العلاج الوظيفي واللعب

اقرأ في هذا المقال


العلاج الوظيفي واللعب:

في عالم اليوم سريع الخطى، أصبحت أفكار والت ديزني أكثر ملاءمة للبالغين والأطفال. ومن بعض النواحي، يبدو أن المجتمع يتجاهل أهمية اللعب، لأنه من خلال اللعب نحافظ على صحة العقل والجسم وننمي العلاقات الاجتماعية ونتعرف على أنفسنا والعالم من حولنا. حيث يلعب المعالجون المهنيون دورًا مهمًا في مساعدة الأطفال والعائلات على تبني قيمة اللعب طوال حياتهم.

اللعب هو الطريقة التي يتعلم بها الطفل ما لا يستطيع أحد أن يعلمه إياه. إنها الطريقة التي يستكشف بها ويوجه نفسه للعالم الفعلي للمكان والزمان والأشياء والحيوانات والهياكل والأشخاص. ومن خلال اللعب يتعلم أن يعيش في عالم رمزي من المعاني والقيم والسعي التقدمي لتحقيق أهداف مؤجلة وفي نفس الوقت يستكشف ويجرب ويتعلم بطريقته الفردية.

من خلال اللعب، يمارس الطفل ويتدرب بلا نهاية على الأنماط المعقدة والدقيقة للحياة البشرية والتواصل، والتي يجب عليه إتقانها إذا كان يريد أن يصبح بالغًا مشاركًا في منطقة الحياة الاجتماعية، وقد تم تحديد اللعب كإحدى المهن الأساسية التي يشارك فيها الناس.

يعرّف الباحثون اللعب بأنه “أي نشاط عفوي أو منظم يوفر المتعة أو الترفيه أو التسلية أو التحويل” و “موقف أو نمط خبرة يتضمن دافعًا جوهريًا وتأكيدًا على العملية بدلاً من المنتج والداخلية بدلاً من تحكم خارجي، بالإضافة إلى أنه عنصر التظاهر، يحدث في بيئة آمنة وغير مهددة مع عقوبات اجتماعية”.

هناك جانبان من اللعب: علم اللعب، حيث يعتبر اللعب جانبًا حاسمًا من جوانب التنمية البشرية التي تستحق الدراسة الجادة وفن اللعب الذي يلعب فيه المعالج والطفل، حيث يوجد بهجة ومتعة والحرية. ويحتاج المعالجون المهنيون إلى المعرفة والمهارة في كلا الجانبين ومن أجل تسهيل المرح في الطفل، يجب على المعالج المهني أن يكون مرحًا بنفسه أو نفسها. يصف هذا المقال اللعب على أنه مهنة الطفل من منظور تاريخي ويحدد السمات المميزة للعب في مختلف الأعمار، يشرح استخدام اللعب في تقييم العلاج المهني والتدخل  ويقترح أن يدافع ممارسو العلاج المهني عن فرص لعب الأطفال في مجتمع اليوم.

نظريات اللعب:

كمجال، فإن مهنة العلاج الوظيفي قد بنيت على عمل تخصصات أخرى، مثل علم النفس والأنثروبولوجيا، في محاولة لمعالجة الطبيعة المهنية للعب كما هو الحال مع المهن الأخرى، يمكن تفسير شغل اللعب من خلال ركائز الشكل والوظيفة والمعنى والسياق: كنشاط له خصائص معينة (على سبيل المثال، شكله، بما في ذلك متطلبات ومنتجات المهارات الحركية) أو كظاهرة تطورية تساهم في نمو الطفل وثقافته (أي وظيفته، بما في ذلك الأغراض والعمليات والتجارب) أو كتجربة أو حالة ذهنية (أي معناها، بما في ذلك ما يحفز أو يرضي الفرد).

اللعب، مثل أي نشاط آخر، يحدث في سياق يشير إلى بيئات الفرد والعناصر الشخصية والمادية والاجتماعية لكل بيئة.

شكل اللعب:

يصف العديد من منظري اللعب اللعب على أنه فئات من الأنشطة التي يشارك فيها الأطفال وقد تشمل هذه الأنشطة مثل الألعاب والبناء والتشييد واللعب الاجتماعي والتخيل واللعب الحسي واللعب الرمزي أو الدرامي والرياضات الجماعية و اللعب الرقمي. كما تتغير أنشطة لعب الأطفال بمرور الوقت وتعكس تطورهم، وكذلك استجابة للتغيرات في اهتماماتهم وقدراتهم والمعايير المجتمعية.

يسود اللعب الحسي الحركي والاستكشافي في مرحلة الطفولة حيث يطور الأطفال إتقان أجسادهم ويتعلمون تأثير أفعالهم على الأشياء والأشخاص في البيئة. كما يبلغ ذروتها في اللعب الحسي في السنة الثانية من العمر ثم تنخفض ويستمر الأطفال في استخدام اللعب الحسي عندما يتعلمون مهارات حركية جديدة.

يبدأ اللعب الاستكشافي في مرحلة الطفولة وبحلول نهاية السنة الأولى، يستكشف الأطفال محيطهم بنشاط ويظهرون بداية فهم السبب والنتيجة ويهتمون بكيفية عمل الأشياء، في السنة الثانية، يتمحور اللعب حول الجمع بين الأشياء ومعرفة معناها. ويبدأ الأطفال في تصنيف الأشياء وتطوير الهدف في أفعالهم وينخفض ​​اللعب الاستكشافي تدريجياً خلال سنوات ما قبل المدرسة، لكنه يظهر مرة أخرى عندما يتعلم الطفل مهارات جديدة.

اللعب البناء له نتائج يمكن تحديدها ويسود خلال سنوات ما قبل المدرسة، كما يظهر في أنشطة مثل صندوق الحماية واللغز ولعب الطاولة. ويظل اللعب البناء عالياً أثناء الطفولة المتوسطة والمراهقة ولكنه يصبح أكثر تجريدية، كما قد تتطور إلى الفنون والحرف اليدوية.

يتطور اللعب الرمزي والتظاهر في نهاية السنة الأولى وحتى الثانية ويبلغ ذروته في حوالي 5 سنوات من العمر ويتطور إلى مسرحية درامية واجتماعية درامية. وتشكل هذه الألعاب التي يمكن تصديقها الأساس للتنظيم الذاتي والكياسة والتعاطف وتعزز قدرة الطفل على الإبداع والمرونة المعرفية. بالإضافة إلى أن اللعب اللغوي مثل الألغاز أو الرموز السرية. كما أن التلفزيون والكمبيوتر وألعاب الفيديو والأفلام هي أيضًا طرق للانخراط في اللعب الخيالي.

يبدأ اللعب الاجتماعي في وقت مبكر جدًا بالتفاعل بين الرضيع والوالد وبحلول سن 3 سنوات يكون الأطفال قادرين على المشاركة في ألعاب اجتماعية معقدة. كما يستخدم الأطفال لعب الأدوار للتعرف على الأنظمة الاجتماعية والأعراف الثقافية. ويوصف غارفي أربعة أنواع من الأدوار التي تظهر في اللعب الجماعي:

  • الأدوار الوظيفية، مثل التظاهر بأنك طبيب أو باريستا.
  •  الأدوار العلائقية، مثل التظاهر بالأم والطفل.
  •  أدوار الشخصيات، مثل أدوار التلفزيون والأفلام وألعاب الفيديو.
  • الأدوار التي ليس لها هوية محددة، كما يتطور اللعب الاجتماعي المقترن باللعب الحركي إلى لعب خشن مثل اللعب أو القتال بالوسادة أو المصارعة.

الألعاب ذات القواعد تعلم الأطفال التناوب والشروع في التفاعلات الاجتماعية والحفاظ عليها وإنهائها. هذا النوع من اللعب هو السائد خلال سنوات المدرسة، اللعب الاجتماعي والألعاب ذات القواعد تتأثر بشكل خاص بالثقافة. كما تغيرت البيئات المادية المتاحة للعب ومجموعات الأقران وأنواع اللعب التي يشجعها الآباء حيث أصبح مجتمعنا أكثر تحضرًا و “مواعيد اللعب” بالإضافة إلى ذلك، زاد أيضًا “وقت الشاشة” مع وقت اللعب وتم تحديده على أنه نشاط وقت الفراغ الأساسي ومن المقدر أنه في أمريكا الشمالية، الأطفال فوق سن 2 في المتوسط 13 ساعة في الأسبوع من تشغيل ألعاب الفيديو.

يهتم المراهقون بالاستقلالية والتفاعل الاجتماعي في أدوار الكبار، هذه فترة انتقالية حيث تؤثر الالتزامات والوقت المتاح للعب والتغييرات والتحسينات في الاهتمامات والأسرة وضغوط الأقران على نشاط المراهقين. في دراسة أجراها الباحثون كان النشاط الفردي الأكثر شيوعًا للمراهقين هو التنشئة الاجتماعية.

ثانيًا كان التلفزيون والثالث كان الرياضة والألعاب والهوايات والقراءة والموسيقى. في الآونة الأخيرة، احتل “وقت الشاشة” (التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية لألعاب الفيديو) مركز الصدارة في أوقات فراغ المراهقين والتفاعل الاجتماعي حيث يتفاعل المراهقون مع بعضهم البعض افتراضيًا على هواتفهم ومن خلال بوابات الألعاب عبر الإنترنت.

يغير انتشار التكنولوجيا الرقمية الطريقة التي يتعلم بها الأطفال ويلعبونها ويمزج بين اللعب الجسدي والاجتماعي والرقمي للأطفال من جميع الأعمار، كما حدد معهد (Lego Learning Institute) ستة مجالات لعب تختلف اختلافًا واضحًا عن الأجيال السابقة من الأطفال، بما في ذلك:

  • المشاركة: من المرجح أن يشارك الأطفال في إنشاء الأفكار بوتيرة سريعة مقابل البناء الفردي. ويمكن مشاهدة هذا اللعب في ألعاب الفيديو مثل (Minecraft) التي يتم لعبها على (X-Box Live) مع الأصدقاء.
  • الهويات المتغيرة: الحدود بين “ملكي” و “لك” غير واضحة. حيث تعد منصات صناعة الأفلام وتحرير الفيديو أمثلة على عدم وضوح الحدود في المجال الرقمي.
  • عبور الحدود: يتنقل الأطفال بين العالمين الافتراضي والمادي باستمرار، مما يؤدي إلى رؤية أكثر عالمية للعالم. كما تسمح الألعاب مثل Skylanders للأطفال بدمج الألعاب عبر الإنترنت مع الشخصيات المادية التي يمكنهم توصيلها بالآخرين في أي مكان في العالم.
  • معرفة القراءة والكتابة خارج الطباعة: يشارك الأطفال في قراءة وكتابة أكثر نشاطًا من خلال عمليات مثل “التخصيص” و “وضع العلامات” ويستخدمون وسائط المزج والمطابقة بدلاً من الإنشاء. كما تجعل القارئات الإلكترونية والعديد من التطبيقات من جذب الشباب للقراءة والإنشاء على الأجهزة الرقمية التي يمكنهم حملها في أي مكان.
  • ثقافة الألعاب: يتوقع الأطفال أن تكون عوالمهم متسامحة ومتجاوبة، بحيث يمكنهم دائمًا الضغط على زر “تراجع”. ويمكن للطفل الذي تم تفجير شخصية (Lego Star Wars) الخاصة به إعادة الشخصية إلى الحياة.
  • ثقافة (Bricoleur): الأطفال حريصون على الاختراق والتعديل والبرمجة وإعادة التدوير، كما يتيح انتشار الروبوتات وفرص البرمجة للأطفال أن يصبحوا مهندسين.

مع استمرار المجتمع في تبني التكنولوجيا الرقمية، يمكن للمعالجين المهنيين تضمين اللعب الهادف باستخدام الوسائط الرقمية والأجهزة اللوحية وألعاب الكمبيوتر والشبكات الاجتماعية الافتراضية في جلسات التدخل. كما يمكن القول إن اللعب يسهل رؤيته، ولكن يصعب تحديده، وقد وجد العلماء أن هذا صحيح على مر السنين حيث حاول الكثيرون تصنيف اللعب حسب قوائم السمات وأنواع معينة من اللعب.

حتى الآن، لم يحدد علماء اللعب خاصية واحدة مشتركة بين جميع أنواع اللعب، لكنهم اقترحوا العديد من الصفات أو الخصائص التي تميز اللعب عن غير اللعب. تتضمن هذه الخصائص الدافع الذاتي (ينخرط الطفل في اللعب برغبته الخاصة) وتعليق الواقع (الطفل يهرب إلى خياله بالكامل) وموقع التحكم الداخلي (اللعب موجه للأطفال) و أن تكون عفويًا وممتعًا ومرنًا وممتصًا تمامًا وهدفًا بحد ذاته وغير حرفي وصعب.

في الآونة الأخيرة، اقترح الباحثون مجموعة من خمسة معايير أساسية يجب أن يفي بها السلوك من أجل أن يتم تحديده بثقة على أنه لعب داخل أي نوع أو ثقافة والتي تتبنى الصفات والخصائص التي حددها العلماء السابقون ولكن يمكن أن توفر المزيد من الإيجاز طريقة تحديد اللعب ضمن العلاج الوظيفي. وتشمل هذه:

  •  السلوك غير وظيفي بشكل كامل ضمن السياق الذي يتم تنفيذه (اللعب هو غاية في حد ذاته).
  • السلوك عفوي أو تطوعي أو مجزي أو ممتع (ممتع وذو دوافع ذاتية).
  • يختلف السلوك عن السلوكيات الأخرى في الشكل أو التوقيت (على سبيل المثال، قد يحدث السلوك فقط في مرحلة الطفولة أو قد يكون مبالغًا فيه للغاية).
  •  تكرار السلوك، ولكن ليس بشكل صارم (مرن).
  • يبدأ السلوك عندما يكون المرء مسترخيًا وفي غياب الضغط (يمتص تمامًا).

شارك المقالة: