ما هو علم النفس الفرويدي؟

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علم النفس من أهم العلوم والدراسات الأكاديميّة التي تهتم بدراسة سلوك الفرد وإدراكه، ذلك يتم من خلال استخدام آليات استنباطيّةٍ محددة، يمكن أن يطبّق هذا العلم في بعض الأحيان على الحيوانات وبعض الأنظمة الذكيّة وكل ما يرتبط بعلم النفس والإنسان؛ فإنّه لا يقتصر على سلوك الإنسان فقط، بل يتضمّن مشاكله وحياته اليوميّة وعلاج أمراضه العقليّة.
يعرّف علم النفس بأنّه أحد الدراسات العلميّةٌ لسلوكات كافةً الكائنات وخصوصاً الإنسان؛ ذلك من أجل فهمه وتفسيره والتحكّم بتصرّفاته والتنبّؤ بها، أصبح هذا العلم في أحد أهمّ العلوم الحياتيّة؛ حيث تندرج ضمنه فروعٌ وأقسامٌ متعددة حديثاً ولم يتمّ التوسّع فيه قديماً.

ما هو علم النفس الفرويدي؟

ظهر علم النفس الفرويدي من العالم النفسي سيغموند فرويد، الذي يعتبر أبا التحليل النفسي، كما أنّه أسس مجال العلاج بالكلام، تعد مقاربات التحليل النفسية للعلاج في الوقت الحالي من الوسائل التي تؤخذ من المبادئ الفرويدية، اشتهرت نظريات فرويد للعقل اللاواعي والأحلام والرغبة الجنسية، كذلك الكبت والانتقال؛ فكلها مستمرة في التأثير على مجال علم النفس بدرجات متفاوتة.
لا تزال مفاهيم سيغموند فرويد موجودة في خيال الأشخاص، كما أنّ أعماله تعتبر جزء مهم من تاريخ علم النفس، مع تطور علم النفس والعلاج النفسي الذي اخترعه فرويد، كذلك مع تأكيده الشديد على علاقة المريض والطبيب انحدر من القمة، أفكاره الرئيسية مثل مفهومه حول اللاوعي، قد أسقطها العلماء لصعوبتها أو إستحالة إختبارها، بالرّغم من ذلك، استمر علماء النفس بإيجاد الحكمة والمعنى في مفاهيم فرويد، مثل الإسقاط والآليات الدفاعية الأخرى.

أفكار فرويد المؤثرة في علم النفس إلى اليوم:

اللاوعي:

لا يزال التعمق في اللاوعي من الخطوات المهمة جداً تجاه معرفة أصدق بالسلوك البشري، اكتشف فرويد أنّ ما مِن شيء يُسمى حادثة أو صدفة، كما اكتشف كيف أنّ المشاعر والأفكار والدوافع والأمنيات والأحداث التي قد تبدو عشوائية، تحمل معاني خفية، يشير الكاتب إلى زلات اللسان التي يسميها علماء النفس زلَّة فرويدية؛ التي تدلنا على أهمية المعاني الباطنة للأشياء التي نقولها ونفعلها.
بمعنًى آخر لو حدث ونسي الشخص مفتاحه في شقة شخص آخر بالصدفة، فأغلب الظن أنه دون وعي، تركها بهدف الرجوع إلى الشقة رغبةً في رؤية الشخص مرة أخرى، بدايةً من الأحلام والزلَّات الفرويدية وحتى التداعي الحر، لا يزال التعمق في اللاوعي بغرض تحرير الرغبات أو الصدمات أو الدوافع المنسية المحرمة، خطوةً شديدة الأهمية تجاه معرفة أصدق بالسلوك البشري.

الغريزة الجنسية:

وُجد أنّ تحليل فرويد للنفس البشرية لها علاقة بالغريزة الجنسية، حتى لو حاول الأشخاص إنكار الأمر، فالجنس هو الدافع الأول والقاسم الذي يشترك بين البشر في رأي فرويد، إلّا أنّ الشعور الشديد بالخجل والاشمئزاز من تلك المبادئ الداروينية البدائية، التي أدت إلى تقدم الإنسان على سائر المخلوقات الحية، جعل الأشخاص يبذلون وقت كبير في إنكار هذا الجانب المظلم من حياتهم، فحتى أكثر الأشخاص حكمةً وتزمت يعاني بشدة من محاولات هزم شهوته وشهيته الجنسية.
إنّ رغبة واحدة أدت لفضائح هزت عرش الفاتيكان والكنائس الأصولية وكثير من المشاهير وهي الرّغبة الجنسية، قام فرويد بمراقبة هذا النضال الشهواني في كلٍّ من الرجال والنساء خلال العصر الفيكتوري، فاستطاع بسهولة استنتاج نظرياته من هنا.

كل جزء من جسم الإنسان مثير جنسياً:

لا يمكن أن تحدد المتعة الجنسية بالاتصال الجنسي، بالرّغم من أنّه حتى اليوم يواجهون الأشخاص صعوبات في تقبل هذا، كان فرويد يعلم أن الإنسان كائن جنسية من البداية، كما رأى في انجذاب الرضيع إلى ثدي أمه انعكاس لرغبة جنسية مضمرة، فقال أنّه ليس باستطاعة أحد أن لا يربط بين تعبير وجه الرضيع وقد نال كفايته من صدر أمه وهو مستلقي على ظهره ووجنتاه حمراوان وعلى شفتيه ابتسامة راضية، كذلك بين التعبير الذي يرتسم على وجه الشخص إثر إشباع رغبته الجنسية.

التفكير أحد أشكال التمنِّي:

كشف فرويد أنّ عملية التفكير التي تشمل التمنّي والتخيل مُرضية بحد ذاتها، كما أكد المعالجون والمحللون النفسيون أنّ التخيل يكون في بعض الأحيان أكثر إشباع عقليً وجسدي من تحقيق الفعل نفسه، استفاد علماء الأعصاب من نظرية فرويد التي تشرح محاولات الإنسان في تخيل الأشياء قبل تحقيقها، ليس غريباً أن لا ترتقي متعة تحقيق الأشياء إلى متعة تخيلها وإضفاء التفاصيل الخاصة عليها.
يقول فرويد أنّ الكلام يجعلنا أصحاء نفسياً، حتى لو كان العلاج وفق طرق فرويد أو أي نوع آخر من العلاج بالكلام، فالكلام يساعد على تقليل العلامات العاطفية والقلق، كما أنّه يحرر العقل من قيوده، يمكن للتأمل والعلاج المختصر أن يؤثر في تخفيف الأعراض، إلا أن العلاج بالكلام يشمل أداة مهمّة وهي العلاقة العلاجية التي تنشأ بين المريض والمعالِج.

آليات الدفاع:

يعتبر مصطلح آليات الدفاع من الأجزاء التي لا يمكن تجزيئها عن الفهم البديهي لسلوك الإنسان، لذلك أصبح الأشخاص ينظون إليه باعتباره أمر مسلَّم به، فقد ظوّر فرويد هذه النظرية بمساعدة الأنا، فآليات الدفاع استراتيجيات نفسية يأتي بها العقل الباطن بهدف التلاعب بالأفكار أو الإنكار أو تشويه الواقع، ذلك من أجل حماية نفسه من مشاعر القلق والدوافع غير المقبولة، كذلك من بين جميع أنواع آليات الدفاع التي صاغها فرويد، مثل القمع والتبرير والإسقاط، يُعد الإنكار أشهرها.
يعتبر الإنكار الرفض الصريح لإدراك أنّ شيء معين قد حدث بالفعل أو يحدث في الوقت الحالي أو حتى الاعتراف به، يمكن للإنكار أن يكون شخصيًّا، مثل إنكار الإدمان أو إنكار تجربة حياتية مؤلمة، لكن بإمكانه كذلك أن يتخذ شكل أكثر عموماً، مثل إنكار ظاهرة علمية أو اجتماعية أو ثقافية، كإنكار حدوث التغير المناخي أو إنكار حدوث مذابح الهولوكوست.

الماضي يؤثر في الحاضر:

يبدو أنّ هذا بديهي للجميع في الوقت الحالي، لكن قبل مئة سنة حين تعرّف فرويد على هذه الحقيقة؛ فاليوم تساهم الكثير من نظريات فرويد بما يخص النمو في مرحلة الطفولة وآثار ما اختبره الإنسان في سنواته المبكرة على سلوكه الحالي في مساعدة وعلاج المرضى ممَّن يتورطون في أنماط سلوكية مكررة ومعادة تسيطر على حياتهم.

التنمية:

كان فرويد يرى أنّ الإنسان هو العدو الحقيقي لنفسه، كما أنّ الحضارة الإنسانية سوف تتدهور إذا لم يتحسّن سلوك الأشخاص تجاه بعضهم، فالحياة السليمة تقوم بالاعتماد على التكيف والوقوف أمام ما نواجهه من تغير في حياتنا وكل ما حولنا باستمرار، ورغم أنّ كل مرحلة جديدة تمثل تحدي بالنسبة لنا، فهي توفر لنا الفرص كذلك لإعادة تقييم أهدافنا وقيمنا الشخصية.

المصدر: علم النفس العام، هاني يحيى نصريعلم النفس، محمد حسن غانمعلم النفس، د.قدري حنفي


شارك المقالة: