جغرافية نهر النيل

اقرأ في هذا المقال


ما هي جغرافية نهر النيل؟

لا توجد منطقة داخل حوض النيل تقريباً تشهد مناخاً استوائياً حقيقياً أو نوعاً حقيقياً من مناخ البحر الأبيض المتوسط، في حين أن حوض النيل في السودان ومصر غير ممطر خلال فصل الشتاء الشمالي، تتعرض الأجزاء الجنوبية والمرتفعات في إثيوبيا لأمطار غزيرة، حيث تكون أكثر من 60 بوصة (1520 ملم)، وخلال الصيف الشمالي، وتقع معظم المنطقة تحت تأثير الرياح التجارية الشمالية الشرقية بين شهري أكتوبر ومايو، ممَّا يؤدي إلى الجفاف السائد في معظم الحوض.
تم العثور على المناخات الاستوائية مع هطول الأمطار الموزعة بشكل جيد في أجزاء من منطقة بحيرات شرق أفريقيا وجنوب غرب إثيوبيا، وفي منطقة البحيرة يوجد اختلاف طفيف على مدار العام في متوسط ​​درجة الحرارة، والذي يتراوح من 60 إلى 80 درجة فهرنهايت (16 إلى 27 درجة مئوية) اعتماداً على الموقع والارتفاع، وإن الرطوبة النسبية، والتي تختلف بشكل مشابه، تبلغ حوالي 80 بالمائة في المتوسط.
تسود ظروف مناخية مماثلة على الأجزاء الغربية والجنوبية من جنوب السودان، والتي تتلقى ما يصل إلى 50 بوصة من الأمطار موزعة على فترة تسعة أشهر (مارس إلى نوفمبر)، الحد الأقصى يحدث في أغسطس، حيث تصل الرطوبة إلى أعلى مستوياتها في ذروة موسم الأمطار وتصل إلى مستواها المنخفض بين شهري يناير ومارس، كما يتم تسجيل درجات الحرارة القصوى خلال موسم الجفاف (من ديسمبر إلى فبراير)، والحد الأدنى يحدث في يوليو وأغسطس.
وإلى الشمال يصبح موسم الأمطار أقصر وتقل كمية الأمطار، كما يقتصر موسم الأمطار، الذي يحدث في الجنوب من أبريل إلى أكتوبر، على يوليو وأغسطس في جنوب وسط السودان، حيث يمكن تمييز ثلاثة مواسم، أولها هو الشتاء اللطيف والبارد والجاف، والذي يحدث من ديسمبر إلى فبراير، ويتبع ذلك طقس حار وجاف جداً من مارس إلى يونيو.
ويتبع ذلك بدوره فترة ممطرة ساخنة من يوليو إلى أكتوبر، وتحدث درجة الحرارة الدنيا في يناير والأقصى في مايو أو يونيو، عندما ترتفع إلى المتوسط ​​اليومي 105 درجة فهرنهايت (41 درجة مئوية) في الخرطوم، وتحدث هطول الأمطار سنوياً حوالي 10 بوصات فقط في منطقة الجزيرة (بين نهري النيل الأبيض والأزرق)، مقارنة بأكثر من 21 بوصة في داكار والسنغال، التي تقع على نفس خط العرض.
وفي شمال الخرطوم أقل من خمس بوصات من الأمطار سنوياً، وهي كمية غير كافية للتسوية الدائمة، وفي شهري يونيو ويوليو تزور مناطق من السودان بشكل متكرر زخات مطر تحمل خلالها الرياح العاتية كميات كبيرة من الرمال والأتربة، وتُسمَّى هذه العواصف التي تستمر من ثلاث إلى أربع ساعات بـ (haboobs).
يوجد مناخ صحراوي في معظم ما تبقى من المنطقة الواقعة شمال البحر الأبيض المتوسط والخصائص الرئيسية لشمال السودان وصحراء مصر هي الجفاف والجو الجاف، وكذلك نطاق درجات الحرارة الموسمي والنهاري الكبير في صعيد مصر، وغالباً ما تتجاوز درجات الحرارة 100 درجة فهرنهايت (38 درجة مئوية)، في أسوان على سبيل المثال، متوسط ​​الحد الأقصى اليومي في يونيو هو 117 درجة فهرنهايت (47 درجة مئوية)، وتنخفض درجات الحرارة في فصل الشتاء إلى الشمال.
كما أن مصر لديها ما يمكن تسميته بموسم الشتاء، والذي يحدث من نوفمبر إلى مارس، عندما تكون درجة الحرارة القصوى اليومية في القاهرة من 68 إلى 75 درجة فهرنهايت (20 إلى 24 درجة مئوية) والحد الأدنى ليلاً هو حوالي 50 درجة فهرنهايت (10 درجة مئوية)، كما أن هطول الأمطار في مصر هو من أصل البحر الأبيض المتوسط ​​ويسقط في الغالب في فصل الشتاء، وتتناقص الكمية باتجاه الجنوب.
ومن ثماني بوصات على الساحل ينخفض ​​تدريجياً إلى ما يزيد قليلاً عن بوصة في القاهرة وأقل من شبر واحد في صعيد مصر، وخلال فصل الربيع من مارس إلى يونيو تتحرك المنخفضات من الصحراء أو على طول الساحل شرقاً، ممَّا يتسبب في رياح جنوبية جافة، وممَّا يؤدي أحياناً إلى حالة تُسمَّى خمسين، وهذه عواصف رملية أو عواصف ترابية يصبح خلالها الجو ضبابياً، ففي بعض الأحيان قد تستمر لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وفي نهايتها يمكن ملاحظة ظاهرة الشمس (الزرقاء).
ظل الارتفاع الدوري لنهر النيل لغزاً لم يُحل حتى اكتشاف دور المناطق الاستوائية في نظامه، وفي الواقع كان هناك القليل من المعرفة التفصيلية حول هيدرولوجيا النيل قبل القرن العشرين، باستثناء السجلات المبكرة لمستوى النهر التي صنعها المصريون القدماء بمساعدة مقاييس النيل (مقاييس تشكلت بواسطة مقاييس متدرجة مقطوعة في الصخور الطبيعية أو في جدران حجرية) ، وبعضها لا يزال قائماً اليوم، ومع ذلك لا يوجد نهر آخر بحجم مماثل له نظام معروف جيداً.

تصريف نهر النيل:

يتم قياس تصريف التيار الرئيسي وكذلك الروافد بانتظام، حيث يتضخم نهر النيل في الصيف، وتتزايد الفيضانات نتيجة الأمطار الاستوائية الغزيرة في إثيوبيا، وفي جنوب السودان يبدأ الفيضان في وقت مبكر من أبريل، لكن التأثير لم يتم الشعور به في أسوان ومصر حتى يوليو، ثم تبدأ المياه في الارتفاع وتستمر في الارتفاع طوال شهري أغسطس وسبتمبر، ويحدث الحد الأقصى في منتصف سبتمبر.
وفي القاهرة الحد الأقصى يتأخر حتى أكتوبر، ثم ينخفض ​​مستوى النهر بسرعة خلال شهري نوفمبر وديسمبر، ومن مارس إلى مايو يكون مستوى النهر في أدنى مستوياته، على الرغم من أن الفيضان هو ظاهرة عادية إلى حد ما، إلا أنه يختلف أحياناً في الحجم والتاريخ، فقبل أن يكون من الممكن تنظيم النهر، أدت سنوات من الفيضانات المرتفعة أو المنخفضة (لا سيما سلسلة من هذه السنوات) إلى فشل المحاصيل والمجاعة والمرض.
يمكن عمل تقدير لمساهمة البحيرات والروافد المختلفة في فيضان النيل، تشكل بحيرة فيكتوريا أول خزان طبيعي كبير لنظام النيل، ويتوازن هطول الأمطار الغزيرة فوق البحيرة تقريباً عن طريق التبخر السطحي، ويتدفق التدفق من البحيرة بحوالي 812 مليار قدم مكعب (23 مليار متر مكعب)، وفي الغالب من الأنهار التي تصب فيها، ولا سيما نهر كاجيرا.
ثم تتدفق هذه المياه عبر نهر فيكتوريا إلى بحيرة كيوجا، حيث يوجد القليل من الخسائر الصافية للمياه، ثم إلى بحيرة ألبرت، المياه المفقودة عن طريق التبخر أكثر من متوازنة من خلال هطول الأمطار على البحيرة والتدفق من الجداول الأصغر الأخرى، ولا سيما سيمليكي، وبالتالي فإن التدفق السنوي من بحيرة ألبرت إلى نهر الجبل يبلغ حوالي 918 مليار قدم مكعب.
بالإضافة إلى المياه التي تتلقاها من البحيرات الكبرى، فإن الروافد الغزيرة لجبل الجبل تزوده بما يقرب من 20 في المائة من مياهه، ويختلف تصريف الجبل قليلاً على مدار العام بسبب التأثير التنظيمي للمستنقعات والبحيرات الكبيرة في منطقة السد، كما يُفقد ما يقرب من نصف مياهه في هذه المرحلة عن طريق التسرب والتبخر، لكن تدفق نهر السوباط إلى التيار الرئيسي عند منبع ملكال يكاد يعوض عن الخسارة.
ويوفر النيل الأبيض إمداداً منتظماً بالمياه على مدار العام، وخلال شهري أبريل ومايو، عندما يكون التيار الرئيسي عند أدنى مستوى له، يأتي أكثر من 80 في المائة من مياهه من النيل الأبيض، ويحصل النيل الأبيض على مياهه بكميات متساوية تقريباً من مصدرين رئيسيين، فالمصدر الأول هو هطول الأمطار على هضبة شرق أفريقيا في الصيف الماضي.
المصدر الثاني هو تصريف جنوب غرب إثيوبيا عبر السوبات (يساهم بشكل رئيسي في مجاريها ، بارو وبيبور) الذي يدخل التيار الرئيسي أسفل السد، ويعتبر الفيضان السنوي لمياه السوبات، نتيجة لأمطار الصيف الإثيوبي مسؤولاً إلى حد كبير عن التغيرات في مستوى النيل الأبيض، وتبدأ الأمطار التي تضخم الوادي العلوي في أبريل وتتسبب في غمر واسع النطاق على مسافة 200 ميل من السهول التي يمر النهر من خلالها، ممَّا يؤخر وصول مياه الأمطار في مجراه السفلي حتى نوفمبر وديسمبر.
تصل كميات صغيرة نسبياً من الطين الذي يحمله فيضان السوباط إلى النيل الأبيض والنيل الأزرق، لأهم ثلاثة أثرياء إثيوبيين، يلعب دوراً ساحقاً في جلب فيضان النيل إلى مصر، حيث يستقبل في السودان رافدين – الرهد والدندر – وكلاهما ينشأ أيضًا من إثيوبيا، كما يتميز نظام النيل الأزرق عن نظام النيل الأبيض بالسرعة التي يمر بها مياه الفيضان إلى المجرى الرئيسي.
ويبدأ منسوب النهر في الارتفاع في يونيو ويصل إلى أقصى مستوى في الخرطوم في الأسبوع الأول من سبتمبر، فيسحب نهر عطبرة مياه الفيضان من الأمطار على الجزء الشمالي من الهضبة الإثيوبية، وكذلك النيل الأزرق، بينما تحدث فيضانات النهرين في نفس الوقت، فإن النيل الأزرق هو تيار دائم، بينما ينكمش عطبرة إلى سلسلة من البرك في موسم الجفاف.
تسبب تضخم النيل الأزرق في وصول أول مياه فيضانات إلى وسط السودان في مايو، حيث تم الوصول إلى الحد الأقصى في أغسطس، وبعد ذلك ينخفض ​​المستوى مرة أخرى، ويبلغ متوسط ​​الارتفاع في الخرطوم أكثر من 20 قدماً، وعندما يغمر النيل الأزرق فإنه يعيق مياه النيل الأبيض، ويحولها إلى بحيرة واسعة ويؤخر تدفقها، ويزيد سد جبل الأولياء جنوب الخرطوم من تأثير البرك.
وذروة الفيضان لا تدخل بحيرة ناصر حتى أواخر يوليو أو أغسطس، عندما يرتفع متوسط ​​التدفق اليومي من النيل إلى حوالي 25.1 مليار قدم مكعب، ومن هذا المبلغ يمثل النيل الأزرق ما يقرب من 70 في المائة، عطبرة أكثر من 20 في المائة، النيل الأبيض 10 في المائة، وفي أوائل شهر مايو ينخفض ​​التدفق إلى الحد الأدنى، حيث أن إجمالي التفريغ 1.6 مليار قدم مكعب في اليوم يأتي بشكل رئيسي من النيل الأبيض والباقي من النيل الأزرق.
وفي المتوسط، يأتي حوالي 85 في المائة من المياه في بحيرة ناصر من الهضبة الإثيوبية، والباقي يساهم به نظام بحيرة شرق أفريقيا، تتمتع بحيرة ناصر بسعة تخزين هائلة (أكثر من 40 ميلًا مكعبًا) أي (حوالي 168 كيلومترًا مكعبًا)، وعلى الرغم من أن محتوى الخزان يختلف باختلاف حجم الفيضان السنوي عند المنبع، نظراً لوقوعها في منطقة شديدة الحرارة والجافة، يمكن أن تفقد بحيرة ناصر ما يصل إلى 10 في المائة من حجمها للتبخر سنوياً عندما تكون ممتلئة، وتنخفض إلى حوالي ثلث هذه الكمية عندما تكون بأدنى سعة.


شارك المقالة: