافيا، يصبح الأطفال على دراية بالمكان الذي يتواجدون فيه في العالم، ويتعلم الأطفال الصغار تعلم القارات والعديد من البلدان وعالمهم يتوسع، وتعرض دروس ثقافة منتسوري الأطفال لأشخاص مختلفين مع ثقافاتهم.

وتتضمن هذه الدروس كيف تكيّف الناس مع المناخات المختلفة ومنازلهم وملابسهم وطعامهم وعاداتهم، ومن خلال الدراسات القارية والثقافية يتعلم الأطفال عن الترابط بين جميع أشكال الحياة على الأرض، وتستمر الرحلة في المناهج الابتدائية مع دروس في التعليم الكوني.

وفي الفصول الدراسية من 3 إلى 6، يستخدم مدرسو منتسوري خرائط القارة والكرات الأرضية بالإضافة إلى الأطالس والصور والكتب لدروسهم الجغرافية والثقافية، فعندما يبلغ الطفل من العمر 3 سنوات يصبح مفتونًا بالكتاب الذي كان بعنوان الأطفال مثلي تماماً.

وتضمنت كل صفحة صورة لطفل وكيف كانت حياته في بلده، مع صور عائلته ومدرسته وأطعمته وألعابه المفضلة، وهذا الكتاب وخرائط منتسوري مستوحاة من اهتمام الطفل بمعرفة المزيد عن العالم.

أهمية وجود كتب وملصقات في الفصل الدراسي لمنهاج منتسوري

كما توفر منتسوري للأطفال الصغار فرصة فريدة، والتعرض المبكر لمفهوم أن الأطفال حول الكلمة مختلفون ولكنهم متشابهون، ويدرك مدرس منتسوري أهمية وجود كتب وملصقات متعددة الثقافات في الفصل الدراسي.

والاحتفالات الثقافية هي جزء منتظم من الفصول الدراسية منتسوري، حيث يتم تكريم والاحتفال برأس السنة الجديدة والعيد ورمضان وغيرها من الاحتفالات، ويرحب المعلمون بالآباء للمشاركة من خلال التطوع لمشاركة بعض تقاليدهم الثقافية.

ويقوم الآباء بقراءة الكتب أو تعليم بعض الكلمات بلغتهم أو شرح بعض تقاليدهم باستخدام الأشياء أو الصور، ويأتي الآباء الآخرون بالطعام التقليدي للمشاركة، ويساعد الآباء أيضًا في الإشراف على المشاريع الفنية الخاصة، ويتمتع الأطفال بفرصة تجربة الملابس التقليدية وتناول وجبات خفيفة لذيذة.

وتعلم دروس السلام كرسائل الاحترام والتقدير بشكل مباشر، ويستخدم الأطفال سلّة السلام أو طاولة السلام لحل النزاعات، وتحتوي سلّة السلام التي تُستخدم في الفصل الدراسي على كرة صغيرة وزهرة وجرس.

والطفل الذي يحمل الكرة يعبر عن وجهة نظره، باستخدام رسائل أنا، ويخبر الطفل الطفل الآخر بما يشعر به، وبعد ذلك يقوم الأطفال بتمرير الزهرة لبعضهم البعض، مما يدل على استعدادهم لصنع السلام، وأخيرًا يقرعون الجرس للإشارة إلى أن المشكلة قد تم حلها، ومن خلال الاستماع إلى وجهة نظر طفل آخر، يبدأ الطفل في تنمية التعاطف مع الآخرين.

ويتعلم الأطفال كيفية حل النزاعات سلمياً في الملعب أيضًا، وتعزز مهارات حل النزاعات هذه الاستقلال والثقة بالنفس لدى الأطفال، ويتم تعلم المهارات الحياتية الهامة ومهارات الاتصال مثل الاستماع والتعاطف وحل المشكلات والتفاوض والتسامح كل يوم في العطلة، ودور معلم منتسوري في الملعب هو الملاحظة والإرشاد، تمامًا كما هو الحال في الفصل.

كانت الدكتورة ماريا منتسوري من أوائل المعلمين الذين أدركوا العلاقة بين رؤية والاستجابة للجمال الجوهري وحب الأطفال، وقدرتهم على إظهار أعظم إمكاناتهم ومواهبهم، ولقد أنشأت نموذجًا تعليميًا قائمًا على هذا الإدراك.

وللتثقيف من أجل السلام الدائم يجب أن يتم البدء منذ الولادة مع الطفل، حيث يأتي الأطفال إلى هذا العالم بحب نقي أو نور في قلوبهم وفطرة سليمة، وعندما يتم التعرف على هذا الحب وينعكس عليهم باستمرار في حياتهم، ويكونون قادرين على تطوير إمكاناتهم الكاملة ويصبحوا مواطنين مسؤولين ويؤدون دورهم في العالم.

هذا هو السبب في رؤية الدكتورة ماريا منتسوري الطفل هو الأمل والمستقبل للبشرية، وهذه الرسالة في الوقت المناسب اليوم، كما كانت في السنوات الأخيرة، وهذه الرسالة تعطي الأمل، كما إنه يعزز التزامها بتعليم منتسوري الذي يجعلها تدرك أن معلمي منتسوري الذين يعملون مع الأطفال الصغار، لديهم واحدة من أهم الوظائف على وجه الأرض.


شارك المقالة: